خطاب مفتوح إلى اليهود العرب وغير العرب( في فلسطين وخارجها)

عبدالله خليل شبيب

خطاب مفتوح إلى اليهود العرب وغير العرب( في فلسطين وخارجها)

عبدالله خليل شبيب

          نحن لا نعادي اليهود لأنهم يهود مع علمنا اليقيني بعداوتهم الشديدة لنا وحقدهم علينا .. ومع معرفتنا بما في التوراة من تعليمات الحقد واستئصال الآخر ..

ومع ذلك عاملناهم كأهل كتاب لهم – بموجب نصوصنا المقدسة والمرعية – معاملة خاصة وأولوية في الرعاية ..وقد فتح رسولنا صلى الله عليه وسلم ذراعيه لهم حينما انتقل إلى المدينة وأسس الدولة الإسلامية وكتب دستورها الأول في وثيقة المدينة ونص على أنهم جزء من المجتمع لهم ما لغيرهم وعليهم ما على غيرهم وخصوصا في أعباء الدفاع المشترك والديات وما يتعلق بها وحفظ لكل مجموعة منهم علاقاتهم مع القبائل المسلمة ولم يفسخ الاتفاقات بينهم وأقرهم على دينهم ( للمسلمين دينهم ولليهود دينهم ) .

   وصبر الرسول صلى الله عليه وسلم على دسائسهم ومؤامراتهم ومحاولاتهم المتكررة للإفساد والفتنة والتشكيك والتشويه؛ ولم يؤاخذهم بذلك – واكتفى القرآن بمناقشة افتراءاتهم والرد عليها ( كما حصل حين تحويل القبلة مثلا،  وغير ذلك) إلى أن جنوا على أنفسهم ونقضوا العهود وخرقوا الاتفاقات وقاموا بالاعتداء على المسلمين والمسلمات والتآمر لقتل النبي صلى الله عليه وسلم ،وتحالفوا مع الأعداء المهاجمين للمدينة بدلا من أن يقفوا مع المسلمين ضدهم ويساهموا في الدفاع عن دولة المدينة – كما نصت صحيفة المدينة الآنفة الذكر -  حينذاك كان لا بد من إيقافهم عند حدهم ودرء خطرهم بالوسائل المناسبة كما تفعل كل دولة تحترم نفسها وتحرص على سلامة كيانها ومواطنيها . 

   عدا عن ذلك فإن اليهود قد تعرضوا للاضطهاد والذبح والتشريد – على مدى التاريخ من الرومان وغيرهم ومن جميع ا لدول الأوروبية في العصور الوسطى ولم يجدوا لهم ملاذا آمنا إلا في ظل الدولة الإسلامية والسلطات الإسلامية سواء في إسبانيا ( الأندلس ) أو الدولة العثمانية أو العباسية أو غيرها.

   ثم يبدو أن اليهود فد نسوا أو تناسوا كل ذلك التسامح والإكرام والحماية والإحسان وأخذوا في التآمر على من أحسن إليهم حتى أنتجت مؤامراتهم – هم وحلفاؤهم أو مضيفوهم الذين أرادوا التخلص من دسائسهم وشرورهم وسيطرتهم- أنتجت دولة مسخا غير طبيعية وغير منسجمة مع محيطها – ولن تكون – بالرغم من كل مؤامرات التطبيع والتطويع ..إلخ ؛  بل كان ذلك ( المسخ المشوه= ما يسمونه دولة إسرائيل) بؤرة للشرور والتآمر والعدوان والفساد والإفساد في المنطقة وفي العالم .

اليهود العرب!:

    وحينما قامت الدولة اليهودية – بمؤامرة دولية – بعد تمهيد نحو ثلاثين سنة من سلطات الانتداب البريطاني في فلسطين التي كانت تلك مهمتها الرئيسية ودورها من الانتداب على الأرض المقدسة بدلا من المحافظة عليها وعلى أهلها وقدسيتها ؛ولكنها خانت الأمانة – لمؤامرة صليبية صهيونية مبيتة – وتتابعت الاعترافات بالدولة اليهودية من مختلف دول الكفر كل حسب دوره المرسوم ..فهاجر كثير من اليهود إليها من سائر بلاد العالم ومنها البلاد العربية – التي كان من الطبيعي أن يسودها توتر وعداء لكل ما هو يهودي نتيجة المذابح التي ارتكبها الغزاة اليهود ضد أهل البلاد من الفلسطينيين الأبرياء الآمنين .. مما دفع كثيرا من (اليهود العرب) للهجرة إلى الدولة المحتلة الجديدة ليسهموا في تقويتها بشريا وماديا – سواء قصدوا ذلك أم لم يقصدوه   ؛  نعم لقد تعرض بعض اليهود لبعض الأذى وهربوا من المضايقات .. وحصلت عدة عمليات عدوان وتخريب لممتلكاتهم ومعابدهم خصوصا في مصر والعراق – مما دفع معظمهم للهرب من الأذى – مع أنهم كانوا في هذين البلدين بالذات لهم قوة وسيطرة كبيرة في سوق ا لمال والاقتصاد !

