رسالة وقحة مملوءة بالتحدي والاستهتار واللامبالاة
رسالة وقحة مملوءة بالتحدي والاستهتار واللامبالاة
فيصل الشيخ محمد
بكل صلف وتحدي أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت مسؤولية قواته الجوية عن (الهجوم الغامض) الذي استهدف قافلة لبعض جماعات التهريب في أراضي شرق السودان قريباً من الحدود المصرية، معلناً بكل صراحة ووضوح بأن (إسرائيل ستضرب في أماكن قريبة وأماكن بعيدة يمكن الوصول إليها للحفاظ على قوة الردع الإسرائيلية).
وأضاف أولمرت قائلاً: (لا جدوى من الخوض في التفاصيل، كل شخص يستطيع أن يستخدم خياله، ومن ينبغي أن يعرف فليعرف أنه لا يوجد مكان لا تستطيع دولة إسرائيل العمل فيه).
وقد أكدت شبكة (تلفزيون سيبياس) الإخبارية الأمريكية أن مراسلها للشؤون الأمنية علم أن (طائرات إسرائيلية هاجمت القافلة في شرق السودان في كانون الثاني، وقتلت أكثر من 30 شخصاً لمنع نقل شحنة أسلحة إلى حركة حماس في غزة)، علماً أن الهجوم تزامن مع الحرب التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة طيلة 22 يوماً.
كما وصفت صحيفة (يديعوت أحرونوت) الإسرائيلية على الانترنت تصريحات إيهود أولمرت (بأنها تلميح بضلوع إسرائيل في الغارة على السودان).
ورفض مسؤول إسرائيلي أن يؤكد أو ينفي قيام إسرائيل بشن هجوم داخل السودان، لكنه استطرد مشترطاً عدم ذكر اسمه (أمامنا مشكلة كبرى مع السودان كمصدر للأسلحة المهربة، ولا يعتمد على المصريين في القيام بدوريات على هذه الحدود الكبيرة كثيرة المنافذ).
وأكد القائد السابق لسلاح الجو الإسرائيلي إيتان بن إلياهو (على قدرة القوات الجوية الإسرائيلية على تنفيذ مهمة من هذا النوع).
هذه العملية الإجرامية التي ارتكبتها إسرائيل في الأراضي السودانية، قريباً من الحدود المصرية، والتي تبعد عن الكيان الصهيوني آلاف الكيلو مترات هي – بشكل أو بآخر – رسالة تحذير للقادة العرب الذين سيجتمعون في الدوحة أن يأخذوا بعين الاعتبار في مداولاتهم وقراراتهم، اليد الإسرائيلية الطويلة التي تصل إلى أي منطقة عربية تجد فيها – بزعمها – أنها تشكل خطراً على أمنها وسلامتها.. وأن الدول العربية بكل ألوان أعلامها وجوازات سفرها ونوطات أناشيدها، وشعارات إعلامها المعتدلة أو الممانعة، لن تحول دون هجمات محتملة لسلاح العدو الصهيوني، المتطور والمتفوق على كل أسلحة الجيوش العربية مجتمعة كيفاً وكماً، في الزمان والمكان الذي تريده وتحدده، حتى وإن تبرّم العرب والعالم وشجبوا واستنكروا، ونددت أي دولة تحتل مقعداً دائماً أو غير دائم في مجلس الأمن، لأنها في النتيجة ستجد (الفيتو الأمريكي) يحميها و(النفاق الأوروبي) يدعمها.
فماذا أنتم فاعلون يا حكام العرب في اجتماعكم في الدوحة؟! وقد كشّر العدو عن أنيابه وأطلق مخالبه بلا خجل أو حياء أو خوف أو خشية أو وجل، وأنتم في عداد الدول 22 دولة تحتل سفاراتكم صدارة الأحياء الراقية في كل عواصم دول العالم!!
لم تعد فلسطين المحتلة أو لبنان أو الصومال أو السودان أو العراق فقط مناطق رخوة يمكن أن تعبث بها إسرائيل وتضرب وتنتهك الأجواء والمياه والحدود البرية.. فقد غدت بلاد العرب كلها مناطق رخوة ومستباحة لهذا الوحش المنفلت من عقاله، دون محاسبة أو ردع، وقد استباح بالأمس القريب سماء سورية ووصل إلى عمق أعماقها، وضرب وعاد إلى قواعده سالماً آمناً وكأنه كان في نزهة ترفيهية.
إن ما قام به العدو الصهيوني في شرق السودان قريباً من الحدود المصرية إلا مقدمة لما ينوي القيام به في قابل الأيام.. وقد أنذرنا بالأمس القريب لبرمان وزير خارجية إسرائيل القادم في حكومة نتنياهو، أنه ينوي ضرب السد العالي في مصر، وضرب مكة والمدينة في المملكة العربية السعودية، ولم يأخذ العرب إنذار هذا العنصري الوقح محمل الجد كعادتهم مع من سبقه حتى تقع الفاجعة وتحل المصيبة.. فقبل ما يزيد على 45 سنة هددنا موشي ديان باحتلال سيناء والقدس والضفة الغربية وغزة والجولان، ولم نعير تهديده أي انتباه، حتى احتل هذا الجنرال القدس والضفة الغربية وغزة وسيناء ومرتفعات الجولان بعد أقل من سنة من تهديده!!