قضايا ساخنة، ورؤية إسلامية (2)
قضايا ساخنة، ورؤية إسلامية (2)
د.محمد بسام يوسف
(5)
يبحثون في مصير العرب المهاجرين إلى أفغانستان
مَن أُطلِق عليهم اسم : (الأفغان العرب) ، هم المجاهدون المخلصون من الشباب العربيّ الذين لم يذهبوا إلى أفغانستان إلا للجهاد في سبيل الله ، ضد الكفار والظالمين الذين لم يوفّروا وسيلةً للإبادة إلا ارتكبوها بحق المسلمين هناك .. وهم يعلمون أن المجاهد المسلم لا مصير له إلا أحد أمرين : النصر ، أو الشهادة في سبيل الله ، فمن سيستشهد منهم له الجنة بإذن الله ، ومن بقي على قيد الحياة سيمضي ليكمل الطريق الذي بدأه مع رفاق دربه ، غير آبهٍ إلى الإرجاف الذي يتّبعه أعداء الإسلام والمسلمين ، من الأميركان والصليبيين ، الذين شاهدنا وشاهد العالم كله جرائمهم البشعة ، التي لم يحصل مثلها حتى على يد المجرمين العتاة من مثل هولاكو وجنكيز خان ونيرون و.. ، فمثل هؤلاء المجاهدين لا تهزّهم الأراجيف والافتراءات والأكاذيب ، التي هي جزء من الحرب النفسية ، التي يشنّها الصليبيون وأذنابهم وعملاؤهم !.. المجاهدون لا يأبهون بكل ما تلوكه ألسنة الكفر وأبواقها ، من الذين دأبوا على محاولات تشويه سمعتهم ، ثم ارتدوا ثوب الحكماء متظاهرين بأنهم يرغبون في حل مشكلات أولئك الشباب مع عائلاتهم وأُسَرِهم ، فبعد أن فتحوا لهم باب الهجرة للجهاد في سبيل الله على مصراعيه ليتخلّصوا منهم ومن تأثيرهم على مجتمعاتهم .. اتهموهم بالإرهاب ، وصوّروهم للعالَم بأنهم من أشدّ الأخطار على دولهم الأصلية ومجتمعاتهم ، بل على الإنسانية ، فأوصدوا أمامهم أبواب العودة إلى أوطانهم ، ثم بعد أن شنّوا عليهم حربهم الظالمة الشعواء تحت راية الصليب ، واكتشفوا بأسهم وحبّهم للاستشهاد في سبيل الله .. بدؤوا يتحدّثون عن الرأفة بهم ، ويُنظّرون لحل مشكلاتهم ، وأخذت وسائل الإعلام التي تديرها الصهيونية وينفخ فيها الصليبيون الحاقدون .. تتحدث على مدار الساعة عن الحل الأمثل لأوضاع المجاهدين : هل هو في عودتهم إلى أوطانهم ، أم في تسفيرهم إلى دولٍ أخرى محايدة ، أم .. وأم .. ، وهم في حقيقة الأمر يفعلون ذلك لحل مشكلة أميركة والغرب وليس مشكلة المجاهدين المصطنعة ، لأن المجاهدين الذين بذلوا نفوسهم رخيصةً في سبيل الله عز وجل ، ما يزالون يشكّلون خطراً داهماً عليهم وعلى مؤامراتهم ، وما تزال الأراجيف تُحاك في مكائن الصهاينة والصليبيين من غير جدوى ، لأنّ المجاهدين المسلمين شعارهم قول الله عز وجل في محكم التنـزيل :
( الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ )
(آل عمران:173)
(6)
هل مقاتلو طالبان والقاعدة أسرى حرب ؟!..
