كلهم قتلة والمعلم واحد

مؤمن محمد نديم كويفاتيه/ سوري في اليمن

[email protected]

من تعودت يداه على سفك الدماء دون مُراعاة لضمير أو رأي أو شعور بإنسانية ، من استمرأ إهانة النّاس وازلالهم والتفرقة بينهم على أساس عنصري واغتصاب حقوقهم وأملاكهم والتجاوز عليهم ، ومن لا يستطيع أن يعيش إلا على مُعانات الناس وألالامهم ؟ فإنه بالتالي لا يستطيع أن يعيش إلا على ارتكاب المجازر تلو المجازر والانتهاكات تلو الانتهاكات والتعسفات تلو التعسفات . واليوم إسرائيل تقصف وتستبيح غزّة وتذبح أهلها بعد حصاراتها المستمرة والدائمة للفلسطينيين وبلداتهم ومناطقهم وحياتهم على مر سنين الاحتلال لفسطيننا الحبيبة ، ليسقط المئات مابين شهيد وجريح ، اختزلتها دول الصمود والتصدّي والأبواق النتنة التي تدعي الغيرة والشهامة ولا تُجيد إلا خطابات الإطراء لدول المواجهة كما هم يُسمونها بالحذاء على بوش ، والتي خرست أمام تلك المجزرة وخنست ولم نسمع لها صوتاً ، ليكون ذلك الحذاء تسلية لذبح أُمّة والقادم ما هو أعظم ، ولست اليوم مع حماس ولا مع فتح ولا الفصائل الأخرى بل مع كل الشعب الفلسطيني المظلوم الذي أشعر بألا لامه كما هي ألآلام الشعب السوري المقموع والمقهور الذي اُستبيحت دماءه وأعراضه وأمواله ووجوده تحت غطاء مُحاولة اغتيال الأسد الأب ، ولا زالت ممارسات السلطة إلى يومنا هذا تعمل على إثر مُخلفات الماضي ، ولا زال قانون الطوارئ وقانون العار 49 لعام 1980 والقوانين الاستثنائية إلى اليوم معمول بها لتكميم أفواه شعبنا وإخضاعه وإذلاله ، ولازالت الأحكام الجائرة تصدر بحق أحرار سورية ومُفكريها وقادتها ، ولا زالت المذابح تُقام بين فترة وأُخرى كما جرى في مناطق إخواننا الأكراد ودمشق وحلب من تصفيات ، وفي سجن صيدنايا مع العُزّل من مُعتقلي الرأي ولا زالت بلادنا أسيرة نظام غاشم مُستبد طائفي حاقد ينظر إلى مواطنينا جميعهم كمتهمين وأعداء له كما تنظر إسرائيل إلى أهل الأرض المُقدسة الفلسطينية بهذه العُنصرية المقيتة

مئتي وخمسين شهيد وحبيب مابين طفل ورضيع وامرأة وشيخ وشباب بعمر الزهور قضوا في ساعات أمام مرأى ومسمع الكون بأجمعه دون أن يُحرك ذلك ساكناً لدى البشرية الخرساء التي تدعي التمدن والتطور والأخلاقية العالية ، تماماً كما قُتل عشرات الآلاف في كل من حلب ودمشق وادلب وجسر الشغور وحماة والقامشلي وكل المدن والقرى السورية ولا سيّما حماة الشهيدة التي دُمرت بأكملها فوق ساكنيها دون رحمة بعدما بُقرت بطون الحوامل وحتّى الأجنة في بطون أُمهاتها تمّ القضاء عليها ، وكذلك الفلسطينيون لم يسلموا في تل الزعتر من مثيلاتها من الجرائم الإنسانية وبما يُقارب الثلاثين ألف شهيد ولا حتّى اللبنانيين الأحبة لم يسلموا من تلك اليد الآثمة التي حصدت أرواحهم من غير سبب سوى لرغبة القتل والانتقام وحب السيطرة واستعباد البشر وكل تلك الجرائم أيضاً مرّت بلا حساب ، وكذلك جرائم العهد الجديد على مرأى ومسمع العالم بأجمعه في الداخل السوري ولبنان والعراق أيضاً مرّت بلا حساب ، بل تمّ تخدير النّاس بالتعهد بمحاكمة لم تنعقد وبتميعيها برغم توفر كل أسبابها ومُقوماتها ، لنستدل على أنّ اليد التي ترعى القتلة في إسرائيل هي اليد نفسها التي ترعى قتل أبناء شعبنا السوري وقهره وتشريده

وما يحدث اليوم في فلسطين الحبيبة وبالذات في غزّة الفداء والكرامة ما هو إلا بداية لثورة التحرر والخلاص من ربقة الاحتلال ونيل الحقوق لكل أهلنا في تلك البقعة المُباركة وليس لغزة فحسب ، ومجزرة اليوم هي أشبه بمجزرة البرلمان السوري وقصف دمشق في عهد الاستعمار الفرنسي لسورية عام 1945 التي جاءت بالاستقلال والتحرر، والشعب الفلسطيني اليوم بكل فئاته هو مفخرة العالم أجمع ، وعبّاس وهنية وسعدات وكل الشُرفاء هم عنوان الصمود والتضحية لا نخون أحداً منهم وكلهم أبطال وكُل واحد منهم يقف على ثغر من ثغور الوطن الباسل يحميه ويؤدّي دوره، وليس من مصلحة أحد إلا الأعداء في بعث الأحقاد بين الإخوة لا سيما في الظروف الصعبة التي تمرُّ بها فلسطيننا الحبيبة ، بل لنجعل أعيننا وتفكيرنا وخططنا كلها باتجاه القتلة أعداء الله وأعداء الإنسانية للتخلص من ظلمهم واستكبارهم وشرورهم.