أوباما والعرب والمسلمين
أوباما والعرب والمسلمين
د. السيد مصطفى أحمد أبو الخير
الخبير في القانون الدولي
بعد فوز (أوباما) في الانتخابات الأمريكية تنفس العالم الصُعداء وسرت فرحة في أرجاء المجتمع الدولي برحيل (بوش) وعصره الملوث بالكثير من الدماء والجرائم الدولية التي اهتز لها العالم وآخرها مذبحة غزة كانت تلك آخر جرائم الإدارة الأمريكية السابقة، وفرح العالم بالتغيير وكأنه شريك فيه، ونكاية في عهد (بوش) الابن وإداراته وكانت أكثر المناطق فرحاً منطقة الشرق الأوسط.
وينتظر العالم، وخاصة منطقة الشرق الأوسط، أن يكون (أوباما) مختلفاً عن سابقه في الأسلوب والاستراتيجية، وعادة ما يحدث ذلك مع نهاية فترة أي رئيس أمريكي وعادة ما يُخيب الظن "وتذهب السكرة وتأتي الفكرة" ويروح الأمل ويتبدد كالسراب بعد أن يبدأ الرئيس الأمريكي الجديد في العمل التنفيذي بخطوات فعلية؛ فالرئيـس الأمريكي مهما كان اتجاهـه أو حزبـه ـ جمهوري أو ديموقراطي ـ فهو ملتزم باسـتراتيجيـة وضعت من قِبل مراكز أبحاث لا ترى سـوى مصالح الولايات المتحدة الأمريكيـة ويلتزم بها كل من الحزبين الجمهوري والديمقراطي ولكنهما يختلفان فقط في أسـلوب تنفيذها فقط، علماً بأن استراتيجية الولايات المتحدة مُعدة من قِبل مراكز الأبحاث لقرن قادم وليس لسنوات معدودات فقط! ويُطلق على الرئيس الأمريكي "رئيس الإدارة الأمريكية" فهو ليس رئيس تنفيذي يملك صلاحيات كما يملكها رؤساء دول العالم الثاني أو الثالث ولكن الأمر هنا يختلف.
كما أن هناك أكثر من (لوبي) ضغط أهمها (اللوبي) الصهيوني وجماعات المصالح منها المجمع الصناعي العسكري التي، ونكاد نجزم، أنهما يُحددان التوجهات والمصالح الأمريكية التي يجب الدفاع عنها، وبمعني أدق هما اللذان يُحددان الاستراتيجية الأمريكية التي تتفق مع مصالحهما، ومصالح (اللوبي) الصهيوني لضمان أمن وتفوق (إسرائيل) عسكرياً عل دول المنطقة كافة، وتُمثل (إسرائيل) رأس حربة للولايات المتحدة الأمريكية في تنفيذ الأجندة الأمريكية في المنطقة، و(اللوبي) الصهيوني مرتبط ارتباطاً وثيقاً بمصالح المجمع العسكري الصناعي.
لذلك لا اعتقد أن الإدارة الأمريكية الجديدة سوف تقدم شيئاً إيجابياً جديداً للمنطقة؛ قد يتغيّر (السيناريو) ولكن المصالح واحدة ثابتة لا تتغير. فقد تتقدم خطوة وتتأخر أخرى لكن الهدف واحد، فالحزب الجمهوري لا يختلف عن الحزب الديموقراطي إلا في الأسلوب في طريقة تنفيذ الاستراتيجية الأمريكية، فسوف تتغير طريقة تنفيذ الاستراتيجية ولكنها لم تُلغَ نهائياً بل يتغير الأسلوب وطريقة الوصول إلى الهدف.
يُمكننا القول أن الإدارة الأمريكية الجديدة سوف تعتمد في تنفيذ الاستراتيجية الأمريكية على وزارة الخارجية بدلاً من وزارة الدفاع التي كانت تعتمد عليها الإدارة السابقة، والدليل على ذلك قيام الرئيس الجديد في اليوم الثاني له بزيارة وزارة الخارجية بدلاً من وزارة الدفاع، ويؤكد ما نقول رؤيته التي أعلنها في خطابة بوزارة الخارجية في زيارته تلك بشأن القضية الفلسطينية، حيث كرر ما طلبته الإدارة الأمريكية السابقة وأعلن التزامه بها، والتي تتلخص في إلقاء اللوم على حركة "حماس" و"حق" (إسرائيل) في الدفاع عن نفسها! حيث تحدث باهتمام عن صواريخ "حماس" ولم يتحدث عن جرائم الحرب التي ارتكبتها إسـرائيل! وطالب "حماس" بضرورة تنفيذ شروط الرباعية والتي حددت في عهد الإدارة الأمريكية السابقة والتي تتلخص في الاعتراف بـ "حق" (إسرائيل) في الوجود ونبذ العنف "المقاومة" والاعتراف باتفاقيات السلام السابقة، وأكد تعهده بضمان أمن (إسرائيل)، وكذلك رؤيته عن أفغانستان والعراق لم تختلف عن رؤية الرئيس السابق إلا في الوسيلة فقط دون الهدف.
لذلك يجب عدم التعويل على التغيير في الوجوه مع ثبات الهدف، وتلك هي استراتيجية الولايات المتحدة الأمريكية الثابتة رغم تغيّر الأشخاص.