قانون القتل العَمْد رقم 49 لعام 1980م
د.محمد بسام يوسف*
القانون رقم 49 لعام 1980م، صفحة حالكة في سِجِلٍّ أسود، لأنّ هذا القانون القاتل، قَتَل أول ما قَتَل: إنسانيةَ الإنسان، والفطرةَ الإنسانية السليمة، وكلَ معاني الحق والعدل والخير، وأبسطَ حقوق الإنسان.. لذلك لا بد أن يقف كل حُرٍّ بوجه هذا القانون الذي يُقَنِّن القتل العَمْد، ولا بد للسوريين أن يشمُخُوا بوجه أصحابه كلهم: مَنْ سَنّ، ومَن حرّض، ومَن تواطأ، ومَن نفَّذ، ومَن استمرّ في غَيّه وعدوانه السافر على الحياة حتى اليوم!..
الذين أصدروا وصمةَ العار في السابع من تموز عام 1980م وسَمُّوها قانوناً.. كانوا مُنسَجِمين مع أنفسهم وجِبِلَّتهم، فهم لم يستمروا إلا بالإرهاب والقتل وسفك الدم.. وقد تسلّقوا، وحكموا، وتسلّطوا، واستبدّوا، واضطهدوا، وقمعوا.. وأمعنوا بهدر الدم، وليس أرخص لديهم من دماء أبناء الشعب السوريّ!..
القانون رقم 49، هو قانون مستمَدٌّ من شِرعة الغاب لأنه يسترخص النفس الإنسانية.. وإلا ما معنى أن يحكمَ أصحابه على مَن يخالفهم الرأي.. بالقتل؟!.. وأي شريعةٍ إنسانيةٍ تُبيحُ للحاكم أن يهدرَ دم أبناء شعبه، لمجرّد انتمائهم السياسي أو العَقديّ أو الحزبيّ أو الفكريّ؟!.. ولماذا سكتتْ كلُ القوى العالمية على أصحاب هذه الجريمة البشعة المقنَّنة المستمرة منذ تسعةٍ وعشرين عاماً حتى هذه اللحظة؟!.. وأي تاريخٍ أسود سيمنح صفحاته للقتلة، الذين أزهقوا أرواح ألوفِ الناس، وما يزالون يزهقون المزيدَ منها في القرن الحادي والعشرين، تنفيذاً لقانونٍ همجيٍّ فُرِضَ في ليلةٍ ظلماء؟!..
لا يمكن إلا أن يقفَ الإنسان الحرّ بوجه قانون القتل العمد رقم 49، وهي دعوة لكلَّ أحرار العالَم، للوقوف بوجهه، واستنكاره، والأخذ على أيدي مُقتَرفيه، لتمزيقه، وإسقاطه.. ولإعادة الاعتبار للإنسانية المنتهَكَة، حتى يعودَ الإنسان إنساناً، ويعودَ البشرُ بشراً، وتعودَ سورية وطناً لكل أبنائها، ومَلاذاً لكل أحرارها وحرائرها، وحلقةً متميّزةً في سلسلة الحضارة الإنسانية المحترَمَة، التي لطّخها المتخلِّفون.. بالعار والشنار والأخلاق الهولاكية البائدة!..
*عضو مؤسِّس في رابطة أدباء الشام