مِن فرج الله الحلو إلى فرج بيرقدار
من حكايات كليلة ودمنة
مِن فرج الله الحلو
إلى
فرج بيرقدار
مصباح
الغفري
من
بَعْدِ ألْفٍ ، مِن سُلالَة ظالِمٍ
من قبلِ ألفٍ ، يثأرُ المُتظلّمُ !
(
الجواهري )
قال دبشليم الملك لبيدبا الفيلسوف :
يقولون أيها الفيلسوف
العاقل ، أن الموت عادل ، ذلك أنه يُصيبُ
الأوادم والأراذل . فما رأيك في هذا القول
المأثور ، وهل أصبَحَت العدالة وقفاً على
سكان القبور ؟
قال بيدبا : العدالة
أيها السلطان ، هي حُلُمُ الإنسان ، من
قديم الزمان . لكن من ينسُبُ الموت للعدل
، يُجانِبُ الحكمَة
والعقل . فهل من العدل أن يُشيّعَ
جثمان الطاغِيَة ، في جنازة حامِيَة .
ويُذوّب جُثمان
فرج الله الحلو بالآسيد ، ويوضَع
الشعراء خلف قضبان الحديد ؟
يقول شاعر تركيا الأكبر
ناظم حكمت ، الذي قضى في السجن ثلاثة عشر
عاماً :
"
يقول شاعرٌ عربي قديم ، أن الموت عادل
، لأنه يصيب الشاه والفقير في آن معاً ،
أما أنا فأقول :
لكي يكون الموت عادلاً
، ينبغي أن تكون الحياة هي أيضاً
عادلة ! "
الأسَدُ
يا مولاي سَيّدُ الغابات ، ومرجع
التقاضي لجميع الحيوانات . فهل سَمعت عن
أسَدٍ في الغابة أو الصحراء ، حوّلَ
رعاياه إلى سَبايا وإماء ؟
لكن ذلك ما فعَلَه أسَدُ
البشر الضرغام ، في بلاد الشام . كَتبَ
الشاعر فرج
بيرقدار عن سجون "
قائدنا إلى الأبد ، الراحل حافظ الأسد
" . حَدثنا عن أساليب التعذيب ، التي
يخجل منها حتى إيفان الرهيب . فهل سَمعت
يا مولاي عن إجبار إنسان على
التقام الفار ، إلا في زمن الأسد
المغوار ؟
قال دبشليم :
ـ وكيف كان ذلك يا بيدبا
؟
قال بيدبا :
ـ عندما يفوز الرئيس
بنسبة التسعات ، فمعنى ذلك زيادة السجون
والمعتقلات . وعندما يكون سيادته دائماً
على صواب ، فأبشر بالعذاب والقمع
والإرهاب . فحُكم الديكتاتور المُطلَق ،
يؤدي إلى الفساد المُطلق . ولا خلاصَ إلا
بالديموقراطية ، وحرية الرأي والتعددية .
ولو شاء ربّكَ لجَعَلَ الناس أمة واحدة ،
فهل التعذيب والتذويب هو الرسالة
الخالدة ؟
لكن الفجر يأتي بعد
الليل الطويل ، وليس عن الحرية بديل ،
والطغاة ليس لهم غيرُ الطيرُ الأبابيل ،
ترميهم بحجارة من سِجّيل . فرج الله الحلو
وفرج بيرقدار ، وجميع المناضلين الأحرار
، لهم الخلود وللجلادين البوار . إن غداً
لناظره أقرَبُ من حبل الوريد ، فمتى
يفهمُ المتسلطون العبيد ؟
وزفر بيدبا زفرة ، وأنشد
بآهة وحَسرَة :
ويقولون
: مـن رُعاعٍ وفوضـى
كذبوا منطقاً وشـاهوا بيانـا
أيريـدون
أن نقول لهم مَن نحن؟
يـا جَـوّ أطْلِـقِ العُـقبانـا
نحـن
أنجادُ شَعبنـا والعوالـي
أيها الليـل لـن تغطّي رُبانـا