ثم ثبت بعد ذلك أن جميع عمليات الاعتداء على اليهود وممتلكاتهم  ومعابدهم – في مصر والعراق بالذات- من فعل المؤامرة اليهودية وان الذي قام بها هم الصهاينة أنفسهم ليدفعوا اليهود العرب – مرغمين – على الهجرة إلى فلسطين؛ تماما كما كانوا ينسقون – عبر المكتب الصهيوني في (شارع شتراوس ببرلين ) مع الجستابو النازي للضغط على اليهود الألمان – وخصوصا الناجحين – ليهاجروا إلى فلسطين.

       وفي حالة  يهود العراق مثلا –  تبين أن اليهودي ( مردخاي بن فورات) كان وراء تنظيم جميع التفجيرات التي حصلت  في معابد اليهود ومصالحهم في العراق ‘ وكان مقربا من كبار إرهابييهم كموشي ديان وبيغن وتولى  منصبا وزاريا في دولة الاحتلال.   

        لقد ساهم كثير من (اليهود العرب ) في إيذاء الفلسطينيين وذبحهم واضطهادهم – وإن كان كثير منهم معادين ( للإشكناز = اليهود الغربيين ) وحاقدين عليهم لدرجة تفضيل العرب عليهم ؛ لقد قال يهودي يمني لمخرج (فيلم وثائقي عن عين كارم – فاز بجوائز في البحرين وتونس ) قال بالحرف الواحد :"إننا – أي اليهود الشرقيين – نفضل أن نعيش تحت أحذية العرب  خير من أن نعيش مع ( هؤلاء الكلاب)" يقصد اليهود الغربيين .!

   ولا زاال كثير من اليهود العرب الذين هاجروا لفلسطين يتمنون العودة إلى ديارهم العربية الأولى ويحنون لذلك. وإن كانت أجيالهم الجديدة قد اندمجت في المجتمع اليهودي وانخرطت في الدولة الصهيونية وكل خطاياها، ولكن التمييز ضدهم – من الغربيين – والاحتقار لا زال قائما.

   وهنالك طوائف من اليهود مثل طائفة ( ناطوري كارتا) – وهم يعدون نحو مليون يهودي في فلسطين وخارجها – لا يعترفون بالدولة اليهودية ولا بما نتج عن قيامها والذين يقيمون منهم بفلسطين – وكثير منهم فلسطينيون كانوا هناك قبل مؤامرة صنع الدولة الصهيونية – يعتبرون السلطة الفلسطينية – حاليا – هي الممثلة لهم – وقبل ذلك – قبل تخلي الأردن عن الضفة الغربية- كانوا يعتبرون االأردن والملك حسين مسؤلا عنهم !

     إننا ندعو أؤلئك اليهود العرب – وخصوصا من تورط منهم بأعمال عدائية وتجسسية ضد  مواطنيهم العرب أن يرتدعوا ويتوبوا ويعملوا على العودة إلى ديارهم الأولى ؛ كما ندعو بلادهم الأصلية العربية – دولا وشعوبا – أن ترحب بهم – إذا تأكدت من صدق توبتهم – وتهيء لهم كل سبل الراحة والإقامة والمواطنة بدون أي تمييز وكمواطنين كما كانوا سابقا.

   إننا نعلم وإنهم يعلمون أن اليهود الذين هاجروا إلى فلسطين من البلاد العربية قد باعوا ممتلكاتهم وقبضوا ثمنها كاملا ولم يُطَرَدوا ويُشَرَّدوا كالشعب الفلسطيني الذي ترك حتى مقتنيات بيوته وفي أحوا ل كثيرة سلب المسلحون اليهود معظم ما حمله اللاجئون وخصوصا من مال ومصاغ! 

       وعليه فإن الحديث عن تعويضات لليهود العرب المغادرين لمواطنهم للمشاركة في اغتصاب فلسطين حديث خرافة وهراء ومحض تزوير وافتراء !

       أما التعويض على اللاجئين والنازحين والمنكوبين الفلسطينيين فهو كحق العودة ثابت لازم لا يغني أحدهما عن الآخر ولا يلغيه ؛ فهما كوجهي العملة الواحدة  متلازمان وواجبان حتميان .

اليهود غير العرب:

أما اليهود غير العرب من الغرباء الغزاة المعتدين المحتلين  فإننا ندعوهم إلى الاستجابة إلى صوت العقل والعدل قبل فوات الأوان ؛ وألاّ يغتروا بالحبال الممدودة إليهم والتي يتعلقون بها ..فإنها توشك أن تتقطع .. فيسقطون في هاوية عميقة لا قرار لها !

