الانقلاب

الانقلاب

 نوال السباعي / مدريد 

ليست هذه هي المرة الأولى التي يحدث فيها مثل هذا الأمر في اسبانية , بحيث تتمخض الأزمة المزلزلة بين المجتمع الاسباني والجاليات العربية والمسلمة المقيمة فيها عن وضع شبه تصالحي غير معلن عنه ولامكتوب تُحقن فيه الدماء وتصان الأعراض ويخيم الهدوء على العلاقات العامة بين الطرفين في أكبر مظاهرة مدنية حضارية سيشهž 3; بها التاريخ للأمة الاسبانية في قدرتها على ضبط النفس والالتزام بالأخلاق الاجتماعية الانسانية الفائقة وعدم أخذ البرئ بجريمة المذنب!.

لقد حدث مثل هذا الأمر بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر وان كان قد تطلب في ذلك الحين وقتاً أطول ومعاناة لم يكن من السهل التفوق على آثارها من قبل مسلمي اسبانية , حتى استقرت العلاقات بين الطرفين وتأكد المجتمع الاسباني من براءة المسلمين المقيمين فيه من الارهاب والانتراكس وأسلحة الدمار الشامل ¡, لقد كانت الجاليات العربية والمسلمة المقيمة في الغرب حينذاك بريئة من الصراع بين الولابات المتحدة الأمريكية ومنظمة القاعدة , واكتشف الناس متأخرين الكذبة الكبيرة التي اخترعتها دول التحالف لغزو العراق واحتلاله وتدميره والتمكن في قلب منطقة الخليج العربي للسيطرة دون قيد أو شرط على بتروله , وعرف الشعب الاسباني أن تلك الحرب كانت خدعة غير أخلاق¡ 0;ة وأن هذه القوى المتداعية على المنطقة العربية كان يمكن لها _لو أرادت_ أن تقتل صدام حسين أو تلقي القبض عليه دون أي جهد يذكر , لكنها لم تدخل العراق من أجل صدام ولاجبروته على المستضعفين من أبناء شعبه ولاغزوه الأحمق لجيرانه, ولا لاحلال الديمقراطية والحرية في البلاد العربية والاسلامية , وهو شيء لم يفعله مستعمر قط  , ولكنها دخلته وفقط لامتصاص ماتبقى من خيره في باطن أرضه .

 لقد فهم الشعب الاسباني طبيعة الصراع بين الولايات المتحدة ومنظمة القاعدة بعد أشهر من أحداث الحادي عشر من سبتمبر , ولكنه بدا وقد تعلم الدرس سريعا جدا بعد مقتلة الحادي عشر من آذار , وذلك على الرغم من أن الشرخ الذي أصاب العلاقات بين المجتمع الاسباني والجاليات العربية المسلمة  بعيد تفجيرات قطارات مدريد لم يكن بالأمر السهل ولا الحدث الذي يمكن المرور عليه مرور الكرام.. والذي يَعِد بأن يترك بصماته المؤلمة على كل نواحي حياة  الأربعين مليون اسباني ومن كانوا حتى وقت قصير" ضيوفهم الثقلاء" من المليون مسلم المقيمين بين ظهرانيهم ..قبل أن ينقلبوا في نظر الاسبان الى طابورٍ خامس غير متخفٍ من المتّهمين بالارهاب والخيانة وانتهاك حرمة الآمنين.

 

أحرِقوا المساجد!!

في أهم وأبرز المواقع الالكترونية الاسبانية "تِررا"__TERRA كانت المنتديات تعج بالآراء المعادية للعرب والمسلمين , إلى درجة أن قام بعض المشاركين فيها بنشر بيان لبعض التجمعات "النازية" _ كما يبدو_ أُنذرت من خلاله الجاليات العربية والمسلمة في اسبانية بالاعداد لمغادرة البلاد في وقت أقصاه بدء فص ل هذا الصيف , والذي جعلته هذه الجماعات موعدا مضروبا للقيام بعمليات تطهيرية ضد من تسميهم هذه التجمعات بالموروس , وكلمة " المورو" هذه والتي تستخدم في اسبانية تعني في الحس الجماعي للاسبان " العربي المسلم الدخيل المحتقر" .. وكان من أهم ماتردد في هذه المنتديات فكرتان أساسيتان : أولاهما ضرورة التداعي لحرق المساجد في اسبانية , وثانيهما مخاطبة العرب والمسلمي 606; باتهامهم بفقدان الشرف والكرامة لأنهم مازالوا مقيمين في بلاد لاتريدهم فيها وتعبر عن رفضها المعلن لوجودهم بين ظهرانيها.

