عون – جئت لا مرحبا بك

م. غسّان النجّار

نقابي – إسلامي

[email protected]

كان الحديث عن ميشيل عون في سورية قبيل عام 2005 – دون أن يشتم أو يلعن – نوعا من الخيانة الوطنية أو الكفر , ولقد وصفته قناة الجزيرة بأنه : ( قاتل السوريين ) , فلا يكاد يخلو حيّ من أحياء المدينة إلا وفيها شهيد من جرائم عون , أفبعد هذا كلّه يعقل أن تصفه الإذاعة الرسمية السورية ؛ بأنّه يستقبل في سورية استقبالا شعبيا حافلا  ؟؟ !! .

تربّع ميشيل عون على رأس حكومة عسكرية في قصر بعبدا في خطوة غير دستورية وذلك في مواجهة حكومة مدنية شرعية يرأسها سليم الحص , وفي عام 1989 تم التوصل الى اتّفاق الطائف الّذي أنهى الحرب الأهلية , لكن ميشيل عون رفض الاتّفاق وبدأ يتصدّى للقوات السورية الّتي دخلت لبنان بمباركة عربية ودولية وموافقة أمريكية ولقد تمّت مواجهته بعملية سورية لبنانية مشتركة , فهرب من قصر بعبدا الى السفارة الفرنسية في بيروت وترك زوجته وبناته في القصر الجمهوري , وكان الجيش السوري في مرمى مدفعية الجيش اللبناني الموالي لعون وأمامه حقول الألغام وهو يتصدّى لها بكل بسالة وتضحية , فترك وراءه قبل أن يستولي على القصر آلاف الشهداء من الجيش السوري .

وفي عام 1991 سمح له بالتوجه الى منفاه في باريس بموجب صفقة سورية فرنسية حيث مكث في المنفى خمسة عشر عاما ولغاية 7 أيار عام 2005 .

وفي 6 شباط لعام 2006 وقّّعّ ميشيل عون وثيقة تفاهم مع حزب الله وذلك داخل كنيسة مارمخايل !!في بيروت .

وإذا كان النظام السوري ينسى جراحات شعبه بهذه السهولة وحتّى دون أن يعتذر عون عمّا أجرم بل حتّى أثناء       الزيارة كان يغمز من حكم الرئيس الراحل حافظ الأسد , وكان هذا التراجع من النظام لمصلحة براغماتية شخصية ولحسابات خاصة , لكنّ الشعب السوري له حسابات أخرى كان الأولى أن تراعى قبل الإقدام على هذه المصالحة , وان أدري لعلّ الرئيس الراحل حافظ الأسد يتململ الآن في قبره ؟

ومع كل ذلك وإذا برّرنا أنّ السياسة ليس لها دين , اذ أصبح العدوّ اللدود بالأمس القريب هو الصديق الحميم هذا اليوم , كما أنّ المصالحة تمّت بين المسلمين السنّة والشيعة في طرابلس , فعلام نحن هنا في سورية لا نرتضي أن نغلق ملفّا ساخنا هو أخطر ما مرّ على سورية ونستمر في حمل الغلّ والأحقاد والضغائن بين فئات الشعب الواحد والانقسام والفرقة تتهددنا من كل جانب ؟؟!! .

قال لي – أثناء دعوة تلقيتها – رئيس قسم الأحزاب في الأمن العسكري  وكان يحدّثني عن جماعة الإخوان المسلمين : " إن الجماعة الّتي يرأسها اليوم علي البيانوني هو وفريق القيادة معه هم أكثر اعتدالا الآن وأقلّ تشددا من القيادات السابقة " فأجبته على الفور : اذن لماذا لا تباشروا فورا بالمصالحة وتنهوا هذا الشرخ الكبير داخل المجتمع السوري وقد صار على الجرح النازف حوالي ثلاثون عاما ؟؟!! .

إذا كان العدوّ اللدود وقد ذ بح الآلاف من جنودنا الأبطال ينقلب الى خلّ وفي ووطني كبير و فلا أقل من أن نزن الأمور بميزان واحد وما أحرانا أن ينسى شعبنا - وهم أخوة على مرّ التاريخ تجمعهم المواطنة والحاضر والمستقبل – أن ننسى جراحاتنا ويعود نسيج المجتمع كتلة متراصة في مواجهة العدو الخارجي المشترك , وذلك بعودة المنفيين والإفراج عن المعتقلين وإلغاء القانون تسع وأربعين وإنهاء قضية المفقودين والمصالحة بين النظام والإخوان المسلمين حيث وصفهم زعيم التجمع الوطني الديمقراطي الأستاذ حسن عبد العظيم بأنّهم فريق وطني مخلص .

هذا ماتطالب به نخب المجتمع جميعا –على اختلاف انتماءاتها – وعلى رأسهم قادة من المجتمع كبار أمثال الشيخ الدكتور إبراهيم السلقيني والشيخ الأستاذ جودت سعيد والناشط الحقوقي هيثم المالح والأستاذ المحامي رياض الترك والأستاذ المحامي حسن عبد العظيم وكثير من المفكرين والعلماء والمصلحين , بل هو مطلب الشعب جميعا أينما حللت وأنّى توجّهت , عندها ستصبح سورية بألف خير يعمّ بها البركة والخير والاستقرار والله من وراء القصد .

وأخيرا باسمي وباسم كافة مؤيّدي التيار الإسلامي الديمقراطي المستقل – داخل الوطن الحبيب – نبارك للشعب السوري الحبيب بكافة طوائفه وللأمة الإسلامية جمعاء بمناسبة حلول عيد الأضحى المبارك جعله الله رحمة وهداية وأمنا ورخاء وسلاما على الجميع وكل عام وأنتم بألف خير .

إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت واليه أنيب .