أي نضال هذا ؟

خليل الصمادي

[email protected]

عضو اتحاد الكتاب والصحفيين الفلسطينيين/ الرياض

لا يفتأ المناضلون القدامى أن يطلوا علينا بين الفينة والأخرى من خلال تلفزيون فلسطين أو بعض المحطات الأخرى ينظِّرون ويبررون ما يقومون به من أعمال يندى لها الجبين وهي الأعمال نفسها التي كانت في قاموسهم السابق  تعد جريمة تستحق الإعدام ، ولكن هذه المرة تأتي أفعالهم الشائنة  تحت مسميات عديدة مثل: تجفيف منابع  الإرهاب، الشرعية الدولية ، الإنقلاب العسكري ، الحلم الفلسطيني ، الوحدة الوطنية ، إمارة حماستان ، خارطة الطريق ، تجميد المستوطنات وما إلى ذلك من تعابير رنانة وغير رنانة تصب  أخيرا في تلميع وجوههم القترة ، أو في محاولة لأخذ غطاء تبريري عما يقومون به من خيانات والتي يسمونها تكتيكات ، والويل والثبور لمن يطلق لفظ الخيانة عليهم فهم مازالوا الثوار والمناضلين والأشاووس  الذين فجروا الثورة ورفعوا لواءها منذ أمد بعيد!! ولولاهم لصرنا في خبر كان !!

لقد انقلبت الأمور وصرنا في عهد الرويبضة كما بشر به رسول الله صلى الله عليه وسلم " ستكون سنوات خداعات ..." فالمجاهد أصبح إرهابيا ، والخائن أصبح مناضلا ، والقذر أصبح نظيفا ، والفاسد أصبح صاحب فضل وتاريخ عريق، وقاطع الطريق أصبح  قائدا ملهما يشار له بالبنان ،وإعطاء الرواتب للمتسيبين وقطعها عن العاملين والشرفاء أصبح حكمة والتزوير ليل نهار أصبح حنكة والتسيق الأمني بل الخنوع الأمني أصبح سياسة لا يرقى لها إلا أصحاب الحظوة الإسرائيلية والأمريكية .

جاء في الأثر : "إذا لم تستحِ فاصنع ما شئت " فها هي  الآن زمرة أوسلو ومن لف لفيفهم لا يستحون مطلقا فهم يصنعون ما يشاؤون يلاحقون الشرفاء بالنيابة عن إسرائيل ويقتلونهم ، ويزجون بالسجون كل حر أبي ويلاحقون النساء والعجزة ، ويتفاخرون بذلك أمام أسيادهم ، ويتهربون عن الإجابة عن ذلك أمام الشعوب العربية فإن سئل عن ذلك يلف ويدور ويهذي ويزخرف قوله بكلمات وطنية ويتحول بقدرة قادر إلى الحديث عن الانقسام الفلسطيني وما جره على الشعب الفلسطيني من ويلات وثبور !!

إنه يكذبون و يكذبون ويكذبون، فبالرغم من إشادة العدو ودايتون بأعمالهم ومن تصريحات بعضهم المشينة فما زالوا يدعون الوطنية ، وكأنهم يعيشون في عالم آخر نسوا أنهم في عالم الإنترنت والفضائيات المتعددة  إن ما تبثه القناة العاشرة الإسرائيلية سرعان ما يترجم ويبث من قناة الأقصى أو غيرها  أو في الشبكة العنكبوتية ،وعندها يصح المثل القائل : " قطعت جهينة خبر كل يقين " ولكنهم ينكرون ويبررون لبعضهم فيقول كبيرهم مثلا : لا أعتقد أن فلان صرح بهذا أو ذاك ، إنهم يتنافخون شرفا ويدعون حب ليلى وهم يقتلونها ويوؤدون أولادها ويسلمون بيتها وعزبتها لمن نكل بها وبأهلها !!

والله لو عبروا عما يقومون به بصراحة لهانت الأمور ولو خرجوا على المحطات التلفازية يصارحون شعوبهم بمخططاتهم  لكان الأمر مختلفا فلو قالوا:  ياجماعة نحن عملاء جاؤوا بنا لننفذ أجندات إسرائيلية وأمريكية حتى نضمن الرواتب للموظفين  لكان الأمر هينا ، أما أنهم يتبجحون ليل نهار بالماضي العريق الذي مرَّ بهم ـ والله أعلم بماضيهم ـ أو أنهم يقلبون الحقائق ويسمون الأسماء بغير مسمياتها فهذا قرف لم يعد ينطلي على أحد من الناس ، أيظنون أن الناس أغبياء إلى هذا الحد ؟ أم أنهم يظنون أنفسهم ما زالوا في عصر الجريدة الواحدة والمذياع الواحد، والتلفاز الأوحد؟ ينفذون مخططات العدو ويكذبون على الناس ويتمجدون بماضيهم العريق ، يزجون بالأحرار في السجون ويطالبون بالأسرى من السجون الإسرائيبلية !! يتبحون على شاشات التلفاز أنهم أحرزوا نصرا وماهذا النصر ؟ إنه فتح مبين سيوقف نتنياهو عن بناء المستوطنات غير القانونية !! والرئيس أوباما في هذه المرة جاد هكذا يبشرون الناس ، ويظنون أن الناس باتوا إلى هذا الحد من السذاجة السياسية والبلاهة الوطنية.

 هل قضية فلسطين اختزلت إلى تفكيك بضع من المستوطنات غير القانونية ؟ أم باتت قضيتنا في رفع الحواجز عن قرى ومدن الضفة ، إنهم يتحدثون وينظرون ولا يتطرقون لحق العودة الذي لا يجرؤ أحد منهم على ذكره ، أو القدس والتي إن تكلموا بها اختزلوها إلى القدس الشرقية ثم إلى القدس الشريف ثم إلى المسجد الأقصى وربما غدا تختزل إلى منبر صلاح الدين فقط!!

ما هذه البطولات الخارقة التي يدعونها ، إنهم لا يجرؤون أن يظهروا في برنامج على الهواء مباشرة من أي محطة محايدة لأنهم يعرفون ما سيلاقونه ، لقد جرب بعضهم الظهور على الجزيرة مباشر وكانت الحقيقة ، الحقيقة التي تعرفهم فأخذوا نصيبهم بما يستحقون ، وأما تبجحهم من فضائيتهم المغتنصبة فلا يدل إلا على عجزهم عن مواجهة الجماهير التي تعرف إلى أين هم ماضون إلى حيث لا رجعة .