تنطلق هذه الجماعات المتعصبة للقومية الاسبانية من أرضية مخجلة من الجهل بالتاريخ والجغرافيا ووضع السياسات العالمية وحركات الهجرة الانسانية  اليوم , ومن قناعات ثابتة لديها بأن "الموروس" إنما يُعدون العدة لغزو اسبانية من جديد , وأنهم وبالفعل يقومون بهذا الغزو بصورة يومية عن طريق زوارق الهجرة والتسلل في صمت ; وبتواطؤ ومباركة من الحكومة المغربية _كما يقولون_ وتحت سمع وبصر وتمرير الحكومات الاسبانية _كما يرون_ , وأنها _ أي هذه الجماعات _ قررت اتخاذ الأسباب اللازمة والضرورية لتطهير اسبانية من هذا الوباء , حتى أن أحد موجهي الفكر والرأي في هذه الجماعات كتب يقول في نفس الموقع وفي أحد أشهر منتدياته الحوارية : انني لست عنصريا , انني أتقبل المهاجرين من جنوب أمريكا ال  4;اتينية , ومن الصين ومن شرق أوربة , إنني أتقبل الجميع ماعدا هؤلاء "المورورس" فهُم وباء القرن وبلاء اسبانية ولابد من ذبحهم جميعا وحرق مساجدهم واخراجهم من اسبانية وبكل وسيلة ممكنة وخاصة بعد الذي فعلوه في مذبحة مدريد.

الخطورة تكمن اليوم في أنه وقبل تفجيرات مدريد كان هذا الفكر يسيطر على جماعات نازية عنصرية تُعتبر أقلية منبوذة في المجتمع الاسباني , أما اليوم فلقد أصبح فكراً يتبناه كل الاسبان باستثناء قلة قليلة شاذة, وقد صرح أحد كبار المستعربين المتبنين للقضايا العربية وخاصة الفلسطينية في اسبانية وهو من أهم وألمع أساتذة الجام عة في قسم الدراسات العربية والاسلامية في احدى جامعات مدريد , لتلميذة مسلمة عنده فقال : "لاتؤاخذيني.. ولكنني ماعدت أثق بعربي ولابمسلم , لدينا أكثر من ستين طالبا مسلما في الدراسات العليا , وأنا أنظر في عيونهم , وأقول متى.. ومن منهم سوف أستدير ذات يوم لأراه وهو يطعنني في ظهري !!" ,  بالمقابل فقد تعرض المسلمون في اسبانية بعد هذه التفجيرات الى أبلغ أنواع ال? 1;ذى النفسي والشتائم البالغة ونُزعت حجابات بعض المسلمات وتمت جريمة اعتداء وقتل لصبية عراقية من قبل زملائها في المدرسة في احدى القرى الساحلية الاسبانية  , ولكن وعلى الرغم من أن الحكومة وأجهزة الاعلام كانتا قد تصرفتا ازاء هذه الجريمة وغيرها مما حدث بشكل مناسب إذ أنزلتها جميعا منزلة الجرائم الاعتيادية اليومية والتي لاعلاقة لها بتفجيرات مž 3;ريد , فان ماحدث بمجموعه والحق يقال  لم يتعد كونه حربا نفسية شديدة , أو مضايقات عامة قاسية محصورة في بعض المناطق المكتظة بالمهاجرين المسلمين العرب , فضلا عن حرب النظرات والكلمات التي اشتدّ أوارها بين طمع في الخلاص من الوجود الاسلامي في اسبانية , وخوف من هذه الجاليات  ومما يمكن أن يتأتى من عمليات انتقامية لاحقة في حال تعرضها الى أي أذى .

 

بوابات التاريخ

مذبحة مدريد كانت وستبقى حدثا فارقاً في حياة المجتمع الاسباني , وستكون محطة مختلفة في تاريخ اسبانية الحديث , وستمر في كتب التاريخ على أنها الحدث الذي يجب أن يخجل من نسبته

