يطلبون من حماس ولا يطلبون من إسرائيل

د. كمال رشيد رحمه الله

القوى الدولية المتعاطفة مع الكيان الإسرائيلي ، وبخاصة الولايات المتحدة الأمريكية والمجموعة الأوروبية ، وكذلك مجلس الأمن الدولي الذي غدا مؤسسة أمريكية .

 كل هؤلاء يطلبون من حماس كل ما هو في صالح إسرائيل ، من غير أن يطلبوا من إسرائيل أي شيء ، وتبدو إسرائيل وكأنها الطرف المهدد الضعيف المعتدى عليه ، الذي يطلب الحماية ، الطرف البريء الذي لا يريد غير الوئام والسلام .

أما حماس ، وإن كانت اختيار الشعب الفلسطيني ، في انتخابات حرة ونزيهة باعترافهم جميعا ، فهي باغية ومعتدية ، ولديها كل وسائل التدمير والقضاء على إسرائيل .

وهذا حكم جائر ظالم ، كما أنه يقوم على جهل أو تجاهل ، كما أنه ينطلق من استراتيجية ثابتة وحكم مسبق ، وهو يغالط التاريخ والواقع القائم .

وإذا أصبح من الصعب على أولئك مناقشة أصل وجود الكيان الإسرائيلي فإننا نناقش الأمر من جهات أخرى :

من هو القوي الذي يجب أن يزجر ويوقف عند حد ه ، من هو الذي يملك الجيوش والقوة العسكرية ، من هو الذي يستطيع أن يجتاح الكيان الفلسطيني في ساعات ؟

ثم من هو الذي يعتدي كل يوم ، ويقتل كل يوم ، حتى هذا اليوم ، ومن هو الذي يتفنن في خلق المشكلات اليومية للشعب الفلسطيني ، من يتحكم في الأمن والاستقرار ، من يتحكم في الاقتصاد الفلسطيني والحركة الفلسطينية في المعابر وعلى الحدود وفي المطارات والميناء ، ومن الذي يقسم بقية فلسطين إلى قسمين ، قطاع غزة ، والضفة الغربية ، 

ثم من هو الذي يتمتع بعدد من قرارات مجلس الأمن وهيئة الأمم المتحدة والمحكمة الدولية ، ومن هو الذي يعطلها ، بل من هو الذي يسقط كل الاتفاقات والتفاهمات ابتداء من اتفاق اوسلو الذي أصبح مغنما لتسوية الصراع العربي الإسرائيلي ، وهو الذي يتغنى به دعاة السلام والمفاوضات من أهل السلطة الفلسطينية ، ماذا نفذ منه الإسرائيليون ن وماذا نفذ منه الفلسطينيون .

لا شيء يحمل صفة الاحترام ووجوب التطبيق عند الإسرائيليين ، انتهاء بخارطة الطريق ، حتى وإن أخذ الجانب الفلسطيني الأمر على محمل الجد .

ولقد وصل الإسرائيليون إلى شعار " ليس هناك طرف فلسطيني نفاوضه " .

كانت المشكلة الرئيس عرفات - أو هكذا الزعم  - حتى إذا ما ذهبوا به إلى غياهب القبر ، جاء دور الرئيس عباس – مهندس اوسلو – وعلى الرغم من التسهيلات والتنازلات التي قدمها ، إلا أنه لا يزال يراوح مكانه ، وكلما نفذ طلبا أو أمرا طلبوا منه ما بعده .

يطلبون من حماس أن تعترف بإسرائيل فهل طلبوا من إسرائيل أن تعترف بحماس ، وهي إن اعترفت جدلا ، فهل سينتهي الأمر عند ذلك ، أم أن السيناريو الذي كان مع عرفات وعباس سيتكرر .

ويطلبون من حماس وقف العنف فهل هم يوقفون العنف أم أن جرائمهم في غزة ومخيم بلاطة وطولكرم وجنين والخليل قائمة كل يوم  وتصيب الأطفال والغلمان قبل المقاومين .

ويطلبون من حماس أن تحترم الاتفاقات السابقة التي عقدت مع الجانب الإسرائيلي ، فماذا طبقوا هم من تلك الاتفاقات .

ويطلبون من حماس أن تتخلى عن برنامجها ، برنامج المقاومة لاسترداد الحق الفلسطيني والدفاع عن النفس ، وهو الذي به فازت حماس ونالت أصوات الشعب الفلسطيني ، وماذا يبقى لحماس بعد ذلك ، ألا يصيبها ما أصاب السلطة وحركة فتح .

إسرائيل تريد كل شيء ، ولا تقدم أي شيء ، وهي واجدة في الغرب من يطيعها ويأخذ بيدها ، فهل تجد حماس من العرب والمسلمين ما وجدته من الشعب الفلسطيني من دعم وتأييد .

من لا يستطيع أن يقدم لحماس لا أقل من أن يصمت فلا يطالب حماس بما تطالب به إسرائيل ، لا تعينوا الشيطان على أخيكم.