غزة حين تفضحنا

غزة حين تفضحنا

د. مأمون فريز جرار

[email protected]

عزة تفضحنا جميعا ..حكاما وشعوبا .. أحزابا وجماعات وأفرادا !!

غزة تفضحنا لآن ما يجري فيها من مجزرة بشرية لم نستطع أن نجاريه بأكثر من الانفعال والصراخ والبكاء جماعات في تظاهرات جماهيرية حاشدة تبح فيها الأصوات بل يفقد بعض خطبائنا أصواتهم من شدة الانفعال ، وفي اعتصامات من أجل تحقيق مطالب أعلاها سقفا هو : طرد السفير الإسرائيلي وإغلاق السفارة الإسرائيلية في البلاد التي فيها سفير !! ومن أبلغ ما سمعت من توصيف لفضيحة غزة لواقعنا ما سمعته من تعليق مواطنة عربية في إحدى القنوات الفضائية حين قالت : لقد تحولت الأمة العربية إلى منظمة هلال أحمر حين لم تستطع أن تنجد غزة بأكثر من المعونات الغذائية والطبية !!

نعم غزة تفضحنا جميعا !! أما الدول العربية فهي في عجز إن أحسنا الظن ببعضها ، وفي تواطؤ إن صدقنا ما تقوله وزيرة خارجية العدو ليفني  عن بعض هذه الدول !! والأمران بينان لكل ذي عينين ولا يحتاجان إلى كبير ذكاء

الجامعة العربية صارت رمزا للعجز الشامل فهي مصدر سخرية واستهزاء من المواطن العربي حين يرى وزراء الخارجية العرب وما نتج عن اجتماعهم الأخير ، وما صدر عقب الاجتماع من تصريحات هي أشبه بمسرحية هزلية أو بنص أدبي من نصوص الهلوسة واللامعقول فقد خرج الوزراء بدعوة إلى تفعيل مجلس الدفاع العربي المشترك الذي لم ينعقد من سنين بل ربما من عقود !! وانتظري يا غزة ، وكانت الطامة الكبرى التي كانت أكبر علامة من علامات العجز العربي ممثلا بالجامعة حين طلبت الجامعة  من الرئيس الفلسطيني أن يتوجه إلى مجلس الأمن !! وهذا تصريح بأننا لا نستطيع أن نقدم لك  يا غزة شيئا !!

والجامعة العربية لم تستطع أن تعقد قمة عربية لسبب واحد هو أن الموضوع الداعي إلى القمة قد تم شطبه من الأجندة العربية منذ أسقطت الأمة لاءات مؤتمر الخرطوم الثلاث : لا صلح ولا مفاوضة ولا اعتراف بإسرائيل ، فالخيار العسكري في التعامل مع الوجود اليهودي في فلسطين تم إلغاؤه ورفعت الدول العربية التي رضيت بإسرائيل جارة عزيزة في الشرق الأوسط رفعت لاء عربية كبيرة في وجه المقاومة المسلحة بل إن أجنحة كثيرة من المنظمات الفلسطينية ألغت الخيار العسكري ودخلت في مفاوضات أسفرت عن وجود هزيل اسمه السلطة الوطنية التي لم تستطع بعد أن تعرف حدود فلسطين بالمفهوم الجديد ولم تستطع أن توفر للفلسطينيين الحد الأدنى من مقومات الحياة

ولم تنعقد القمة لأن الجهة المستغيثة هي غزة البطلة التي تحكمها حماس التي هي جناح من أجنحة جماعة الإخوان المسلمين وهي جماعة مطاردة مضطهدة في كثير من الدول العربية فهل تعينها على تحقيق نصر يمكّن للجماعة المطاردة ؟!

غزة تفضحنا جميعا ، تفضح الأحزاب العربية التي لم تستطع أكثر من تحريك الشارع العربي ليتجمع ويصرخ ويطالب ، وليتبرع ، فأين مشاريع النهضة التي كانت هذه الأحزاب تحملها قومية عربية أو إسلامية  ؟! وأين جهودها لتوحيد الأمة وجمع كلمتها ؟ لقد تشرذمت هذه الأحزاب والجماعات ، وانشغلت بهموم صغيرة فيها تنافس على الدنيا من مناصب وزارية ونيابية  ومنافع فردية في مؤسسات تابعة لها  وبذلك نسيت ما أنشئت من أجله ولتحقيقه

غزة تفضحنا جميعا حين نتحول إلى مشاهدين أمام التلفزيونات نحترق ويرتفع ضغطنا وننفعل ونبكي ونشتم ، وحدودنا مع الأرض المحتلة آمنة لا يخاف العدو منها اختراقا ، وجيوشنا ربما تتساءل عن سبب وجودها ،والكل يبحث عن الأمة العربية والعزة العربية !!!

غزة تفضحنا.. تعرينا..و لا أدري بأي شيء نستطيع أن نستر عوراتنا المكشوفة ؟؟ وماذا ننتظر أن يسفر عنه العدوان الهمجي على غزة ونحن نرى كل شيء بالبث المباشر ؟!!!