الدِّعَايَةُ الإنْتِخَابِيَّةُ ... خطأُ المَضْمُونِ و فَشَلُ الأَهْدَافِ
الدِّعَايَةُ الإنْتِخَابِيَّةُ ... خطأُ المَضْمُونِ و فَشَلُ الأَهْدَافِ
محمّد جواد سنبه
كاتب و باحث عراقي
تُعَرّف الدّعاية في علم الاعلام ، وعلم الاتصال بأنّها : (الجهود المقصودة ، التي يقوم بها فرد أو مجموعة أفراد ، لتشكيل مواقف جماعات أخـرى ، أو التحكم فيها أو تغييرها)(تيرنس كوالتر)(المدخل في الاتصال الجماهيري/د.عصام سليمان موسى) . بناءً على هذا التّعريف ، لم يُفلح أغلب المرشحين ، من استخدام الدّعاية كفن و كعلم أيضاً ، لا من حيث الخطاب الدعـائي (الرّسالة الدّعائيّة) . ولا من حيث المشاريع المطروحة ، باعتبارها أهداف المرشح . ولا من حيث التأثير في آراء الجمهور و مواقفهم (ردّ فعل الرسالة الدّعائيّة) .
إنّ فشل الرّسالة الدّعايّة الانتخابيّة ، من الوصول إلى المنتخب ، أدّت إلى عدم خلق قناعات عند الجمهور المخاطب (المتلقي للرّسالة الدّعائيّة) ، وعدم تفاعله معها ، فأصبح ردّ فعل الجمهور صفراً . و انعكس التعبير عن ردّ الفعل الجماهيري ، بصورة عدم اكتراث الجمهور ، بالخطاب الموجّه إليه . و تكاد تكون هذه الظّاهرة عامّة في هذا الاتجاه . و يمكن اجمال بعض أسباب فشل الدّعاية الانتخابيّة بالنقاط التالية :
1. عدم وجود مشروع سياسي واقعي مقنع .
2. غياب الثقة بيّن المرشح و الناخب ، أمّا بسبب ضغوطات تجربة الانتخابات السـابقة ، أو بسبب عدم نجاح المرشح ، في إحراز حالة التواصل مع الآخرين ، و كسب ثقتهم .
3. إنّ أغلب المرشحين ، تشابهت و تكررت طروحاتهم بشكل مملّ ، مما أدى إلى تشويش رؤية الناخب ، وتشتت أفكاره .
4. أغلب المرشحين ، كانوا يطرحون مشاريعَ ، قد لا تقوى دوّلة مستقرّة من تنفيذها ، فضلاً عن دوّلة العراق ، التي نال أركانها الفساد الإداري و المالي ، بشكل لافت للنظر .
5. يعتقد أغلب المرشحين ، أنّ الدّعاية الانتخابيّة ، هي مجرد لصق صورة استعراضيّة لشخص المرشح ، مع لافتة جميلة تحمل شعاراً جذّاباً .
6. لم يدرك أغلب المرشحين ، أنّ الدّعاية الانتخابيّة ، بحاجة إلى وقت طويل ، حتى تستطيع أخذ تأثيرها في أذهان الناس ، وكان ينبغي البدء بها قبل فترة مناسبة .
7. ظهور الأعمّ الأغلب ، من المرشحين بوقت واحد على الساحة .
8. لم يتصوّر أغلب المرشحين ، أنّ التّعبئة الدّعائيّة لصالحه ، تتوقف بشكل كبير على كبر مساحة الوقت المستغرق ، في مخاطبة الجمهور (زمن التّغذية) .
9. يجب أنْ لا يغيب عن أذهاننا ، بأنّ غياب المفردة الثقافيّة ، من الخطاب المباشر عند أكثر المرشحين ، و كذلك غياب العنصر الخطابي في طرحهم ، افقدهم المعيّة التألق في أعين الجّماهير ، أيّ غياب ما يعرف بالكارازميّة الذاتيّة أو الشخصيّة .
ولغرض التأكد من أنّ أكثر حملات الدّعاية الانتخابيّة كانت فاشلة ، حرصتُ شخصياً بإعداد نموذج (استبيان رأي) ، وآليت على نفسي أنْ أذهب شخصيّاً ، بالقرب من أحد المراكز الانتخابيّة ، لأسجّل المعلومات المطلوبة من المنتخبين بصورة مباشرة ، إضافة إلى تكليف بعض الأصدقاء الأعزاء ، كلّ حسب منطقته لعمل الشيء نفسه . و بعد جمع نماذج الاستبيان (الاستطلاع) ، ظهرت النتائج التالية :
1. مجموع الأشخاص الذين تمّ استطلاع آراءهم ، بلغ (220) شخصاً (116 من الذّكور كانت نسبتهم 52,72% من العيّنة ، و 104 من الإناث و كانت نسبتهنّ 47,27% من العيّنة) . و كان جميع المستطلع آرائهم ، من المشاركين في التصويت فعلاً (عن طريق التأكّد من وجود الحبر البنفسجي على أصابعهم) .
2. الفئات العمرية للعيّنة العشوائيّة كانت كما يلي :
أ- من عمر (18-30) سنة 93 شخصاً كانت نسبتهم 42,27% من العيّنة .
ب- من عمر (31-50) سنة 82 شخصاً كانت نسبتهم 37,27% من العيّنة .
ج- من عمر (51-70) سنة 43 شخصاً كانت نسبتهم 19,54% من العيّنة .
د- من عمر (71-90) سنة 2 شخص كانت نسبتهم 0,9% من العيّنة .
3. التحصيل الدّراسي للعيّنة العشوائيّة كانت كما يلي :
أ- الدّراسة الابتدائية 44 شخصاً كانت نسبتهم 20% من العيّنة .
ب- الدّراسة المتوسطة 56 شخصاً كانت نسبتهم 25,45% من العيّنة .
ج- الدّراسة الاعداديّة 40 شخصاً كانت نسبتهم 18,18% من العيّنة .
د- الدّراسة الجامعيّة 60 شخصاً كانت نسبتهم 27,27% من العيّنة .
هـ- لا يقرأ ولا يكتب 20 شخصاً كانت نسبتهم 9,0% من العيّنة .
4. نتيجة الاستطلاع :
كانت نتيجة استطلاع آراء المنتَخِبين ، مخيّبة جداً . فقد كشفت بيانات عيّنة الأشخاص المبحوثة ، بأنْ لا أحد قد تأثر البتّة ، بأيّ دّعاية انتخابيّة استهدفتهم . وإنّ جميع المنتَخِبين الذين استُقرأت آراؤهم ، كانوا مقررين سلفاً ، و منذ فترة ليست بالقصيرة ، بأنّهم سينتخبون الكيان (س) و الشخص (ص) دون سواهما . و لعمري أنّ الملايين الأربعة و الأربعون من الدّولارات ، التي صرفت على الدّعايات الانتخابيّة الفاشلة ، (كما قدّرها بعض المختصّين في مجال الطّباعة/ نقلاً عن إحدى الفضائيات) ، لو أنّها صرفت على أيتام العراق و أرامله ، لكان أجدى نفعاً للمرشحين ، و أكثر ثواباً لهم.