الرجعية أخطر من إسرائيل
د. عبد الله السوري
هذه أول مقولة يطرحها النظام الأسدي منذ (8/3/1963)، الرجعية هم العلماء والدعاة إلى الإسلام ، وطلاب العلم والشباب المسلم ، وشتى أصناف الحركة الإسلامية من إخوان مسلمون إلى سلفيين وصوفيين ودعوة وتبليغ وسائر الحركات الإسلامية ... ويجب القضاء عليها قبل إسرائيل ، هذه المقولة كانت تطرح من وسائل الإعلام يومياً ، وقد عرفنا أن حافظ الأسد هو المحرك الخفي لانقلاب (8/3/1963) ، وهذه طروحاته التي أعلنها في مؤتمر الحزب عام (1965) عندما قال : أما الإخوان المسلمون فلاينفع معهم إلا الاستئصال ، ومازال بشار حريصاً على وصية والده ، وهو استئصال الحركة الإسلامية ، لأنها أخطر من إسرائيل ويجب القضاء عليها قبل إسرائيل ...
وكنا نظنه مجرد شعار يرفع ، كما رفع شعار الوحدة والحرية والاشتراكية ، ومع مرور بضعة عقود اتضح أن تلك الشعارات ( الوحدة والحرية والاشتراكية ، والأمة العربية الواحدة ذات الرسالة الخالدة ) كانت مجرد شعارات تطرح ينشغل بها الشعب العربي ، بينما ينفذ النظام الأسدي الشعار الوحيد الذي نفذه على سبيل الجد والحقيقة ، ولم يكن مجرد شعار كغيره من شعارات النظام الأسدي ...
ثانوية الصناعة في حمـاة (1964) :
هذه المقولة ( الرجعية أخطر من إسرائيل )، كتبت على السبورة في ثانوية الصناعة ، فتحمس أحد الطلاب الإسلاميين وكتب الآية { ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون }، فاعتقل الطالب ، واختفى أثره ، وبدأت القلاقل في حماة بسبب ذلك ، حتى انتهت بتدمير مسجد السلطان ....
وفي المؤتمر القطري الاستثنائي لحزب البعث يعلن حافظ الأسد بصراحة أن الإخوان المسلمين ( أقرى شريحة رجعية ) لاينفع معهم إلا الاستئصال ، وكرر ولده بشار هذه المقولة في صيف (2005) ، أي أن المهمة متوارثة تسلمها الابن من الأب ، وسيكد ويناضل من أجل تحقيقها ...
ومن أجل تنفيذ هذا الشعار ( الرجعية أخطر من إسرائيل ) دمر النظام الأسدي ثلث مدينة حماة ، وقتل عشرات الألوف من سكانها معظمهم من النساء والأطفال والشيوخ ، ثم دمر في جسر الشغور وفي إدلب وفي حلب ، وقتل السجناء في سجن تدمر ، علناً بالرشاشات تحصدهم في زنازينهم ، وسـراً في ورشات الإعدام خلال بضع سنوات الثمانينات ، حتى أعدم بضعة عشر ألفاً من خيرة أبناء هذا الوطن ...
ومازالت إسرائيل تنعم بالأمن والاستقرار في الجولان ، بل يتعهد حافظ الأسد أمام كسيجنر عند فك الاشتباك عام (1974) بأن يمنع الفدائيين الفلسطينيين من دخول الأرض المحتلة انطلاقاً من الأراضي السورية ...ثم يتعهد وينفذ بذبح الفلسطينيين في لبنان نيابة عن إسرائيل ، حتى قال عنه الصهاينة مايلي :
فقدصرح موشي دايان لوكالة الصحافة الفرنسية في ( 5 / 6 /1976م ) قائلاً إن على إسرائيل أن تظل في موقف المراقب، حتى لوغزت القوات السورية بيروت واخترقت الخط الأحمر ، لأن غزو القوات السورية للبنان ، ليس عملاً موجهاً ضد أمن إسرائيل.
ونقلت إذاعة إسرائيل عند بداية التدخل السوري في لبنان تصريحاً لرئيس وزراء إسرائيل (إسحق رابين ) قال : إن إسرائيل لاتجد سبباً يدعوها لمنع الجيش السوري من التوغل في لبنان، فهذاالجيش يهاجم الفلسطينيين، وتدخلنا عندئذ سيكون بمثابة تقديم دعم للفلسطينيين، ويجب عليناأن لانزعج القوات السورية أثناء قتلها للفلسطينيين فهي تقوم بمهمة لاتخفى نتائجهاالحسنة بالنسبة لنا .
ومن خلال استعراض تاريخ النظام الأسدي يتضح أنه بذل من الوقت ومن أموال الشعب السوري، وقدم تضحيات كبيرة من رجال الشعب السوري عامة، ومن العلويين خاصة، من أجل تنفيذ هذه المقولة ( الرجعية أخطر من إسرائيل ) ، ولينفذ هـدفـه الذي جيء بـه ليحكم سوريا ، وهو القضاء على الحركة الإسلامية عامة ، وليس الإخوان المسلمون فقط ...في بلاد الشام كلها وليس في سوريا فقط ...
وهناك أدلـة كثيرة تؤكد أن حافظ الأسـد هو المسؤول عن انقلاب (8/3/1963) وعن الحركة التصحيحية (1966) وأخيراً قام بحركته في (16/11/1970) ، وبالتالي هو المسؤول عن الدمار والخراب والمجازر التي لحقت سوريا ، ومن بعده ورث النظام الأسدي كل هذه الجرائم لولده بشار الذي نصبته ( مادلين أولبرت ) بشكل سافر ، خلفاً لوالده ، ليكمل المخطط المطلوب....