الوزير .. والمحرقة واليونسكو !

الوزير .. والمحرقة واليونسكو !

أ.د. حلمي محمد القاعود

[email protected]

" أذل الحرص أعناق الرجال " !

رضي الله عنك يا سيدي أبا بكر الصديق ، خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وثاني اثنين إذ هما في الغار ؛ إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا .

كان الرجال في عهد أبي بكر غير رجالنا ، وكان سلوكهم محسوبا ،وكلامهم موزونا ،ولذا وجه أبوبكر كلامه الموزون بميزان الذهب إلى الرجال ليكونوا على العهد قادة وقدوة ، وسيرة ومسيرة ، تخدم الدين والأوطان والإنسانية ..

لقد روعني ذاك التدليس الذي مارسته جريدة الوزير ، حين صاغت تذلله وتقربه وخضوعه لأولاد الأفاعي في فلسطين المحتلة ؛ من أجل أن يحظي بالصعود على كرسي رياسة"اليونسكو " ، ويترك كرسي وزارة الثقافة الفاسدة المفسدة .

قالت جريدة الوزير في عناوينها بالصفحة الأولى العدد446 الصادر في 31/3/2009م:

[ خلال احتفالية اليونسكو لحوار الثقافة والأديان – فاروق حسني : الإنسانية تتطلع إلى عودة التقارب والسلام ].

في متن الموضوع قالت الجريدة : [ شارك الفنان فاروق حسني وزير الثقافة السبت الماضي في فعاليات الاحتفالية التي ترعاها المنظمة الدولية للتربية والثقافة والعلوم " اليونسكو " لإطلاق المشروع الثقافي المعروف باسم " علاء الدين " ، والتي تقام حاليا بالعاصمة الفرنسية باريس بمشاركة ممثلي 30 دولة عربية وإسلامية ، والهدف منها هو دعم الحوار بين الثقافات والأديان ، وبشكل خاص بين الديانتين الإسلامية واليهودية .. ].

ونقلت جريدة الوزير كلمته التي ألقاها في الاحتفالية المذكورة ، وأوردت منها قوله : " لا بد أن نخلص من المأساة الإنسانية التي عاشها اليهود إلى واقع جديد يتلافى تكرار هذه المآسي في أي من المجتمعات الإنسانية ، مؤكدا على تطلع الإنسانية إلى عودة التقارب والسلام الذي ساد لقرون عدة في وقت لم يكن فيه دين الفرد سواء يهوديا أو مسيحيا أومسلما عائقا أمام المشاركة في تطوير حضارة مجتمع ، ودعا حسني إلى الالتزام بنداء اليونسكو لاعتماد ثقافة السلام التي تحث على تغيير الأفكار السائدة حول الصراع والحروب " .

الجريدة دلست ، بل كذبت ، ولم تذكر أن الاحتفالية الغرض منها مكافحة إنكار المحرقة اليهودية المزعومة في العالم الإسلامي العربي من خلال نشر كتب باللغات العربية والفارسية والتركية . ولم تذكر الجريدة الوزير أن " دافيد روتشيلد " رئيس مؤسسة إحياء ذكرى المحرقة ؛ أوضح أن الهدف من المشروع – يقصد مشروع علاء الدين – هو مجابهة إنكار المحرقة في العالم الإسلامي العربي ، وهو ما صرح به لجريدة " الشروق " المصرية . ولم تذكر جريدة الوزير أن  " ماري ريفكو ليفييتشي " المندوبة العامة للمؤسسة ؛ قد ذكرت في وقت سابق : " أن المؤسسة اكتشفت تكاثر المواقع التي تنكر المحرقة باللغتين العربية والفارسية إثر تصريحات الرئيس الإيراني " محمود أحمدي نجاد " والرسوم المسيئة للرسول – صلى الله عليه وسلم ، وأن الأمر لا يقتصر على أداة لنزع شرعية دولة إسرائيل " . ولم تذكر جريدة الوزير أن سيادته كان مبعوثا من الرئيس المصري وألقى كلمة باسمه جاء فيها : " أن مؤتمر إطلاق مشروع علاء الدين يتضمن معنيين متضادين حيث يبعث أحدهما ذاكرة القسوة والترهيب ، بينما يبعث الآخر ذاكرة الرحمة والسلم ، وما بينهما منطقة أمل نجتمع فيها اليوم لرفض الأول واستنكاره ،والنظر في تمكين المعنى الثاني وإشاعته " .

جريدة الوزير افترضت أن القارئ ساذج وشبه أمي ولا يطلع على مصادر إخبارية أخرى ، فأخفت عنه أن الاحتفالية للدفاع عن المحرقة ، وقدمت الوزير بوصفه داعية تقارب وسلام ،ولم تقل الجريدة إن الاحتفالية انعقدت بسبب اتهام العرب المسلمين بإنكار المحرقة في مواقع كثيرة .

الوزير إذا ذهب ليغازل اليهود ، ويؤيد ادعاءهم ، ويبكي على المأساة الإنسانية التي عاشها اليهود ، دون أن يتفوه بكلمة واحدة عن محرقة غزة الأولي أو محرقة غزة الثانية التي أعدمت أربعمائة وألف فلسطيني من المدنيين ، وأصابت وجرحت خمسة آلاف منهم ، معظم الشهداء من المصابين والجرحى من الأطفال والنساء والشيوخ الذين لا يملكون حيلة ولا يهتدون سبيلا ، وهدمت أحياء بكاملها بما فيها من مساجد ومستشفيات ومدارس وكليات ومؤسسات ....

