كرسي الشهادة
د. محمد يحيى برزق
منذ أن استلمت حماس الحكم في أراضي غزة و الضفة و الآلة الإعلامية المحلية و العربية و الدولية تؤكد أن كل ما يجري خصوصا بعد الحسم العسكري ليس سوى قتال على كرسي الحكم. الأمر الذي دعا بعض الأسماء اللامعة مثل الإعلامي البارز عبد الباري عطوان أن يعنون أحد مقالاته (أنا أخجل أن أقول إني فلسطيني) ثم تأكيده أن ما يحدث هو مجرد تكالب على كرسي الحكم سامحه الله.. و منذ ذلك الحين ولسان كلاب السلطة الأوفياء ينفلت من بين أنيابها الزرقاء و من ورائهم قطعان الجهلة و المغرضين يرددون هذه المقولة, لا يثنيهم ما يسمعون و يرون و يعيشون من أعمال هذه الحكومة الرشيدة من ضبط للأمن و تطهير للبلاد من الجريمة و المخدرات و حماية من الأعداء باذلة في سبيل ذلك النفس و النفيس.
لقد كانت حماس و ما زالت ترد على هذا الكلام بالأعمال العظيمة لا تبالي ما يصيبها لقد أطلق السيد الفاضل إسماعيل هنية رئيس الحكومة الشرعية الوحيدة في تاريخ الشعب الفلسطيني مقولة ما زالت الجماهير ترددها من ورائه: هي لله هي لله لا للشهرة ولا للجاه.
أحب أن أذكر الجميع هنا أن معظم أفراد الوزارة في غزة هم من الذين قتلتهم إسرائيل فعليا لكن الله شاء أن لا يموتوا...
و هذا النوع من الشهداء الأحياء لا يطمع في دنيا حقيرة خصوصا و هم يقودون قطاعات من الفدائيين يتنافسون على الجنة..من باب الاستشهاد.. ولا يقبل الجلوس على كرسي الحكم و الوزارة في غزة إلا من باع نفسه لله.
من يرغب في هذه الأحوال من استهداف لكل ما يمت لحماس و المقاومة بصلة أن يصدّر نفسه لمنافسة حماس على كرسي الشهادة؟ مَن ِمن أولئك الذين مازالوا يغطون أعينهم عن كل ما قدمته و مازالت تقدمه المقاومة بزعامة حماس, يجرؤ على المطالبة بمثل هذا النوع من كراسي الحكم التي تشبه كرسي الإعدام إلا إذا كان قد باع نفسه لله و للوطن.
نعم إن كراسي الحكم عند المسلمين تختلف تماما عن ما هي عليه عند غيرهم, ففي الوقت الذي كانت فيه هذه الكراسي منابر للجريمة و الفساد و الانحطاط بأقذر صفاته من عمالة و نذالة و بيع للوطن و الناس حتى شاء الله و أذن لعباده المؤمنين أن يغسلوا بماء النار رجس النجس الذي كان يحكم غزة و ها هو كرسي الحكم اليوم يبرز كما يجب أن يكون موقعا من أهم مواقع العطاء و التضحية و الفداء لا يجلس عليه و لا يقوم من فوقه بحقه إلا مؤمن باع نفسه لله.
امضي أيتها الحكومة الرشيدة لا تبالي بأنياب الكلاب و ألسنتهم و يرعاك الله و يحفظك ذخرا لغزة الصمود و العزة و للضفة عاصمة الاستشهاد و لفلسطين رمز الكبرياء و لأمة الإسلام عنوان الطهر و التحضر و مدد السماء.