وليد المعلم... إذ يتحدث عن المعارضة السورية
وليد المعلم...
إذ يتحدث عن المعارضة السورية
دلبرين حمو*
يهرف بما لا يعرف
لا يدري أحدنا في أي خانة يضع وزير خارجية النظام السوري الحالي المعلم وليد، وهو يتحدث عن المعارضة السورية؛ هل يضعه في خانة من يتصف بالشطارة والفهلوة والقفز على الواقع؟ أم يصفه بالغباء والجهل التام بواقع هذه المعارضة وظروفها الذاتية والموضوعية، داخل سورية وخارجها، على اختلاف توجهاتها وبرامجها!!؟
كلنا سمعنا المقابلة التي أجراها الإعلامي المتمرّس غسان بن جدو على قناة الجزيرة مؤخراً مع الوزير السوري المذكور آنفاً. ولعل ما لفت نظر المشاهد والمتابع للشأن السوري هو كلام الوزير، عندما أتى على ذكر المعارضة السورية، لا سيّما الإخوان المسلمين، الذين علّقوا معارضتهم للنظام السوري إبان الحرب الصهيونية على غزة قبل نحو شهرين. فقد جاء كلام الوزير متلعثماً غير مترابط وغير منطقي وغير مسؤول، ينمّ عن القفز على الواقع الذي تعيشه المعارضة في ظل نظام سيده بشار. الأمر الذي أفقد المعلم وليد احترام المشاهدين والمتابعين، وهو المسمى مهندس الدبلوماسية السورية! فكيف بمن دونه؟ حتى يمكن معه القول: إن النظام السوري سكت عن مبادرة الإخوان دهراً ثم نطق كفراً!! فكيف ذلك؟
أولاً: لقد زعم الوزير السوري أن ثمة فرقاً بين قيادة الداخل وقيادة الخارج لجماعة الإخوان المسلمين، عندما قال:" أولا يجب الفصل بين الإخوان المسلمين الموجودين في سوريا وبين الموجود في الخارج.." فهل يا ترى توجد لهذه الجماعة قيادة في الداخل؟ ومن هم؟ وأين تقيم؟ وعلى من يحكم القانون 49 لعام 1980 بالإعدام إن لم يكن على كل متهم بالانتساب لهذه الجماعة، وبمفعول رجعي؟! وهل يوجد في سورية كلها، من أقصاها إلى أقصاها، إنسان سوري يستطيع أن يعلن عن إخوانيته في ظل هذا القانون المعمول به كل هذه العقود، فضلاً عن قيادة لهذه الجماعة؟ إذن على من يضحك المعلم سوى على نفسه؟ وماذا نسمي من يضحك على نفسه؟
ثانياً: يعطينا المعلم وليد درساً في وطنية نظام سيده، أو بالأحرى يعرّفنا به، عندما يقول عنه: "سوريا سوريا الدولة والنظام... أنا أقول عندما يقرر هذا التنظيم الانضمام إلى مسيرة النظام... سوريا لم تغير مواقفها المشرفة". يا معلم: من قال لك إن تعليق فصيل كبير في المعارضة لمعارضته يعني انضمامه إلى مسيرة النظام؟ هل قرأت بيانهم؟ أين يوجد مثل هذا الفهم الأعوج؟ هل دعوة النظام إلى المصالحة مع شعبه( كما ذكر بيان الإخوان) تفهمها سيراً في ركاب النظام؟ هل يقول هذا الكلام عاقل؟ وعن أي مسيرة مشرفة ومواقف مشرفة للنظام تتحدث يا معلم؟ أرجوك يا معلم أن لا يركبك الغرور، فتتصور أموراً ليست موجودة إلا في مخيلتك أو مخيلة سيدك المريضة، من قبيل أن الإخوان يترامون على أقدام النظام. فقد منحوا هذا النظام فرصة العودة عن غيّه، وجعلوا الكرة في مرماه، وأقاموا الحجة عليه، واسكتوا الألسن التي كانت تردد كلاماً لم يكن أصحابها متمتأككان متأكدين من صحته. ولكن لا حياة ولا حياء في نظام مواقفه كلها"مشرفة"، بل بني على المواقف المشرفة، ولا يعرف غيرها!!! صدّقوا أو لا تصدّقوا!!!
