أوباما والفائض العراقي

د. ياسر سعد

[email protected]

دعا السيناتور باراك أوباما العراقيين إلى تحمل زمام المسؤولية في بلادِهم والإنفاق على مشاريع إعادة الأعمار خصوصا بعد الإعلان عن فائض في ميزانية العراق بقيمة 79 مليار دولار.  وقال :"بينما تودع الأموال العراقية في بنوك أميركية، يواصل دافعو الضرائب الأميركيون صرف عشرات المليارات من الدولارات شهريا على الدفاع عن العراق وإعادة أعماره, نعم أميركا تواجه عجزا ماليا هائلا بينما لدى العراق فائض في الميزانية". وأضاف منتقدا سياسة بوش في العراق نحن في السنة الخامسة من حرب في بلد لم يكن له أية علاقة بهجمات سبتمبر, لقد صرفنا نحو تريليون دولار فيه, فيما تعاني مدارسنا من ضعف مخصصاتها وشوارعنا وجسورنا على شفا الانهيار في ظل ارتفاع أسعار المواد الغذائية والنفطية.

تصريح أوباما حمل تناقضا واضحا, ففي الوقت الذي يقر فيه بأن لا علاقة للعراق بهجمات سبتمبر فإنه يتجاهل أن الإنفاق الأمريكي في العراق كان لاحتلاله وتدميره وليس لإعادة أعماره. أمريكا كقوة محتلة مسؤولة عن الدمار الذي حصل للعراق والمآسي الإنسانية التي حلت به من قتل وتهجير مئات الالآف من مواطنيه. أمريكا لا تدافع عن العراق كما يقول أوباما, بل هي التي دمرته وفككت جيشه وجعلته ميدانا للمخابرات الأجنبية ولميلشيات الموت ولجماعات التطرف. المجتمع الدولي بقيادة الولايات المتحدة ألزم العراق بدفع تعويضات لاحتلال نظامه غير المنتخب الكويت عدة شهور, فلما لا يطالب الاحتلال الأمريكي بدفع تعويضات على ما سببه في العراق من كوارث إنسانية وبيئية وعلمية جراء حرب غير مشروعة ولا مبررة؟ 

المواقف الأمريكية من الوضع العراقي تتجاهل معاناة العراقيين ومآسيهم. السؤال الذي يجب أن يُطرح على الحكومة العراقية وعلى الاحتلال الأمريكي الذي يسيرها,  أين تذهب أموال العراق وعائداته من النفط والعراقيون بمجملهم يعانون من تدهور الخدمات ومن الفقر والفاقة؟ فيما تقارير المنظمات الدولية تتحدث عن سوء تغذية الأطفال ونقص مياه الشرب وعن مخاطر انتشار الأوبئة في العراق المنكوب.

العراق الأمريكي يتصدر قائمة الدول الفاشلة والأكثر فسادا في العالم. في الوقت الذي تشير تقارير صحفية إلى أن الولايات المتحدة تمول حربها على الإرهاب من عائدات النفط العراقية, بعكس ما يشاع من أن العراق هو الذي يستنزف الأموال الأمريكية.

حكومة المالكي التي أعلنت في وقت سابق من هذا العام أن الموازنة العراقية لـ 2008 وصلت إلى 70 مليار دولار -وهي أضخم ميزانية يشهدها العراق طوال تأريخه- انتقد مواقفها حيال اللاجئين العراقيين, تقرير صدر مؤخرا لمجموعة الأزمات الدولية. وجاء في التقرير أن "حكومة المالكي لا تستحق أي ثناء,  فقد أظهرت هذه الحكومة التي تحصل على أموال طائلة بخلا حيال رعاياها العالقين في الخارج". تمنيت على أوباما وغيره  أن يتساءلوا لماذا لا ينفق المال العراقي لسد الحاجات الأساسية للمواطن العراقي في العراق الأمريكي!!