من حملات التضليل الوقحة التي تقودها أميركة ، تلك الإشكالية التي صنعها الأميركيون مجرمو الحرب العتاة ، وحاولوا إقناع العالَم بها بوقاحةٍ وسذاجة !.. وهي أنّ مقاتلي القاعدة وطالبان الذين وقعوا في الأسر خلال العمليات العدوانية الحربية الأميركية .. ليسوا أسرى حرب ، ولا تنطبق عليهم المعاهدات الدولية الخاصة بأسرى الحرب وحقوق الإنسان !.. وذلك لتبرير المجازر الجماعية التي ارتكبتها القوات الأميركية الغازية لأفغانستان ، ولتبرير الأساليب الوحشية الهمجية التي ارتكبتها أميركة وما تزال ترتكبها بحق أسرى الحرب في (غوانتانامو) .
إنّ حملة التضليل الأميركية بشأن حقوق الأسير ، هي من الهشاشة بحيث إنّ أميركة ستدفع مقابل تضليلها وجرائمها الحربية ثمناً باهظاً سيكون أحد عوامل فنائها ، وستدفع ثمناً عظيماً على المستوى الأخلاقيّ .
فإذا لم يكن الرجال الذين وقعوا في الأسر خلال معارك حربيةٍ أسرى حرب ، فماذا يكونون إذن ؟!.. لقد شنّت أميركة حرباً ضروساً على أفغانستان ، وقاومت الحكومة الأفغانية الغزو الأميركيّ ، وراح ضحايا من الطرفين ، ووقع جنود بالأسر ، فهم أسرى حرب .. والعلّة في ذلك أنهم كانوا يدافعون عن بلدهم خلال معارك حربية ، وليس أنهم يشكّلون جيشاً نظامياً أم غير نظاميٍ كما تحاول أبواق الغرب تصويره للعالَم !.. فإذا ما اعتدت دولة على بلدي ، وقاتلها جيشنا الوطني ، والمواطنون من خارج الجيش النظاميّ ، وراح أسرى من هؤلاء وأولئك ، فهل المواطن المدافع عن وطنه لا يُعتَبَر أسيراً ؟!.. وهل يقبل عقل أو دولة بهذه التخريفات في القرن الحادي والعشرين ؟!.. لماذا تصرّ أميركة على التضليل والكذب والعودة بالعالَم إلى عصور الانحطاط والتخلّف ، ثم تدّعي الحضارة وحقوق الإنسان والأخلاق والحرية والديمقراطية ؟!.. وأخيراً ماذا لو خُطِف بعض الأميركيين من غير الجيش الأميركي وعومِلوا بالمثل ؟!..
إنّ أميركة ستكون الخاسر الأكبر من هذا السلوك الشاذّ ، وهي بذلك تستعدي العالَم كله على الأميركيين ، والمواطن الأميركيّ هو بذلك ضحية حكّامه المتخبّطين .
(7)
يزعمون أنهم يعمّرون أفغانستان ، ثم يسألون : مَن المنتفع من إعمار أفغانستان ؟!..
يوهم الإعلام الغربيّ والأميركيّ العالَم ، بأن الغرب حريص على إعمار أفغانستان ، وحريص على نشر الأمن فيها ، وحريص على تخليصها من أعدائها المجاهدين ، لتنعم بالاستقرار والأمان والحرية والرخاء والازدهار!.. وذلك لإخفاء الحقيقة الكبرى التي تمثّل الأسباب الحقيقية لغزو أفغانستان المسلمة !.. فأي استقرارٍ هذا الذي يتحدّثون عنه ، وقد بدأت الفصائل الأفغانية المتناحرة الكثيرة تتصارع ويقع قتلى وجرحى من كل الأطراف ؟!.. وهذه أفغانستان قد عادت إلى عهود الفوضى والاقتتال والسلب والنهب والتهريب ، وزراعة المخدرات والاتجار بها .. وهذه كابول العاصمة قد فقدت الأمان والاستقرار .. وهذه .. وهذه !.. فالغرب لا يريد لأفغانستان الاستقرار ، وإنّ المرحلة القادمة من عملية احتلالها ستكون إضرام الغرب نار العداوة والبغضاء بين أهلها وفصائلها وقبائلها ، لينشغلوا ببعضهم ، فيما أميركة تمضي في مخططاتها لاستغلال الثروات والغاز والنفط ، ولممارسة العدوان على المسلمين .. أما هذا الذي نشهده من مزاعم الدعم الغربيّ لإعادة إعمار أفغانستان فهو حبر على ورق ، عدا بعض الدريهمات التي تقدم رشاوى للحكومة العميلة للغرب .. فمزاعم إعادة الإعمار خدعة غربية جديدة بدعوى مكشوفة ، كتلك الخدعة التي بموجبها دمّر الغرب ذلك البلد بدعوى مكافحة الإرهاب .. فالغرب الذي يدمّر لا يمكن أن يعمّر ، وتدمير الشعوب صفة أصيلة في الغرب المعتدي العنصريّ المحتلّ ، وهذه هي الحقيقة .