   نقول لهم : لا تنخدعوا بالزيف ؛ فإن الزبد مهما علا فهو جفاء لايلبث أن يتبدد ويزول ، وكذلك الدخان مهما علا فهو وهم لامحالة زائل ؛ وهم قد عَلوْا عُلُوًّا كبيرا كما أخبر الله سبحانه عنهم قبل 15قرنا .. ولكن ذلك العلو موقوت ممقوت وبقدر ما يرتفعون سيكون سقوطهم ذريعا مدويا مريعا.. فليخففوا من وقعه – إن شاءوا – وإن كانت لديهم عقلانية ؛ وليكشفوا عن أعينهم حجب الغرور والعُجب فإنه :

ما طار طير وارتفع           إلا كما طار وقع

   فلا يغتروا بكثرة سلاح أو مال أو بدعم من هنا أو من هناك  فإن وعد الله حق ؛ وإن أحبارهم وكهنتهم يعلمون مصيرهم كما نعلم  فليسألوهم – إن كانوا صادقين.

   وليبادر – عقلاؤهم على الأقل إلى التوقف عن تأييد الباطل وممارسته ؛ وليعملوا للعودة إلى بلادهم الأصلية بأسرع ما يمكنهم إذا أرادوا ا لنجاة والنجاح ؛ أما إذا ركبوا رؤوسهم وأصروا على الباطل  فإن عاقبتهم ستكون وخيمة أليمة .

   لقد بات ذلك ضرورة ملحة لإنقاذ البشرية والمنطقة من مزيد من الويلات والمخاطر المرشحة للتضخم والتفاقم حتى تصبح خطرا عالميا حقيقيا داهما لأن  ما بني على الباطل باطل ، والاستمرار في سرقة أوطان الشعوب وحقوقها مستحيل ولن يضيع حق وراءه مطالب ولن يستمر السكوت على ذلك الباطل، ولا بد لدعائم حماية الباطل أن تزول أو تضعف، ولا بد أن يرجع ا لحق إلى أصحابه ؛ فليرجع بدون مزيد من الفواجع وإراقة الدماء ، حفظا للسلام المحلي والعالمي - إن كان هنالك عقلاء!

التكفير عن الجرائم .. وا لتعويض: 

       لم يبق أحد في الكون لم يسمع أو ير المآسي المروعة والنكبات المتلاحقة المنوعة والخسائر الباهظة والآلام المفجعة  التي اجترحها المعتدون اليهود المحتلون لفلسطين في حق أهل البلاد الأصليين – بغير ما ذنب جنوه إلا أن قدرهم أنهم من سكان بقعة مقدسة استراتيجية يطمع فيها الطامعون ويركز عليها المتآمرون .

   وعليه فإن مسؤولية المتسببين في تلك المآسي والخسائر والنكبات  ثابتة مؤكدة ؛ وحق يلزمهم من جميع الوجوه ؛ لا يسقطه تقادم ولا تنازل ؛ وتؤيده كافة الشرائع والمبادئ...

ولذا فإن اليهود – وكل من دعمهم ويدعمهم بدءاً بأغنيائهم الكبار والمؤسسات والشركات التي ابتزوها أو ساعدتهم مختارة؛ وانتهاءً بالدول التي أنشأت كيانهم الباطل ونفخته بالسلاح ومختلف المعونات: كبريطانيا وألمانيا وفرنسا وأمريكا وغيرها وسائر الهيئات و(اللوبيات) التي ساهمت في الجمع لدولة الباطل والترويج لها وحشد التأييد بمختلف الوسائل ...كل أؤلئك وأمثالهم مسؤولون مسؤولية مباشرة عما أشرنا إليه من مآس وجرائم .. ومطالبون – متضامنين أن يستمروا في جهودهم .. ولكن في اتجاه آخر معاكس لمساعدة اليهود على النزوح عن فلسطين ، وأهل البلاد على العودة إليها وتعويضهم عن كل ما أصابهم وعن معاناتهم وحرمانهم من بلادهم كل هذه السنين الطوا ل  وما تخللها من أعمال القتل والترويع، والتدمير والترويع ، والتنكيل والتجويع ، وغير ذلك .

   ولا يقتصر التعويض على الفلسطينيين فقط بل يشمل كل من أصابه شئ بسبب جريمة إقامة الكيان المغتصب لفلسطين .

   ولا بأس أن ينسق تلك الجهود مؤسسة دولية ضخمة وكيان دولي  يتولى جمع وترتيب وتنسيق الجهود وإيصال الحقوق إلى أصحابها وضمان تنفيذها كاملة مهما طال الزمن وبلغت التكاليف وهي بالغة باهظة .. ولا تزال دولة العدوان ُتراكِم ( فواتير ) الجرائم يوما بعد يوم من قتل وأسر وتدمير وتنكيل وتآمر وعدوان ..  وكذلك من يمدونها فهم مسؤولون مساءلون – كل حسب ضلوعه ودوره في الجريمة .. لا يعفي أحداً من مسؤوليته شئ !

   أما الذين يثبت عليهم ارتكاب جرائم القتل أو التسبب فيها عمدا أو المشاركة والتواطؤ أو الأمر بها والتخطيط لها فلا بد أن يلقوا جزاءهم العادل ؛ كما تنص على ذلك كل القوانين والشرائع الدولية والوطنية الأرضية والسماوية.