إليهم العرب والمسلمين , وذلك على الرغم من الانقلابات التي تسببت بها هذه التفجيرات بصورة غير مباشرة , وعلى رأس ذلك فوز الاشتراكيين في الانتخابات العامة الاسبانية والهزيمة المدوية التي مُني بها حزب الشعب الموالي دون قيد أو شرط للسياسات البوشية في المنطقة العربية.. ولايكاد يختلف اثنان من المُلمين بالسياسات الدول ية على أن تفجيرات قطارات مدريد لم تكن هي السبب المباشر لتغيير نتائج الانتخابات , ولكنه تصرف حكومة "أثنار " بصدد سير التحقيقات في هذه الانتخابات , وتعمُدها الكذب على الجماهير وتزوير نتائج التحقيق الأولية , ومسارعتها لارغام مجلس الأمن والامم المتحدة لادانة منظمة "ايتا" بالقيام بهذه التفجيرات , واخفائها الساذج لبعض الدلائل الواضحة على إمكانية وقوف "ت نظيم القاعدة"  وراء مثل هذا العمل الشنيع وبكل الأبعاد الأخلاقية والانسانية , سلوك حكومة أثنار هذا أجج مشاعر الغضب لدى الشعب الاسباني خاصة القطاعات الواسعة من الاشتراكيين في البلاد والذين استغلوا الحدث بصورة متميزة , حتى أنهم تنادوا عبر هواتفهم الجوالة للتظاهر عشية الانتخابات _ وهو أمر ممنوع قطعا بنص القانون الدستوري ليلة الانتخابات_ وت 80;مهروا بأعداد غفيرة أمام مقر الحزب الشعبي الحاكم يهتفون بسقوط الحكومة تحت شعار "إنها حربكم ...لكنهم قتلانا"!, كل هذه التطورات التي كشفت دون أدنى شك كذب الحكومة وتلفيقها موضوع "ايتا" لابعاد التهمة عن نفسها وهي المتورطة أخلاقيا حتى النخاع في غزو العراق , كانت السبب الذي أدى الى سقوطها المدوّ ذاك , كما قال الدكتور "مراد زروق" في مقال هام نشرفي صحيفة  " ا 04;اتحاد الاشتراكي" المغربية :" إن مابنته حكومة أثنار في ثمانية أعوام من أمجاد قد تسببت هي نفسها  في انهياره ودماره في ثلاثة أيام فقط"!.

سقوط حكومة "أثنار" كان فضيحة سياسية دولية كبرى , وهو الذي ذهب الى حرب العراق ضد ارادة شعبه مدعيا وبالحرف: انه يعرف مصلحة شعبه أكثر من الشعب نفسه قائلا انه يعمل لادخال اسبانية من بوابة التاريخ العريضة , ولكنه وللأسف سقط في سلة قمامة التاريخ لأنه تسلل من الباب الخلفي للأمة وترك البلاد وولى نحو الولايات المتحدة ليقبض ب  7;ذه الصورة المهينة أجره في دعم ذلك الحلف الغريب الذي خالف ارادة العالم ونصائح الدنيا كلها بعدم التورط في غزو العرب عسكريا , ولم يكن الرجل الذي دخل بوابة التاريخ وبحق_حاليا على الاقل-  الا رئيس الحكومة الاسبانية الجديد "ثاباتيرو" الذي أمر بعودة القوات العسكرية الاسبانية من العراق فور تسلمه مقاليد الحكم وقبيل انفجار فضائح تعذيب العراقيين عل ى أيدي قوات التحالف الغازية المحتلة.

لم يأت سحب القوات العسكرية الاسبانية من العراق بسبب من تفجيرات مدريد وهو أمر يجب وينبغي أن يكون شديد الوضوح في أذهان الجميع , لأنه كان وعدًا انتخابيا رناناّ قطعه ثاباتيرو على نفسه وكما قال : ماكان يجب لقواتنا أن تدخل هذه الحرب أبداً ولهذا استُدعيت للعودة الى بلادها على وجه السرعة !.

 

