أبو مازن وسلام فياض
أبو مازن وسلام فياض..
تعالوا إلى غزة
د. إياد السراج
اكتشف أحد كبار رجال السلطة مؤخراً أن الحرب على غزة تثبت أن اسرائيل لا تريد السلام !
فالحمد لله على هذا الإكتشاف ولو أنه جاء متأخراً بعض الشيء، فلو أنه قد تم الوصول إليه قبل سنة مثلاً لاهتم السياسي الكبير بمسألة الوحدة الوطنية والحوار بين فتح وحماس وبتطوير فتح ديمقراطياً ولربما لو أن السياسي الكبير قد أعطى جهداً ونبلاً وكرماً في مسألة الوحدة لكانت تحققت، ولوأعطى للمسألة الديمقلراطية في داخل فتح بعض الإهتمام لكانت تحققت، ولربما استطاع بهذا أن يمنع الحرب على غزة التي اعتبرت اسرائيل أن أحد أهم دوافعها هو هذا الانقسام الفلسطيني فلماذا لا تعمل على تشديده وتعميقه؟
وهكذا تأخرت على السياسي الكبير هذه الأمور كما تأخرت علينا كثيراً اموراً كان يمكن أن نتعلمها قبل أن يجرحنا نصل السكين وقبل أن تدمي قلوبنا احزاننا على أمهات وأطفال تقتلهم الآلة الحربية الاسرائيلية دون مبرر سوى خوف اسرائيل منهم والخوف من السلام معهم والخوف من المقاومة في عيونهم والخوف من مستقبل أصبح فاقداً للمبرر الأخلاقي والقدرة على التعايش.
ان اسرائيل كما يستنتج السياسي الفلسطيني الكبير – لاتريد السلام بل أنها تعيش على العنف والعنف المفرط فقط فذلك هو الضمان للاستمرار في زيادة الاستيطان وتوحيد اليهود في وجه "المخاطر" وعدم الإعتراف بحدود رسمية لدولة إسرائيل.
إن اسرائيل هذه لا تريد السلام ولكنها تريد تأجيج العنف في المنطقة والدليل من التاريخ الحديث هو زيارة شارون للمسجد الأقصى التي كانت مخططة أن تكون يوم واحد قبل صلاة الجمعة وهو يعلم كيف ستكون ردة الفعل العربية وإمعاناً في تأجيج ردة الفعل العربية المعروفة سلفاً فقد تم قتل بعض المصلين في اليوم التالي أثناء احتجاجهم السلمي لزيارة بطل مذبحة صبرا وشاتيلا المتغطرس ولكنه الدارس للعرب وردًات أفعالهم المحتملة.
وتم أيضاً تأجيج ردًة الفعل العربية بقتل 13 من مواطنين 48 أثناء مظاهرة سلمية في الناصرة، وبالإيحاء للقائمين على القرار الفلسطيني بإطلاق الرصاص على الإسرائليين بدلاً من الحجارة وهو ماحدث في غزة "بدوافع وطنية خالصة" معروفة للإسرائيليين سلفاً.
وأعطت القيادة الفلسطينية الضوء الأخضر للعمليات الإستشهادية، وهكذا تحول المشهد كله وبآلة إعلامية متميزة إلى شعب إسرائيلي أعزل يحاول الدفاع عن نفسه وجيش فلسطيني يهجم على الضحية من كل جانب وأن الدفاع عن الشعب الإسرائيلي يتطلب تدمير القوة العسكرية الفلسطينية (بما فيها الأجهزة الأمنية) والقيادة السياسية الفلسطينية بحصارها وقتلها وتدمير التفاوض من أجل السلام القائم على الحق بإعلان الفلسطيني ارهابياً لا يريد السلام ولا يريد الاعتراف بإسرائيل.
إن اكتشاف السياسي الفلسطيني الكبير بأن اسرائيل لا تريد السلام جاء متأخراً بعض الشيء وربما لو انه أدرك ذلك منذ عشرة سنين لعمل على وجود برنامج وطني للمقاومة بدلاً من الانجرار لاتهامها بالممارسات العبثية أو اتهام سفن التضامن مع الشعب الفلسطيني بأنها سخيفة.
إن المقاومة هي الأساس خاصة إذا كان الاقتناع الاستراتيجي هو أن إسرائيل لا تريد السلام ولكن المقاومة لا تعني فقط استعمال السلاح كيف وأينما اتفق بل تعني أيضاً أن تقوم القيادة الفلسطينية بالدعوة أولاً: لتجريم اسرائيل وملاحقة قياداتها أمام القضاء الدولي كما فعل أبو مازن مؤخراً بتكليف وزارة العدل برفع دعوى أمام محكمة الجنايات الدولية وكما تحدث أمام البرلمان الأوروبي بأن جاء الوقت كي يطال القانون إسرائيل.
ثانياً: الدعوة لمقاطعة إسرائيل شعبياً ورسمياً واقتصادياً وأكاديمياً وسياسياً في حملة ضد نظام التمييز العنصري على أن تنتشر الحملة في كل أنحاء العالم وهي حملة بدأت منذ زمن ولكن الآن هو زمنها الزخم، وهو خطوة متقدمة لما طالب به في كتابه الرائع الدكتور سلام فياض من البرلمان الأوروبي حين طلب من البرلمان الأوروبي وقف تطوير اتفاقية الشراكة مع إسرائيل.
ثالثاً: يجب الوقوف أمام قضية الحقوق الفلسطينية وقفة جادة، خاصة الحق في العودة وهو لب القضية الفلسطينية وعدم التنازل عن هذه الحقوق باتفاقية سلام مع إسرائيل.
رابعاً: أن نستعمل الوقت القادم مع وأثناء حركة المقاطعة الدولية والتي ربما تحتاج إلى خمسة أو عشرة سنين أن نستغل الوقت للبناء، بناء المجتمع والبيئة الصحية وبناء الجيل الجديد على قيم الوطنية والعدالة والديمقراطية والانتماء لقضية الحق. والتوقف تماماً عن الإنجرار إلى مسلسل العنف الإسرائيلي. إن إسرائيل المتطرفة إلى اليمين تخطط المزيد لغزة وللاستعمار في الضفة ولن يوقفها سوى وحدتنا وبرنامج مقاومة طويل يعتمد المقاومة اللاعنفية.
وبهذه الروح فإنني أدعو السيد الرئيس أبو مازن والسيد رئيس الوزراء الصديق العزيز سلام فياض وأركان دعوة الوحدة واستثناء أعدائها إلى الحضور إلى غزة قبل ذهابهم إلى أي مكان آخر في العالم الآن ليثبتوا للعالم وشعبهم بأن الوحدة الفلسطينية قائمة، إن غزة في انتظارهم وفلسطين الوحدة في انتظارهم وحماس في انتظارهم من أجل الوحدة وحماية المشروع الوطني ونحن جميعاً بانتظارهم لتعطى إشارة البدء في إعمار غزة باشتراك حماس وليس من خلف ظهرها وذلك حرصاً على الشفافية وبعيداً عن العمولات وحتى نبدأ من هذا الموضوع التعاون من أجل إعمار الشوارع وقبلها اعمار النفوس واعمار منظمة التحرير. وإن كان لي أن اقترح عليكم فإني اقترح أن تبدأ الرحلة إلى غزة باصدار قرار بالإفراج عن كل المعتقلين السياسيين فوراً وتوقف الحملات الإعلانية البغيضة وأن نرتفع جميعاً إلى مستوى جرح الوطن النازف.