لنتكلم سياسة

لنتكلم سياسة

مؤمن محمد نديم كويفاتيه/ سوري في اليمن

[email protected]

( حتى نكون ديمقراطيين حقيقيين علينا أولاً أن نتقبل الرأي الآخر في الاختلاف ، وأن تكون صدورنا رحبة للمعارضة السورية بكل توجهاتها ، وعلينا السماع لكل الآراء مهما اختلفنا معها ، لإجراء حوار ونقاش موسع حول كل القضايا وصحة طرح هذا أو ذاك للوصول إلى نتائج نسير على هديها بعد الاستفاضة من مناقشتها ، لتكون لنا منهجاً وهادياً وموقفاً ، ومنع النشر لمن يُخالفك في الرأي لا يخدم الحوار ، بل يُعيدنا إلى المربع الأول المنغلق ، وخاصة وأن مُعظم الآراء التي تُطرح تُعبر عن رأي صاحبيها ولا تُعبر بالضرورة عن رأي ناشريها ، وهي بمعظمها يسودها التوجه الطيب والكلمة المُعبرة بكل اللياقة والأدب وليس التجريح ، لأننا وإن اختلفنا مع غيرنا بالتأييد أو الاختلاف فإنما كل منا يسعى لإبراز أخطاء وعيوب من نختلف عليه من الأحزاب والأنظمة ولا نسعى لفرض الرأي أو التطاول ، بل نسعى للدفع بالأصدقاء والمُقربين لأخذ المُبادرة من الأيدي العابثة من الإيرانيين وغيرهم ، وموضوع حماس الذي كثر الحديث عنه في هذه الأيام دعونا نناقشه على نار هادئة رغم حماوته وعلى موقعكم الذي أعني به جميع المواقع بلا استثناء ، لنتعرف على الثغرات لا أن نمتنع عن المقالات المخالفة وفرض الوصاية على الرأي )

قبل يومين اتصلت بالدكتور حسام الديري رئيس حزب تجمع الأحرار الوطني الديمقراطي الليبرالي المعروف وصاحب موقع أحرار سورية الشهير ؛ الذي كان موقعه من المواقع المتقدمة في إتاحة الفرصة والمساحة لكل الآراء ، والذي كان يعمل بجد على الساحة الأوربية والأمريكية وفي الداخل السوري ، الذي افتقدنا غيابه كثيراً لأسأله عن سبب ذلك ، وبعد المُداولة الطويلة والحوار الطيب على التلفون لأكثر من نصف ساعة إلى أمريكا والذي تمنيت لو أن يطول أكثر لجمال الحديث وروعة اللقاء لولا تأثيره على الجيب والميزانية المخرومة ، والمهم وبصراحته المعهودة أبدى لي قربه من كل الطيف المُعارض ، وشرح لي عن سياسته في تقبل الآخر مهما كان الاختلاف معه ، وشرح لي أيضاً عن أسباب توقف موقعه وذلك لتدخل البعض ( ؟ )  لمنع إتاحة الفرصة للكل في النشر ، مما جعله يؤثر الإغلاق الاختياري حيناً من الزمن من أن يُفرض عليه أسلوباً لا يقبله ، ومن جهتي قد أكبرت فيه هذا الموقف ومن ثُمّ وعدني بقرب العودة من جديد وبزخم أكبر ، وخاصة كما قال بأن ظروف العودة صارت مُهيأة الآن أكثر ، ولا أُريد أن أدخل في التفاصيل أكثر من ذلك ، ولكن ما يهم هو رمزية هذا الشخص وأهمية فكره ومساحته مع اختلافي في التوجه معه – ليبرالي وإسلامي -لأدخل في الموضوع  الذي أُريد طرحه من خلال مقالتي هذه ، بغية التوعية والنقاش والاستفاضة في الحوار فيما يدور حولنا من مشاريع وأمور ، لا يجوز فيها وضع الرؤوس في الرمال كالنعامة التي يراها الكل وهي تظن أن لم يراها أحد

