قاطع ثم قاطع ثم قاطع

"إذا سكت الزمان عن الفظائع..

فقاطع ثم قاطع ثم قاطع"

د. محمد يحيى برزق

[email protected]

أخي المسلم..

يا من تتحرى الحلال في بيع وشراء, انصر بهما المسلمين على الأعداء, واعلم أننا إن اجتمعنا في تحديد ممن ولمن نشتري ونبيع, فبإمكاننا أن نحقق ما هو عظيم حتى وإن كان هينا. ولكن, قبل أن تعلو الإرادة بنا فنلتزم, قد يساعد فهم منطق الحجة لما يجب الالتزام به, فيعظم الدافع لدينا على المقاطعة..

ولإيضاح ذلك وعلى سبيل المثال: لنعقد مقارنة بين تحريم أكل لحم الخنزير ومشتقاته وبين شدة تحريم المشاركة في قتل الأبرياء:

إذ يحل أكل لحم الخنزير إن منع كل ما دونه من طعام, أما مجرد المشاركة في قتل الأبرياء فلا تجوز حتى وإن كانت الشهادة هي الثمن.

وعليه فإن ما هو أكبر جرماً، وأعظم جريرة، أن نبيع ونشتري ونتاجر مع من تذهب أمواله لتعزيز اقتصاد القتلة ومن يؤازرهم بالسياسة والاقتصاد والأسلحة.. فعندها نصبح مشتركين ولو بشكل غير مباشر بالقتل.

إن ما ننفقه يوميا كأفراد, لا يتعدى أحيانا الدراهم القليلة التي لا نوليها حقها من بال, ويوسوس لنا شياطين الجن والإنس بتفاهة قدرها وقدرتها حتى وإن اجتمع مليار ويزيد من المسلمين على سبل صرفها, ذلك أن أولياء الشياطين وبعض السلاطين أشد حرصاً أن لا ننفقها في نصرة المسلمين, فيأتوا لنا بفتاوى أذيال الملوك والسلاطين بعدم جواز مقاطعة بضائع أعداء الله ورسوله!! فحسبنا الله ونعم الوكيل.

و برغم كل محاولات التشويش على حكم الشرع بمقاطعة بضائع القتلة وأعوانهم, إلا أن حتمية وجوبها واضحة في فتاوى علماء المسلمين المتحررين من قيود الملوك والطغاة, خاصة عند توفر البدائل وما أكثرها.

أما إنفاق التجار ومقاطعتهم فهو أعظم مسؤولية, ووجوب الجهاد فيه أكبر لتحري مصادر البضائع والمستفيدون من أرباح التجارة بها.

وبعد معركة الفرقان في غزة وما رأيناه من صور ضحايا حقل التجارب الإسرائيلية لأسلحة الإجرام الأمريكية, وما يتوعدنا القائمون عليه والممولون له والمتواطئون معهم, لم يبق أدنى شك بما يتوجب علينا كأفراد وتجار الالتزام به كحد أدنى للجهاد بالمال.

فهل نلتزم بالمقاطعة؟ علماً بأن الاقتصاد العالمي لا يحتاج إلا لكرامات آخر نفس لطفل يستشهد في غزة لينفخ عليه فيهوي باقتصاد أمريكا و"إسرائيل" بإذن الله, فهل نستحضر تلك الأنفاس المباركة لأنفسنا فيكرمنا الله تعالى بأنفاس طويلة متتالية تحوله لإعصار عارم؟

وكي يكون التأثير أعظم وأكبر فالاجتماع على المقاطعة والتواصي بها بكل الوسائل الممكنة عبر وسائل الإعلام والإنترنت والمحافل والمنتديات والبرلمانات يضاعف أثرها على الأعداء ويعجل في رؤية ثمارها اليانعة الطيبة.

أما إن لم نلتزم بالمقاطعة, فهل يحق لنا بعدها أدبياً أن نقدم النصح لمن ينفق ماله على أي شيء آخر؟