ثالثاً: يسوّق المعلم وليد بضاعة لنظام يعلم الجميع فسادها، عندما يقول: "...ولا نمانع إذا اختلفنا في وجهات النظر ولكن أن يكون هذا الخلاف في الإطار الوطني."على من يكذب المعلم عندما يزعم أن لا مانع ولا ممانعة لدى نظامه إذا اختلف مواطنون معه في وجهات النظر!!
نستميح الوزير المحترم عذراً، لنسأله:
ماذا فعل النظام السوري بالمعارضة السورية، التي عملت تحت سمعه وبصره، واختلفت معه في وجهات النظر في الإطار الوطني، ورفضت الاستقواء بالأجنبي، كما رفضت الأساليب غير السلمية في إجراء التغيير؟ أين قيادة هذه المعارضة"قيادة إعلان دمشق"؟ أين تقبع الدكتورة فداء الحوراني وزملاؤها؟ ما الجريمة التي ارتكبوها حتى زجّ بهم في السجون والمعتقلات، التي تفتقر إلى أبسط المعايير التي تحتاجها سجون العالم المتمدن؟! ألم تكن جريمتهم فقط الاختلاف في وجهات النظر في الإطار الوطني؟ في جوّ قمعيّ كالذي تعيشه المعارضة السلمية السورية داخل سورية، هل ثمة أمل في أن يحيا الإنسان السوري المعارض لسياسات نظامه داخل بلده؟؟ يا معلم: والله إن الدفاع عن الشيطان أسهل بكثير من الدفاع عن النظام السوري.
رابعاً: إننا نتحدى المعلم وليد، وزير الخارجية السوري، إن كانت لديه إجابات شافية وافية دقيقة عن الأسئلة الآتية على سبيل المثال:
كم عدد الأجهزة القمعية، أقصد الأمنية، السورية، التي فاقت في عددها أصابع يدي الوزير ورجليه مجتمعة؟ ما عملها؟ ما حدود صلاحياتها والقوانين التي تضبط عملها؟ ما ميزانيتها، مقارنة بميزانيات باقي الوزارات والدوائر؟
كم عدد المعتقلين السياسيين السوريين ضحايا حرية الرأي والمعتقد والتعبير؟ وكم عدد المفقودين السوريين واللبنانيين والفلسطينيين والأردنيين والعراقيين، وكيفية فقدانهم في السجون السورية؟ وكم عدد الذين تمّ إعدامهم وأسباب هذا الحكم؟
ماذا يعرف المعلم وليد عن قضية الكرد السوريين المجردين من جنسيتهم؟ وأسباب هذا التجريد؟ والظروف التي يحيونها في بلدهم سورية؟!
وماذا يعرف عن المرسوم 49 لعام 2008م، وآثاره الكارثية، السياسية والاجتماعية والاقتصادية، على الكرد السوريين؟
إن المعلم وليد يعرف قدره لدى سادته، ولذلك يحترم نفسه فلا يتدخل في هذه الشؤون" الداخلية"، لأنه مختص بالسياسة الخارجية فقط، كحال من سبقوه. وإذا خطر على باله أن يسأل ـ من باب الفضول ـ فنقدّر أنه يعرف الردّ الذي سيجابَه به، ولذلك يكتفي بالتلعثم في المقابلات الصحفية، عندما تطرح عليه قضايا وملفات داخلية، كمن يهرف بما لايعرف، ولا يستحسن أن يقول: لا أدري، أو أنا مجرد بوق.
لقد كان يسع مهندس الدبلوماسية السورية السكوت، بدلاً من هذه الإجابات التي عرّته. كما عرّت النظام الأسدي، الذي ما زال بعض الناس مخدوعين به وبمواقفه الوطنية والقومية والإسلامية.
*أحد ضحايا نظام بشار القومجي الطائفي.