سؤال لزعماء العرب

منير مزيد

[email protected]

سؤال أود طرحه على زعماء الأنظمة العربية : إلى متى ستبقون تغذون جيوشا على حساب التنمية وقوت الشعب وهذه الجيوش لم تدخل في مجابهة مع عدو إلا وخسرت المعركة ولا دور لها غير قمع الشعب لصالح النظام الحاكم وحين تتأكد هذه الجيوش بأن الشعوب قد تم إخراسها بشكل نهائي ، تلجئ هذه الجيوش لـ تصوّب بنادقها تجاهكم حين تشعر بانها لم تشبع وهي لن تشبع..

 ما حدث صباح اليوم في موريتانيا لهو فصل من مأساة يعاني منها الموطن العربي الذي تم إقصاؤه ومأزق النظام العربي وذلك" الإطاحة برئيس البلاد سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله." على يد قائد الحرس الرئاسي محمد ولد عبد العزيز أي الشخص الذي يتولى مهمة حماية الرئيس وقام هذا الجنرال المغامر بإحتجاز الرئيس ورئيس الوزراء يحيى ولد أحمد الواقف ، وإقالة عدد من القيادات العسكرية بينهم قائد الجيش الجنرال محمد ولد الغزواني ، كل هذا يحدث والشعب غائب وكأنه غير موجود ويعيش على هذه الأرض التي صار فيها غريبا ومجرد متابع للأحداث ومواطنا بلا حقوق وإنما عليه واجبات التحلي بالانضباط والطاعة والولاء لمجموعة من اللصوص ، أي يحيا في

"عبودية مقنعة" ..

 بالطبع لا يمكن لوم الشعب الذي لا حول ولا قوة له ، الآن ، قد تصدر بيانات التنديد والشجب والإستنكار من هنا وهناك ، ولكن سرعان ما يصبح أمرًا واقعًا والجنرال الهمام محمد ولد عبد العزيز سيكون الرئيس إذا تم مباركة هذا الانقلاب من قبل واشنطن وباريس، لعل الرئيس الجديد أكثر ولاء لهم سواء في السر أو العلانية ، وأكثر قمعا وعندها لن يجرؤ أحد على المعارضة.. وخلال يومين سنرى مظاهرات تأييد الرئيس المنتخب وصوره ستملأُ الشوارع والأسواق والمحلات التجارية وفي وغرف النوم والحمامات وغرف الاطفال وسنرى أغاني وأفراح وأعراس تحتفل بهذا الحدث الكبير والانتصار التاريخي ، وسوف يعتبر هذا الانقلاب عمل شرعي لحماية الديموقراطية وحقوق الإنسان وسيخرج الينا الجنرال بخطاب سيرعب كل اعداء العرب حتى إن اهل المريخ سيرتعبون خوفا من خطاباته النارية ، بل ربما سيكون الزعيم الجديد أكثر مغامرة وخيالا ويوعدنا ليس فقط بـ إستعادة فلسطين وتحرير العراق بل إستعادة الاندلس وعبور المحيط الأطلسي ويحقق ما عجز عنه عقبة بن نافع حين بلوغه ساحل البحر الأطلسي في عبور مياه المحيط وسيقضي على الفقر والجهل وسيرفع كل الشعارات اللازمة لتسطيح عقول هذه الشعوب التي تعبد الشعارات والخطب وتظن بالخطب وحدها تصنع المعجزات ولكي يستطيع الجنرال الفاتح تحقيق كل هذه الشعارات عليه :

ـ أن يبدأ بوضع رقابة صارمة على الإعلام حتى لا يتسنى لـ إعلام العدو المغرض التسلل لبيوتنا

ـ شراء الذمم من شعراء و كتاب وصحفيين ، للتطبيل والتزمير وأنا هنا أستطيع أن أقدم له

 النصيحة ،الاتصال فورا برابطة الكتاب الأردنيين ، ورابطة الفنانين الأردنيين ، ونقابة المهندسين الأردنيين فلن يجد افضل منهم في ترويج الاكاذيب وتسويق شعاراته الفارغه بل سيصورونه على إنه الخليقة السادس أو صلاح الدين والزعيم الذي يستحق عن جدارة أن يترأس كل دول العالم العربي والاسلامي ، بشرط ان يوفر لهم الويسكي والنساء من أجل أن تلهب خيالاتهم ليهبط عليهم وحي الالهام ولكن احذرك ، لكي أكون صادقا معك ، سيكونوا أول الفارين والمتخلين عنك في أول تهديد أو أي خطر يواجهك ..كما حصل للرئيس صدام حسين ..

ـ توزيع الغنائم بين الأصدقاء و المقربين ، فهؤلاء أبناء الوطن الشرفاء الذين طهروا الوطن من الخونة والعملاء وحان الآوان تكريمهم بقيادة الوطن إلى انتصارات أكبر ...

ـ القيام بحملة اعتقالات وتصفيات وإعدامات في صفوف النشطاء في المعارضة وبـاعتبارهم خونة وعملاء ومرتزقة ..

ـ تعيين مجموعة من الدراويش لإصدار فتاوى تشرع ما يريده الزعيم من تحليل وتحريم لتبرير أفعاله وقراراته لـ إضفاء الشرعية عليها ...

هل ما حدث اليوم في موريتانيا سيكون درسا قويا وجرس انذار ليدرك الزعماء العرب أن العدو الأول لهم هو من يحيط بهم من فاسدين وليس الشعب وأن واشنطن ستتخلى عنهم في أول زوبعة ..