الانقلاب

انكشاف الحقائق المذهلة المروعة عن أوضاع السجون العراقية في عهد المحتل" المستدمر" الذي يدّعي حمل الحرية والديمقراطية والتطور الى العراقيين , تورط القوات الاسبانية قبيل الأمر بسحبها مباشرة بحرب الشوارع التي اندلعت في الأماكن التي تواجدت فيها ,دعم الشعب الاسباني بنسبة 86% منه لقرار ثاباتيرو سحبَ جنوده ,  ظهو&# 1585; العداء الشعبي العراقي الفاضح لهذه القوات في أجهزة الاعلام الاسبانية وهي التي كانت تزين استقبال العراقيين للقوات الاسبانية وكأنه استقبال الاخوة الأحبة الأشقاء بعضهم بعضا !, انكشاف كل أبعاد وأعضاء "الخلية" التي خططت ونفذت تفجيرات قطارات مدريد , وانكشاف حقيقة فقرها المدقع للتخطيط الاستراتيجي والأهمية التقنية السياسية والعسكرية , ومقتل معظم أ 601;رادها لدى تفجيرهم أنفسهم عند محاصرتهم من قبل قوات الأمن الاسبانية في مقر سكناهم , تغير الحكومة الاسبانية والذي أدى على الفور الى تغيير الخطاب المزمن العدائي ضد كل ماهو عربي ومسلم والذي كانت تبثه دون توقف جميع وسائل الاعلام الاسبانية الخاصة منها والعامة ماعدا القلة القليلة التي كانت تُدار بواسطة الاشتراكيين , وقيام أبرز وجوه الجاليات المسلمة &# 1601;ي البلاد بالوقوف في وجه الأزمة والدفاع المستميت عن الاسلام في بلد كانت قد تسببت فيه فئة من أبناء المسلمين بفتح هوة لم يكن من المتوقع ردمها , لقد هبّ رجال الدعوة وجمعيات الطلبة والعمال العرب والمسلمين المهاجرين في مدريد وغيرها من المدن الاسبانية الرئيسية ومجموعات لايستهان بها من الشباب والشابات من أبناء الجاليات المسلمة في مدريد وضواحيها , وخا صة من الجالية المغربية التي ينتمي اليها معظم منفذي تلك المذبحة والتي وقع عليها على وجه الخصوص بسبب ذلك من الاجحاف والظلم والخوف والقهر النفسي مالايمكن تحمله في الأحوال العادية, هبوا جميعا لرفع كلمة الاسلام والدفاع عنه باعتباره الضحية الأولى لتفجيرات مدريد , فشاركوا الشعب الاسباني آلامه وعزّوه في ضحاياه , خرجوا في مسيرات تعاون الأديان من أجل ا  4;سلام , ورفعوا جميعا شعار "لا ..باسم الاسلام , لا ..باسمنا جميعا" .

أضف الى ذلك النشاطات الاسلامية في الصحافة الاسبانية , وهو الشيء الذي لم نشهد له مثيلا خلال الأعوام الثلاثين الماضية , ولعل الصحافة الاسبانية أدركت وللمرة الأولى أنه يجب عليها أن ترتفع الى مستوى الحدث وأن تتحدث عن الحقيقة الواضحة الجلية ولأول مرة , وهي أن الادانة الاسلامية لتفجيرات مدريد كانت عامة , كل الجالية دون & #1571;ي خلل في صفوفها رفضت هذه التفجيرات واعتبرتها اعتداء على الاسلام والمسلمين كما كانت وبالطبع اعتداء على الآمنين الأبرياء من ركاب تلك القطارات الذين فجأهم الموت الظالم من حيث لايحتسبون , ومعظمهم من سكان الأحياء الفقيرة المعدمة والتي خرجت منها بصورة استثنائية المظاهرات العارمة ضد الحرب على العراق, فضلا عن مظاهرات مماثلة دعما للانتفاضة الفلسط 10;نية ورفضا للظلم الواقع في حينه على أهل البوسنة ثم كوسوفا!.

حتى أن الصحفية " ليسيت بوستامانته" في صحيفة "لاراثون" المحسوبة على أقصى أجنحة اليمين في اسبانية قامت باجراء تحقيق صحفي هو الأول من نوعه في اسبانية ارتدت فيه زيا اسلاميا وتجولت مع الكاميرا الخفية في شوارع مدريد ومقاهييها خلال ثلاثة أيام , رصدت فيها حركة العنف النفسي العنصري ضد المحجبات, وكتبت تقول في نهاية تحقيقها ذ اك : أن تكون مسلما اليوم تحمل على رأسك الحجاب في مدريد ليس بالأمر السهل اطلاقا ..لقد شعرت بالخوف , والاهانة , والألم , والخجل , ووخزتني نظرات الآخرين , حتى أولئك الذين كانوا يعرفونني حق المعرفة من جيراني وأصدقائي" , ولدى دخول "بوستامانته " الى مقر الصحيفة عشية فراغها من اجراء التحقيق , تهافت عليها رجال الأمن في الصحيفة لمنعها من الدخول ظنا منهم بأنها ارهابية تريد تفجير الصحيفة!.                                                                                    

