اغتيال الرنتيسي يغذي المقاومة بدماء جديدة
الجمعية الأهلية لمناهضة الصهيونية و نصرة فلسطين
اغتيال الرنتيسي يغذي المقاومة بدماء جديدة
اغتيال المجاهد الكبير عبد العزيز الرنتيسي وقبله شيخ المجاهدين أحمد ياسين . لا يمكن اعتباره مجرد حدث عابر في مجريات الصراع العربي / الصهيوني , فهو قد تم وسط انعطاف كبير وهام في المسرح العام الذي يجري فيه الصراع , حيث أطلقت الولايات المتحدة الأمريكية يد القتل الصهيوني لتأخذ أقسى ما في الجعبة الصهيونية الأمريكية من إرهاب وحشي بعد أن استنفذت الواقع الرسمي العربي إلى أقصى ما يمكن استنفاذه من تنازلات متدرجة , ومن انهيار للمنظومة العربية الجامعة , وبعد أن دفعت دولاً عربية واحدة تلو الأخرى إلى حافة التمزق الداخلي وإثارة عوامل الانقسام والتجزئة , وقدمت نماذج رئيسية في العراق وفي السودان , كما قدمت مشروعها للمنطقة ( مخرجاً ) وحيداً ممكناً في ظل انسداد الإصلاح الداخلي بفعل نظم الاستبداد والتخلف , وضيق الأفق , وبعد أن خضعت النظم العربية كلها دون استثناء يذكر إلى سيطرة طبقات رأسمالية طفيلية نهّابة , لا تملك أدنى إحساس بالمسؤولية الوطنية والقومية .
اغتيال الرنتيسي يتجاوز اغتيال فرد أو قائد شجاع وصلب ليصل إلى حدّ محاولة اغتيال إرادة المقاومة في الأمة , وإبعاد كل من يمكن له أن يصلب وحدتها الوطنية , وإلى إعلان أنه لا قيود نهائياً على ما يمكن أن يصل إليه البطش الصهيوني الأمريكي بعد أن تمكنت الصهيونية من الاستيلاء تماماً على الإدارة الأمريكية وحولتها إلى جهاز من أجهزتها الأمنية والسياسية , وما إعلان الرئيس الأمريكي عن تجاوز كل العقبات من أمام الكيان الصهيوني لتدمير مرتكزات الشرعية الدولية فيما يتعلق بالصراع العربي / الصهيوني من مشروعية حق العودة للآجئين الفلسطينيين ومن عدم مشروعية الاستيلاء على الأرض بالقوة وعدم شرعية الاحتلال , ومن حق الفلسطينيين في مدينتهم المقدسة سوى العنوان الأخير لأكذوبة وعد الدولة الفلسطينية المستقلة الذي طالما خدع به الذين راهنوا على ( تسوية ) تحفظ لهم عناء ومتاعب ومشاق إدارة الصراع مع العدو الصهيوني , بدل الانصراف إلى متع السلطة والثروة التي تتيحها لهم مناصبهم الرئاسية والملكية والأميرية , وعنوان أيضاً لكل الوعود الأمريكية بالسلام والرخاء والديمقراطية .
تلك هي إرادة الصهيونية والإدارة الأمريكية , وذلك هو اعدادها لمسرح العمليات الذي تدفع إليه المنطقة , ولكن من الخطأ الشديد الاعتقاد بأن ( إسرائيل ) وأمريكا هما اللاعبان الوحيدان في المنطقة والعالم , وأن انسحاب القادة والحكام العرب أوجد فراغاً في وجه ذلك الانفراد , فقد أثبت شعب فلسطين , وشعب العراق أن هناك لاعباً لا يمكن تغييبه هو إرادة الشعوب المتحررة من سطوة الحكام , ففي العراق سجلت الانتفاضة مشهداً حيوياً عن قدرة إرادة المقاومة وعن فعاليتها في مواجهة أعتى قوة عالمية , وأثبتت أيضاً أن الشعوب تملك طاقة هائلة من المقاومة لا يمكن إغفالها في حسابات الصراع , وستبقى الفلوجة والنجف عناوين في سجل طويل ليس لفكرة المقاومة ذاتها فحسب وإنما أيضاً لفكرة أن تلك المقاومة هي مدخل توحيد الشعب وترسيخ وحدته الوطنية والقومية , وقدرتها أيضاً على تجديد القيادات وتوليدها .
عبد العزيز الرنتيسي ليس آخر الشهداء ,لكنه سيبقى رمزاً في ضمير أمته بعد أن إنزرع في تربة وطنه , فقد كان شهيداً وهو حي , وهو حي اليوم في استشهاده . بقدر ما يمكن القول أن الكثير من القادة العرب هم اليوم أموات رغم حياتهم