الإمارات الفلسطينية
الإمارات الفلسطينية!
صلاح حميدة
العديد من الخطط والمبادرات صيغت للفلسطينيين وقضيتهم على مر السنوات الماضية، في ظاهرها كان يدعي أصحابها أنها توفر الحل الأمثل للصراع على فلسطين.
الأكثر تميزاً من هذه الخطط والمبادرات، هي تلك الخطط التي كانت تصدر من أفواه الساسة الصهاينة، وتعتبر خطة (ألون) أو ما يطلق عليها(خطة جلد النمر)، تعتبر هذه الخطة هي الخطة الوحيدة التي يلحظ كل متابع أنها الوحيدة من بين كل خطط ومبادرات العالم أجمع التي يتم تنفيذها على الأرض، و(ألون) هذا اقترح قبل قرابة الثلاثة عقود، بأن يتم تقسيم الضفة الغربية وتقطيعها بالشوارع الاستيطانية من الغرب إلى الشرق، ومن الجنوب الى الشمال، وبالتالي تصبح المساحة السكانية الفلسطينية بفعل هذه الشوارع تعيش في جيتوهات، وفي نفس الوقت تصبح الإمكانية متاحة للتوسع الاستيطاني خارج المربعات(الجيتوهات) الفلسطينية.
خطة جلد النمر التي تكون فيها التجمعات السكانية الفلسطينية عبارة عن بقع معزولة غير متواصلة في بحر غريب عنها من المستوطنين والمستوطنات، لاقت كل الدعم والمبادرة والتنفيذ على مدار تلك السنوات وحتى اليوم، وبالرغم من حالات الهدوء والحرب والمفاوضات، إلا أنها استمرت بالتقدم على أرض الواقع بخطى ثابتة، لا تتوقف بتغير الحكومات والأحزاب الصهيونية، بل إن هذه الخطة كانت تشتد خطاها التنفيذية في الفترات التي يكون التفاوض فيه على أشده مع ما يعرف باليسار أو الوسط الصهيوني، وهذا يعتبر الأكثر غرابة! فمن يعول عليهم الرسميون العرب في محاولة الوصول إلى حلول، هم الأكثر تنفيذا لهذا المخطط الذي يخالف الهدف المعلن للمفاوضات!.
بداية انتفاضة الأقصى، صرح أحد الساسة الصهاينة، عن رغبة بالتعامل مع زعيم محلي في كل مدينة أو كتلة بشرية فلسطينية على حدة، وعدم التعامل مع الفلسطينيين ككل متكامل، بممثلين سياسيين يتم التفاوض والاتفاق معهم، وفهم هذا حينها على أنه تصريح معزول، يراد به مناكفة ياسر عرفات، الذي قالوا إنه كان يفاوضهم من جانب، ويطلق يد المقاومة من جانب آخر.
قبل فترة قصيرة، أعاد أحد ساسة الكيان الصهيوني طرح نفس الفكرة المتجددة، وهي تشكيل ما أطلق عليه( الامارات الفلسطينية) على غرار الامارات العربية المتحدة في الخليج العربي، والغريب أنه الآن لا يوجد ياسر عرفات، ولا يوجد مقاومة في الضفة الغربية!.
فلماذا إذاً يثار الموضوع من جديد سياسياً وإعلامياً، بينما يتم التنفيذ على الأرض لهذا الشعار منذ سنوات وحتى اليوم؟
إذاً هذا المشروع لم يغادر لا الأذهان ولا التطبيق على الأرض أبداً، والساسة الصهاينة يعتبرون أن الوقت الحالي يعد مناسباً لتثبيته واقعاً على الأرض، ولكن ما هي هذه الامارات، وهل هي تشبه أخواتها في الخليج؟
في الخليج إمارات متحدة، وهنا إمارات متشرذمة، فإذا أردت السفر من إمارة رام الله إلى إمارة قرى شمال رام الله لتحضر حفل زفاف، فقد يكون مزاج الجنود على حاجز عطارة متكدراً ويمنعون مئات السيارات من العبور، وإذا أردت السفر من نفس الإمارة إلى إمارة العيزرية- ابو ديس- السواحرة، فقد يكون جنود حاجز جبع بمزاج مماثل، وإذا تجاوزت الحاجز، فقد يلاقيك حاجز آخر، وإذا أردت التوجه جنوباً نحو إمارتي بيت لحم أو الخليل، فأنت أمام قلعة( حاجز الكنتينر) على مشارف وادي النار، والأمر هناك يخضع لنفس القوانين، وإذا أردت التوجه شمالاً إلى إمارة نابلس ، فترى قلعة حاجز حوارة ، وما يطلق عليه (معاطات الدجاج) التي يتم التفنن فيها بإذلال الفلسطينيين، وهكذا نحو إمارة جنين وطولكرم وسلفيت، وليس انتهاءً بإمارة قلقيلية التي إن حالفك الحظ ستغادرها قبل أن تغلق عليك بوابتها، فهي سجن كبير محاط بالجدران الاسمنتية له باب واحد يغلق ويفتح حسب مزاج الجنود الصهاينة على مدخلها.
حصار الإمارات في الضفة وخضوعها للمزاجيات والخطط الصهيونية ليس حكراً عليها، ولكن ما أطلق عليه مبكراً (إمارة )غزة أيضا تعاني نفس الظروف مع واقع هو أسوأ من أخواتها الامارات في الضفة، وقد كنت استغرب من الذين كانوا يطلقون على قطاع غزة ( إمارة) منذ سنتين!! ولماذا لم يطلقوا عليها القاب دولة أو سلطنة أو حتى خلافة للتهويل والمناكفة في نفس الوقت؟!.
لقب إمارة كان ضمن السياق العام لصنع الامارات الذي يتم في الضفة حالياً، وقد يكون هناك من قاله بلا قصد، ولكن هناك أيضاً من قاله بقصد وبسبق إصرار.
والسؤال هنا، هل سيبقى التخطيط والتنفيذ الصهيوني عند خطة(جلد النمر) أو(خطة ألون) أو(خط الامارات الفلسطينية)؟
بالتأكيد ، لا، فالعمل الآن يتم للتسويق لتصبح ( إمارة) شرق الأردن، إمارة الفلسطينيين! فهل يتم التخطيط لترحيل سكان (الامارات) الفلسطينية، إلى (إمارة) الأردن؟ وهل يتم التخطيط لترحيل اللاجئين الفلسطينيين من لبنان وسوريا إلى( إمارة) الأردن؟.
ما لا يستطيع إدراكه الساسة الرسميون العرب، الذين يصفون أنفسهم بالمعتدلين، بأنهم هم الهدف القادم لحلفائهم الإسرائيليين، فهم الآن يعدون قبورهم بأيديهم، ومن أحرق قواربه جميعها، ووقف عارياً أمام عدوه، سيكون أول من يدفع الثمن!!.
وهل من المصادفة، أن يصرح أحد القادة العسكريين الصهاينة بأن الملك الأردني الحالي، سيكون آخر ملوك العائلة الهاشمية في الأردن؟ وهل من المصادفة أن يتم طرح موضوع جعل الأردن دولة فلسطينية من قبل الكنيست الصهيوني؟