كان خوف المسلمين في اسبانية أكثر من مبرَر , وكان خوفهم على دينهم أعظم من خوفهم على أنفسهم , وكان الشعور العام بخطورة الموقف والمرحلة يكاد يشل قدرة الناس على التفكير والتصرف , حتى أن أعدادا كبيرة من النساء والفتيات لم يستطعن مغادرة المنازل ولاحتى الى المدارس ولا الجامعات , وبدت المساجد مقفرة ومغلقة بين الصلوات , وذلك ; على الرغم من اكتظاظها بالمصلين في أوقات الصلاة والجمعة, اضافة الى زائر جديد أصبح شبه مقيم فيها وهو الصحافة التي سلطت كاميراتها على وجوه وعيون المصلين ترصد حركاتها والدموع المتجمدة فيها , وكان هناك صمت ..صمت قاتل , الناس لايعرفون ماذا يقولون , نفس الصمت الذي يخيم في محطة أتوتشا حتى ساعة كتابة هذه السطور بعد مضي أكثر من شهرين على التفجيرات  , صمت القبور المائتين التي فتحت فاها تسأل عن سبب هذا القتل العشوائي ؟ وهل تستحق الغاية أن نسلك اليها أي وسيلة؟؟ , وهل تستحق الغاية أن يبرر المسلم من أجلها انتهاك كل تعاليم الاسلام نفسه؟! ألم يكن بالامكان لهؤلاء العشرة الذين قتلوا أو اعتقلوا وبعضهم من طلبة الدراسات العليا في الجامعات الاسبانية , ألم يكن بامكانهم أن يكرسوا أوقاتهم وجهودهم للكت? 5;بة والاعلام والتغيير بالتي هي أحسن والجهاد بالقلم واللسان وهو من أعظم الجهاد عند سلاطين الصحافة والاعلام العالمي الجائرين ؟؟!.

أم أن التفجير وقتل الأبرياء الضعفاء واستغلال الفجوة الأمنية في بلاد آوتهم وعلمتهم وأمنتهم على أنفسهم وأفكارهم كان أسهل من اتقان لغة أو تعلم فن الاتصال بالآخرين وايصال أفكارنا اليهم ؟!.

 

شكرا لدم سيد الشهداء

الحمد لله أولا ..ثم شكرا لدم سيد الشهداء في عصرنا "الشيخ أحمد ياسين " , شكرا لدم "الرنتيسي" , شكرا لكل الدماء الفلسطينية النازفة في ضمير البشرية , شكرا لآهات وعذابات وآلام سجناء " أبو غريب " , وشكرا لكل رجل وامرأة وشاب عربي مسلم في اسبانيا خرج نحو محطة "أتوتشا" رافعا الرأس بحجاب أو بلافتة تقول "الاسلام لايرضى بقتل الأبرياء " شكر 75; لكل هؤلاء ...انقلبت الأوضاع في اسبانية اليوم , وهدأت الأصوات الداعية الى ذبح المسلمين , شكرا لله وحده أولا وآخرا ومن قبل ومن بعد وهو سبحانه الذي يدفع الناس بعضهم ببعض , تغيرت الحال اليوم وصار بامكان المسلمين بحجابات نسائهم وبجلابيبهم الوطنية الزاهية المزركشة وبسحنات رجالهم السمراء الصابرة المحتسبة , صار بامكانهم أن يعودوا الى الظهور في الشوارع و 75;لساحات والأسواق وبعض الحدائق , عاد الطلبة والطالبات الى جامعاتهم ومدارسهم , ولكن شيئا ما لن يعود أبدا في اسبانية الى ماكان عليه قبل الحادي عشر من آذار , فصوت الدم مازال عويله يصم الآذان ويمنع العيون أن تلتقي على شيء انساني... كالبغضاء  والرفض والاحتقار مثلا !!! , أفتقد نظرات القوم إلينا , أحتاج تلك النظرات التي كانوا يرموننا بها وكنا نشعر ; من خلالها بكراهيتهم لوجودنا , أفتقدها اليوم لأنها أرحم من أن لاينظرون اليك باعتبارك قاتلا أو مجرما يخافونه!, , ماعاد القوم ينظرون الينا ولافي عيوننا , أصبحنا جالية مفروضة , جالية غازية , أصبحنا وعلى الرغم من سحب القوات الاسبانية , على الرغم من أن وزير الخارجية الاسباني الجديد هو "موراتينوس" , على الرغم من تغير الخطاب الاعلامي تجاه العرب والمسلمين , أصبح 06;ا ونحن عاجزون على أن لايثير وجود أي واحد منا هلع الناس ورعبهم كلما دخل سوقا أو وقف أمام موقف باص , أو استقل قطارات مدريد , التي عادت للسير نحو أقدارها يحكمها اليوم الرعب والهلع والصمت ونظرات الركاب الزائغة الى كل ماهو عربي ومسلم والى كل حقيبة يحملها أي عربي مسلم , أصبحنا وبيننا وبين القوم هاوية  يمدها ويزيدها في كل يوم اتساعا ...سلاح الدمار الشام; الجديد ..الذي يدعى ..الخوف!!.