ومنها على سبيل المثال ما يجري وما جرى  على الساحة العربية والمحلية ، تحت إطار الحديث الشريف " لست بالخب وليس الخب يخدعني" ومع احترامنا لكل الأنظمة والأحزاب والشخصيات التي نلتقي معها والتي نعتبرها صديقة ، ولكن هذا لا يمنع من طرح الأمور على بساط أحمدي مثلما يقولون ، حيث وكلنا يعلم بأنّ على الساحة العربية والإسلامية فريقان أحدهما يعمل بجد ودأب لتحقيق أهدافه المشروعة والغير مشروعة والآخر لا يعمل إلا على أساس ردّة الفعل وصد الهجمات وليس على بناء استراتيجة في استباق الأحداث وتكوين الدفاعات والمُضادات والحلفاء في التوجه المدعومين على أقل تقدير كما هو دعم  حُلفاء الطرف الآخر بغية منع التفكير من الخصم لمجرد فكرة الهجوم ، لوأد فتنته في أرضها من خلال الأعمال الوقائية المسبوقة من خلال الترتيبات التي تمنع التجاوزات أو التفكير بما في يد الآخر ، لأن الخصم أو العدو  قد يفشل مرّة ومرّات بأعماله العدائية التي قد تُعطيه المناعة فيما بعد للوصول الى أهدافه في السيطرة والتوسع لبناء إمبراطوريته وطموحاته ، فالفريق الأول لا زال يُعبئ الساحات ويُجيش الناس لأهدافه ويستجمع ما أمكنه من أجل غاياته ، والآخر لا زال سارح في خياله بعيداً عن واقعه متكل على غيره ولا يُبالي بما يجري حوله ، بل وحتى إلى مصالحه لم يلتفت ، والأول مُقدام الى كل ميدان للتهيئة لليوم الموعود الذي يقتصون فيه من أتباع قتلة الحسين رضي الله عنه كما يدعون وهم نحن أو أولئك المغتصبين التي أحلامهم لا تتوقف عند أرض فلسطين بل من النيل الى الفرات وحتى كعبة الإسلام لا يتوانون الحديث عنها ، والثاني تُحرق أمامه مواقعه المُتقدمة لأنصاره في كل البلدان العربية والإسلامية ودون أن يفعل لها شيء ، وخاصة بعد ضياع أفغانستان والعراق والتوغل الفارسي في كل البلدان العربية والإسلامية حتى صاروا شوكة وخطراً على الأنظمة والشعوب وقيمهم ووجودهم، والأول يُعد العدّة لما يُريد ، ويُنفق من أجل ذلك الأموال لشراء السلاح ونقله ولشراء الذمم والنفوس المريضة ولدعم الموالين ، والثاني ينفق أمواله وجهده على الليالي الحمراء وما يُرضي حلفاء الخصم الآخر ويبخل بالعطاء والتأييد لمن هم في خطه ولمن هو في المواقع الأمامية التي تحمي وجوده أو الزحف عليه  ، ليكون هؤلاء البواسل الذين هم في المواقع الأمامية  للدفاع عن الأمّة إرضاءاً لله مشاريع استشهاد وتضحية كي لا تصل يد الغدر إلى تلك الدول والشعوب وحتى تلك الأنظمة التي قررت عدم النصرة لتلك الدفاعات بينما دفاعات العدو وأدوات الطرف الآخر العميلة محمية بكل ما يتطلبه أنواع الحماية من مرشدهم الأعلى ، بل أولئك المدافعين عن حياض امتنا يتلقون في كثير من الأحيان من الظلم من  أولو القربى ما هو اشد مضاضة على المرء من وقع الحسام المُهند

ولنفتح بعضاً من صفحة الحساب لعقود طويلة مضت وننظر فيما قدمه الأقربون والأصدقاء ، وما قدمه  خصومهم من المشاريع والإنجازات والنجاحات في أرضنا وعلى حسابنا لأهدافهم ، فالفريق الثاني الحليف  لم يكن عنده استراتيجيات ولا مشاريع ولا أي طموحات سوى جمع المزيد من الأموال وكنزه ليخسروه في لعبة أشبه بلعبة قمار دفعة واحدة وكان أخرها لأكثر من اثنين تريليون ونصف – 2500 مليار دولار -  ممكن بجزء منها أن نبني الكثير من الدفاعات والمضّاضّات ودعم الفصائل الفلسطينية وفتح وحماس التي غسلت يدها من التعويل على الفريق الحليف ، والتي قررت انتزاع حقوقها وحقوق شعبها للبقاء بأيديها ، حتى تأقلمت مع هذا الواقع الأليم وتلك المُعطيات المُخيبة للآمال لتنتصر ، فلم تعتمد على أحد من هذا المُعسكر ، حتى اضطرت إلى التلون لتخط  طريقها عبر الشوك لا عبر الورود ، لتنتج جيلاً هزم بإرادته وتوكله على الله أعتى قوة مدعومة على الأرض ، بل المؤسف أيضاً في الموضوع ، وحسب التقارير الواصلة عن الفريق الحليف  وقوفه بمعظمه متفرجاً لا قوة له والبعض منه شارك في ذبح أهلنا في غزة ، بل وكما وصلنا بأن تمنّى على الإسرائيليين بالاستمرار في العدوان لسحق حماس ولو أدّى ذلك للقضاء على كل مافي غزّة ، ليثبت هذا الفريق مرّة أُخرى  فشل سياساته ، ليُضاف الى سجله المزيد من الانتكاسات والهزائم والمخازي التي سيسأله التاريخ عنها ، ولتضيع البلاد والأوطان واحداً تلوى الآخرى  كما ضاعت البلاد الإسلامية في السابق بأيدي الصليبيين والتتار وأعداء الأمتين العربية والإسلامية