الوزير الطامح إلى كرسي لا قيمة له إلا لدى الغرب والصهاينة ، بكى واستبكى في كلمته من أجل اليهود ومأساتهم المفترضة ، ولكنه لم يتعاطف مع أهل فلسطين ومأساتهم الحقيقة الواقعة والموثقة بالأفلام والصور والشهادات الحية التي رآها الناس على شاشات التلفزة وعلى صفحات الصحف في شتى أنحاء العالم .

أيكون " جاك شيراك " رئيس فرنسا السابق ؛ أكثر رحمة وتعاطفا مع الفلسطينيين من الوزير العربي المسلم فاروق حسني ؟

لقد طالب شيراك في كلمته التي ألقاها في الاحتفالية ، وكما نشرت جريدة الوزير في العدد نفسه ، الكيان النازي اليهودي في فلسطين والعالم ، بضرورة إنشاء " دولة فلسطينية مستقلة " قابلة للحياة ، وداعيا الكيان الصهيوني لإدراك أن مصادرة الأراضي الفلسطينية وبناء مستوطنات لا يساهم في بناء سلام ، وإنما السبيل هو احترام القانون وحقوق الإنسان .

الوزير يقول إن الإنسانية تتطلع إلى التقارب والسلام . وهذا كلام صحيح ، ولكن هل يعتقد معاليه أن الغزاة النازيين اليهود القتلة في فلسطين المحتلة ، يريدون تقاربا وسلاما بحق ؟ هل يعلم الوزير أن هؤلاء القتلة لا يؤمنون بشيء اسمه " السلام " إلا نغمة سخيفة يرددونها بعد أن يرفضوا قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن التي لم ينفذوا منها قرارا واحدا ، والاتفاقات التي عقدوها في أنا بوليس وشرم الشيخ وكامب دافيد الثانية والرباعية الدولية ؟ هل يعلم الوزير الموقر أن قادة العدو النازي اليهودي في فلسطين المحتلة يطالبون بضرب السد العالي بالقنابل النووية لإغراق الدلتا ، وسبق أن أهانوا رئيسه الذي بعثه إلى المؤتمر ؟

إن معالي الوزير الفاضل يتهافت لإرضاء الغزاة النازيين اليهود القتلة بكل السبل ، وما دار في البرنامج التلفزيوني قبل عدة ليال بينه وبين مجموعة من المذيعين حول استضافة موسيقار نازي يهودي ، ودفاعه المستميت عن استضافته في مصر بحجة أنه رجل سلام ؛ رآه الملايين في كل مكان ،وأدركوا من خلال الحوار أن الوزير على استعداد لعمل أي شيء من أجل أن يحظى برضا الغزاة النازيين اليهود القتلة في فلسطين المحتلة .. ولوكان ذلك ضد مصالح الدولة ومشاعر الأمة ، وهو أمر يصعب وصفه على مثلي !

أما كان يكفي الوزير المبجل مقالات المديح الرخيصة والتملق البائسة التي تنشرها جريدته ، وتتغزل في شخصيته ، وتزعم أن المنصب هو الذي يسعى إليه ، وأنه فنان عالمي (؟؟) وأنه نموذج للتمفصل (؟) بين حضارة الإسلام التاريخية العظمى ، والحضارة الغربية الحديثة ؟ ( حد يفهمني معنى التمفصل أثابكم الله !.

إن الذين يشيدون بالوزير ويرون من محاسنه مهاجمة الحجاب في الشريعة الإسلامية ، ويعدونه ليبراليا أصيلا في دفاعه عمن يسبون دين الأمة وينالون منه على صفحات جريدته وكتب وزارته ومن خلال مجالسه ولجانه ، يمكن أن يحققوا له الاكتفاء الذاتي ، وإشباع أعماقه كي لا يتهافت على استرضاء القتلة النازيين اليهود الذين يحتلون قدسنا ومقدساتنا ، ونبارك المنصب مقدما حتى لا يشكك أحد في محرقة اليهود ، وإن أنكر اليهود محرقة غزة والشعب الفلسطيني!

              

  حاشية :

1 1 – لم أكن أتوقع أن يكون صبيان الكنيسة في صحف التعري والسيراميك بمثل هذا التدني ! يأخذون رشاوى بسيطة من الصحفيين المتدربين : عزومة سمك – توصيلة بالسيارة – موضوعات يتم سرقتها ونشرها بأسمائهم - بعض الأجهزة الكهربية .. ويريدون أن يصبحوا أساتذة في الجامعة ! إخص !

2 – صحفي مهمته في الجريدة الحكومية الكبرى التي يكتب ا مهاجمة الإسلام وحزب العدالة والتنمية التركي ، ويدعو للتعري وإباحة الخمور والمجتمع المودرن وفصل الدين عن الدولة ، ويمجد السيد مصطفى كمال أتاتورك ويدعو أن تكون مصر مثل تركيا الكمالية ..! صح النوم ياهذا ..أنسيت أن أتاتورك لم يستطع ولن يستطيع إلا أن يقول : إن تركيا الجديدة قامت على أساس الدين ،هو ما ردده أردوغان مؤخرا في مؤتمر حوار الحضارات الذي انعقد في استانبول !

3 – أسوأ دعاية لحزب السلطة يقوم بها بعض أعضاء لجنة السياسات .. إنهم يؤلبون الناس ضد الحزب دون أن يقصدوا..