(8)
أميركة تهدّد دول العالَم وترهبها باسم مكافحة الإرهاب
إذا كانت أميركة صادقة بأنها تحارب الإرهاب ، فعليها أن تحارب إسرائيل قبل أن تحارب أحداً في هذا العالَم ، وهذا طبعاً لا يمكن أن يحصل .. أميركة تمارس أبشع أشكال الإرهاب ، وتدعمه ، بدعمها غير المحدود لإسرائيل وللإرهابيّ شارون ، وبتوعّدها وتهديدها لحركات المقاومة المشروعة للاحتلال .. إذن : أميركة تكذب بشكلٍ فاضحٍ وساذج ، لأنها تمارس سياسةً بعيدةً عن الأخلاق ، هي سياسة الغطرسة والقوّة ، التي ساقتها لممارسة الإرهاب الحقيقيّ ، ولتدمير دولةٍ وتقتيل شعبٍ وتشريده في العراق وأفغانستان .. فالسياسة الأميركية الحالية تقوم على ركنين أساسيين : حماية إسرائيل الإرهابية ، واستغلال ثروات الشعوب ونهبها والهيمنة عليها والتدخل السافر في شؤونها .. وإذا اقتضت هذه السياسة الظالمة شنّ هجومٍ على أي دولةٍ في العالَم الإسلاميّ ، فلن تتردد أميركة بفعل ذلك في الوقت المناسب !.. للتغطية على عجز إدارة الشرّ الأميركية وفشلها في مكافحة ما يسمى بالإرهاب، وعلى فضائحها الاقتصادية المعروفة ، التي تسبب لبوش الصغير ولأركان إدارته الصداع الدائم !..
(9)
الحج والتعبير عن الآراء السياسية
يُعتَبَر الحج مؤتمراً عاماً للمسلمين ، وهو أفضل وسيلةٍ تجمعهم وتقرِّب بينهم وبين وجهات نظرهم ، ولا يحق لأحدٍ من البشر كائناً مَن كان ، أن يفرّغ فريضة الحج ومناسبتها من محتواها وفضائلها ، والذين يفعلون ذلك إنما يفعلونه بأمر أميركة وتوجيهاتها التي طالت حتى التعليم الإسلامي والتربية الدينية ، وامتدت لتشمل حتى دعاء الحرمين الشريفين ، وذلك يكشف زيف الجعجعة المصطنَعَة بين بعض الأنظمة وأميركة ، فكل هؤلاء في الحقيقة متحالفون بقوّة ، وعملية منع الحجيج من التعبير عن آرائهم تأتي وفق هذا السياق المعادي للإسلام والمسلمين .. ومن واجب الحكومة السعودية اتخاذ كل الإجراءات لضمان سلامة الحجيج ، ولكن ليس من حقها أن ترسم لهم بالمسطرة كيف يكون الدعاء ، وكيف يتم التعارف وتبادل الآراء ، وكيف تُبَثّ الشجون ، وكيف يتّفق المسلمون على مقاومة الهجمة الغربية على الإسلام .. إنهم بإجراءاتهم القمعية هذه يخشون على أنفسهم وليس على الحجيج ، وهم في ذلك يقومون بمهمة تشكيل الظل الأميركي في أقدس أرضٍ للمسلمين !..
يتبع إن شاء الله