أوضاع فلسطينية قاسية وانفجار وشيك

د. ياسر سعد

[email protected]

الأوضاع الفلسطينية سياسيا وأمنيا ومعيشيا صعبة وقاسية, فيما العمق العربي والإسلامي للفلسطينيين غائب ومغيب بشكل شبه كامل.  الدول العربية والتي تمسكت في قمة دمشق بمبادرتها للسلام مع الدولة العبرية مع الوعد بتقييم الخطوات الإسرائيلية, لم تقم بذلك التقييم على الإطلاق, بل إن رئيسة القمة "سوريا" تندفع بمفاوضاتها مع إسرائيل بغض النظر عما يحدث في فلسطين, والتي كانت تعتبر قضية العرب المركزية الأولى.

الحديث عن تهويد القدس والمخططات الإسرائيلية لاستهداف المسجد الأقصى بالحفريات وبغيرها لم تعد من الأمور التي تستفز الضمير العربي أو تنال حقها من التغطية الإعلامية. الشيخ محمد حسين, المفتي العام للقدس, حذر في بيان أصدره سلطات الاحتلال من مغبة المضي قدمًا في المخطط "القديم الجديد" لبناء معبد يهودي بالقرب من المسجد الأقصى. واعتبر البيان أن الإصرار الإسرائيلي على هدم طريق تلة باب المغاربة، وإقامة جسر مكانها يهدف لتسهيل عمليات اقتحام المسجد الأقصى من قبل هذه السلطات ومستوطنيها, وأن الهدف من بناء كنيس في ساحة البراق هو ليكون نواة للهيكل المزعوم الذي يسعى المستوطنون والمتطرفون اليهود لإقامته على أنقاض الأقصى. ونبه بيان المفتي, العالم الإسلامي من أن التهديدات لم تعد مجرد كلام فالسلطات "الإسرائيلية" تدعم خطط المتطرفين اليهود ضد المسجد الأقصى.

من جهة أخرى رفضت السلطات الفلسطينية اقتراحا إسرائيليا للسلام لأنه لا يتضمن دولة فلسطينية ذات تواصل بري وعاصمتها القدس. وقال نبيل أبو ردينة أن الخطة التي قدمها أيهود اولمرت تظهر "عدم الجدية" وبأنها "إضاعة للوقت" . عرض اولمرت تجاهل القدس واشترط على السلطة كبح المقاومين واستعادة السيطرة على قطاع غزة.

يأتي الرفض الفلسطيني لعرض اولمرت بعد تأكيد أحمد قريع بأن المفاوضات مع إسرائيل جدية وصعبة، لكنها لم تصل لاتفاق على أية قضية من قضايا مفاوضات الحل النهائي وبالتالي فإن الحل الوحيد قد يكون دولة ثنائية القومية. مواقف السلطة تكشف فشلا ذريعا في المفاوضات والتي تشكل إستراتيجيتها الوحيدة رغم تكرار اللقاءات والإعلانات المتفائلة. ومع اقتراب مغادرة بوش واولمرت لموقعيهما فإن تلك المفاوضات لا تعدو أن تكون قتلا للوقت وبوابة إسرائيلية للتطبيع وللعلاقات العامة.

وفي الوقت الذي تغرق فيه السلطة الفلسطينية سياسيا في الضفة الغربية والتي ينهشها الاستيطان وتعبث بها توغلات واعتقالات الاحتلال, يختنق قطاع غزة من قسوة الحصار الإسرائيلي عليه والذي يدعمه موقف مصري حازم فيما يتعلق بمعبر رفح. الفلسطينيون في غزة نظموا اعتصامات أمام المعبر المصري تعبيرا عن ضيقهم بموقف الشقيقة مصر من معاناتهم, ذلك الضيق الذي عكسته أيضا اتهامات وزارة الداخلية في حكومة هنية للسلطات المصرية باستخدام تقنيات متطورة ووسائل خطيرة كالغاز والمياه لمكافحة الأنفاق رضوخا لضغوط أمريكية وإسرائيلية عليها.

استهداف المسجد الأقصى, وانسداد الآفاق السياسية أمام الفلسطينيين, وتبخر الوعود الأمريكية والدولية, والأحوال المعيشية الصعبة واللامبالاة العربية, عوامل ستدفع بالشباب الفلسطيني المحبط إلى التطرف فكرا ومنهجا وسبيلا وقد تؤدي لانفجار فلسطيني شعبي وانتفاضة ثالثة.