ونحن هنا لسنا بصدد الحساب للتصفية ، بل تذكير لمراجعة تلك السياسات الخاطئة أو الضعيفة للتصحيح ، واستبدال مُستشاري الانهزام والفتنة بمن خبروا الواقع وعرفوا أبعاد المؤامرة المُحاكة ضد الأمّة ، فحزب الله لم يكن ذا عمر وتجربة طويلة ، والذي  أصبح اليوم  ذا شأن ومكانة وتأثير لا يستطيع أحد إخفاءها بفضل الدعم الإيراني اللا محدود له ولأذرعها السياسية والعسكرية في منطقتنا العربية والإسلامية ، والذي – حزب الله - صار عنده القدرة اليوم على الإزعاجات والتنغيصات والإحتلالات والسيطرة على كل لبنان إن أراد ذلك ولست مُبالغا بكلامي هذا، إضافة إلى قدرته على فتح الجبهات في أي وقت ، بعيداً عن سلطة الدولة التي استعادت أراضيها المُحتلة على عكس الفلسطينيين الرازحين تحت نير الاحتلال وقهره وإذلاله ، وبالأمس ما قبل غزو بيروت بسنة وبحسب خبرتي بالوضع اللبناني كتبت مقالاً حذرت فيها من خطورة الوضع وتجاوزات حزب الله ، وإمكانية سيطرته على كل مفاصل الدولة وفرض أمر الواقع – الانقلاب – الذي رسمت له السيناريو وحصل كما رسمت ، وناشدت الأطراف حينها لمنعه قبل حصوله ، ولكن جاءتني التطمينات باستحالة الأمر ، وإذ نُفاجأ  جميعاً في 7 أيّار باجتياح بيروت ، وتوقفهم لأمر ما عن احتلال كل لبنان  لأسباب لا أريد ذكرها الآن ، والتي انتفت أسبابها وموانعها في هذه الأيام التي نشهد فيها تصعيداً مُماثلاً لما قبل الاجتياح ، والتي – الصدامات -  على الدوام يدفع أثمانها القوى الحرّة والديمقراطية المُستضعفة ، بينما حلفائهم الذين يستطيعون فعل كل شيء ينظرون إليهم ويعجزون عند النقطة الحاسمة بسبب تقاعسهم عن فعل أي شيء لدعمهم إلا باليسير الذي لا يُغني ولا يُسمن من جوع ، ولذلك ومن باب الحرص على كل القوى اللبنانية التي أدعوها إلى التهدئة والابتعاد عن العنتريات ، للاكتفاء  بالتنافس السياسي بعيداً عن التهييج والى بذل كل المحاولات لإطفاء النار ، لأنّ لهجة الحزب الجديدة ومن معه تُنذر بأشياء كثيرة وخاصة بعد اتهامه للقوات اللبنانية باختطاف وإخفاء الدبلوماسيين الإيرانيين وتحميله المسؤولية بعد كل هذه السنين الطويلة عن تلك الواقعة ، التي قرر اللبنانيون طي صفحة الحرب لنراها تُفتح من جديد 

وأخيراً أقول : بأننا لا نقصد في مقالاتنا ورؤيتنا الواقعية هذه إضعاف طرف في المُعادلة العربية لحساب طرف آخر ، بل نسعى على استنهاض هذا الطرف المُتراخي ليُعيد زمام الأمور إليه من الغرباء والدخلاء من خلال تبصرتنا له على مواقفه السلبية التي لا تؤدي في النهاية إلاّ لضياع الأمّة وارتماءها في أحضان خصومها وأعدائها ذليلة لا حراك لها ، وحتى حماس التي أُذيت كثيراً من هذا الموقف السلبي لم تتناول أيّاً من الأنظمة التي أساءت إليها استشعاراً بخطورة الموقف وتأثير التداعيات على قضية شعبها ، في نفس الوقت الذي طالبت فيه بتجاوز المرحلة والنظر إلى الأمام لإعادة البناء والترميم للوقوف بوجه أي اعتداء ، كما وطالبت بوضع إستراتيجية تجعل من الأمّة العربية أكثر حصانة من السابق بعد ذلك الانتصار الكبير في غزّة وهزيمة العدو