وقفة مع غزة أعزها الله-1

د. عبد الله السوري

وقفة مع غزة أعزها الله

- 1-

د. عبد الله السوري

[email protected]

وقفت أمس الحرب الشرسة على  إخواننا المسلمين في غـزة ، وأدعو الله أن يستمر وقف إطلاق النار ، وأن ينسحب جيش الصهاينة من القطاع البطل ، وأن تفتح المعابر ويرفع الحصار ، بعد أن عشنا اثني وعشرين يوماً نغص في الماء والهواء ، عندما نشاهد المجازر الوحشية التي لايفعلها إلا الصهاينة ...

واليوم ينظر المسلم في الحدث فيرى أموراً عجيبة منها :

1- صمود الشعب الفلسطيني البطل ، صمود أبطال المقاومة في حركة حماس والجهاد الإسلامي ، وألوية الناصر صلاح الدين وغيرها من فصائل المقاومة ، صمود المرأة المسلمة الفلسطينية ، التي قتل الصهاينة أولادها مرة واحدة ، وهي تقول حسبنا الله ونعم الوكيل ، صمود الرجل العادي الفلسطيني ، الذي تحمل آلـة القتل والدمار الصهيونية بعد زمن طويل من الحصار ، ونقص الثمرات والأموال ، صمود فريد مميز على مدى التاريخ .

2- عرفنا في حروب الجيوش العربية مع الصهاينة في عام (1973) وفي (1967) وغيرها ، أن الجيوش العربية تقف عن القتال بعد أن يشل الصهاينة قدرتها القتالية ، ويحطمون إرادتها العسكرية ، وتطلب هذه الحكومات من مجلس الأمن وقف إطلاق النار ، أما في الحرب التي شنها الصهاينة على المقاومة الإسلامية ، وقف العدو عن إطلاق النار ، وتبعه بعد بضعة عشر ساعة وقوف المقاومة المشروط والمحدد عن إطلاق النار .

3- لو قارنا بين الجيوش العربية ، جيوش الأنظمة الحاكمة ، ورجال المقاومة الفلسطينية ، لوجدنا استحالة المقارنة بين جيوش فيها الطائرات والدبابات ومئات الألوف من الجنود المحترفين والضباط الذين نهبوا خيرات البلد، ويزعمون أن يدافعوا عنه ، ورجال المقاومة وأسلحتهم الفردية لاغير ...حتى صواريخهم هذه التي أصابت مئات الصهاينة ، وملأت قلوبهم بالهلـع ، صواريخ صغيرة يحملها مقاتل واحد فقط ، ولذلك تسمى أسلحة فرديـة أيضاً .

4- الفارق الذي يصعب على المقارنة هو إرداة القتال عند رجال المقاومة ، لأنهم يريدون الجنة ، يتسابقون إلى الشهادة ، إلى حور العين في القصور في جنان الخلد ، بعد أن أتقنوا فن القتال والجهاد بأسلحتهم الفردية المتاحة لهم ، حتى صواريخهم التي نشرت الهلع بين الصهاينة صنعوها بأيديهم ، وأسأل الله أن يأتي اليوم الذي يصنعون فيه الصواريخ التي تدك تل أبيب وليس ذلك على الله ببعيد ... يصعب مقارنة ماسلف مع حب الدنيا وكراهية الموت المعشش عند الجيوش العربية النظامية، والتي أعدت لحماية عروش الأنظمة ، وقتال الشعب إذا فكر أو خطر في ذهنه تغيير حكومته بأحسن منها ...

5- سقطت ـ وإلى الأبد ـ شعارات المقاومة الفارغة والكاذبة ، التي رفعها الرافضة في جنوب لبنان ، والنظام الأسدي في سوريا ، سقط التغميز على اليسار والذهاب من اليمين ، سقطت المخادعة العفنـة ، وكم كان العرب والمسلمون والعالم أجمع يتمنون لو أن النظام السوري حشد جيشه على حدود الجولان ، ليردها ويحررها من الاحتلال الصهيوني ، أو على الأقل يحشد جيشه على الحدود ، دون قتال ليخيف الصهاينة ، ويخفف الضغط على قطاع غـزة ... وكم كان الجميع يتمنى رشقات من صواريخ حزب الله كالتي كانت في صيف (2006) تشغل الصهاينة وترهبهم ، وتقلل الضغط على قطاع غـزة ، وآلاف الصواريخ مخزنة عند حزب الله ، وعند النظام السوري ، كميات من الصواريخ تكفي لتدمير الكيان الصهيوني ـ لو أرادوا ذلك ـ ولكن لم تنطلق سوى بضع صواريخ ـ على استحياء ـ أطلقتها الجبهة الشعبية الفلسطينية .

6- سقط الكيان الصهيوني ، الذي يسعى ليل نهار إلى التطبيع مع العرب ، وسقطت كل المبادرات التي تدعو إلى ذلك ، وأكد الصهاينة أنهم لا يريدون سوى قتل الشعب الفلسطيني أولاً ، ومن ثم الشعوب العربية كلها ، أو يجعلونها خدماً ، كما يقول تلمودهم ، لأنهم يدعون أنهم شعب الله المختار ، وأن الله خلق ( الجوييم ) لخدمتهم وحدهم .

7- أكد الصهاينة أنهم لايحترمون عرفاً ولا قانوناً دولياً أو سماوياً ، فقد قصفوا مدارس الأونروا ، وقصفوا سيارات وطواقم الإسعاف ، وقصفوا العمارة التي سكنت فيها وسائل الإعلام العالمية ، وقصفوا جنديهم الأسير بيد رجال المقاومة ، إنهم لا يتقنون سوى فن القصف ، والقتل من بعد ...

8- وضح لكل ذي عينين أن رجال المقاومة ، رجال حركة المقاومة الإسلامية ، رجال الإخوان المسلمين الفلسطينين ،ورجال الجهاد الإسلامي ، وغيرهم من فصائل الحركة الإسلامية، هم الطريق الوحيد لتحرير فلسطين والعراق وأفغانستان ، وجميع الديار المسلمة المغتصبة ... ويتساءل العرب والمسلمون الآن لماذا تضطهد الحكومات والأنظمة العربية  والمسلمة جماعة الإخوان المسلمين ، وفصائل الحركة الإسلامية !!!؟ لماذا تعتقل قياداتهم بضع مرات في السنة ، ولماذا يسن النظام السوري المرسوم (49) القاضي بإعدام كل من انتسب لجماعة الإخوان المسلمين ، بل طبقوا هذا المرسوم على مواطن تبين لهم أنه فكر بالانتماء إلى هذه الجماعة ، ولماذا يشرد مئات الألوف من الإخوان المسلمين السوريين واللليبين والتونسيين وغيرهم ، وينفون من بلادهم ، ليعيشوا غرباء لاجئين... وعرف العرب والمسلمون من هو المستفيد الأول من ذلك الاضطهاد كله !!!؟

هذه خواطر سريعة بعد وقف إطلاق النار ، والفلسطينيون الأبطال يخرجون جثث الشهداء من تحت الأنقاض ، ويحصون آلاف المنازل التي دمرها الصهاينة ، والمساجد والمصانع والمدارس التي هدمت أو تضررت .... وإلى لقاء ثان بإذن الله ، وأدعو الله أن يستمر وقف إطلاق النار ، وأن تفتح المعابر ويرفع الحصار ، والله على كل شيء قدير ...