بشار من المُمانعة إلى المُساكنة

وسعاية البريد والتخلص من الشهود

مؤمن محمد نديم كويفاتيه/ سوري في اليمن

[email protected]

كُل الدلائل تقول أنّ بشار ونظامه لن يفلتا من المحكمة الدولية وإن أراد أن يوهمنا الواهمون بذلك ، أو أراد النظام أن يضعنا بهذا الشعور ، والدليل على ذلك آخر ضحاياه ممن شاركوا في التخطيط لقتل الحريري ، وممن يُشتبه بطلبه إلى المحكمة الدولية المُجرم مستشار بشار العسكري محمد سليمان ، والذي استغلّ النظام جولة السعاية لسيده بشار مابين الغرب وإيران ، ليُنفذ هذه الجريمة المُدانة مُستغلاً بما سيصحبها من الصمت للدور الذي يقوم به في إرضاء الرأسمالية والإمبريالية التي ترعى مصالح الصهيونية والإسرائيلية ، من باب لعلّ وعسى أن يكون له مخرجاً من المُحاكمة التي يُصر بان كي مون الأمين العام للأمم المُتحدة على إجراءها في موعدها والحرص على عدم إفلات أي متورط فيها من العقاب ، بعدما دخلت في مرحلة الإقلاع ، ليُسدعى المُجرمون بأشخاصهم إلى لاهاي بغض النظر عن المطلوب سواءاً كان رئيساً أو مرؤوساً

وبنظرة مُتفحصة لعلاقة الغرب مع بشار الأسد الذي لا نراه بأنه سينفد من جرائم القتل والانتهاكات لحقوق الإنسان ، لنجد أنّها علاقة في غاية الصرامة والشك والريبة والتخلي ، فالغرب لم يعد يثق بوعود بشار الذي اتهمه عُمدة باريس بالخيانة والكذب بعد التمديد للحود وما جرى من أحداث جسام تُناقض كل الاتفاقيات الدولية في لبنان والمنطقة من هذا النظام ، الذي لم يعد مكان الثقة  عند الغربيين وجميع أسياده السابقين ، الذين يلعبون معه على نفس أوتاره فيستدرجونه إلى حيثُ يُريدون عبر التلويح له بعدم السماح له بتجاوز ما أمروه به ، وخلع أي فكرة عن استطاعته اللف والدوران في أي  مساحة كانت كما كان مُتاحاً له في الماضي ، وبالتالي فهو مُلزم بالقيام بأوامر مُحددة للنظر في حالته فيما بعد ، ومنها تشكيل الحكومة اللبنانية ، والتسهيل لإجراء انتخابات هناك ، وسحب سلاح حزب الله وعلاقته مع طهران ، وملفات حقوق الإنسان ،واستنزافه بالتنازلات ، ليتمّ التخلي عنه تدريجياً لحساب قوى الاعتدال في المنطقة الذين لم يعودوا يطيقون وجود هذا النظام الإرهابي  لما يُشكله عليهم وعلى المنطقة من الخطورة ، ليأتي السيناريو التالي المُلازم لمخطط التخلص منه ، والذي يُعدّه أعضاء في الكونغرس الأمريكي ، وهو إصدار قانون أمريكي لملاحقة بشار الأسد وكبار مُساعديه ، وإلقاء القبض عليهم ، وتسليمهم إلى المحكمة الدولية ، وهو ما استنكره رئيس لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان السوري المُعين والإمعي واعتبره تدخلاً في الشؤون الداخلية واسلوب ضغط على نظام سيدهم

لذا فإننا نجد تعامل الأمريكي مع النظام عبر وسطاء تبادلوا الأدوار فيما بينهم لاستنزافه، ومنهم الساركوزي لتحقيق مطالبهم بأقل الخسائر كما أخرجوا النظام السوري ومُعداته واستخباراته من لبنان دون أي طلقة رصاص ، كذلك هم الآن يفعلون لإضعاف هذا النظام لإسقاطه ضمن لعبة المصالح والتوازن الذي يعجز بشّار عن مُجاراتها ، كونه صار مُستهلكاً ومنبوذاً وضرره أكثر من نفعه عليهم، وعربياً فإنّ للمملكة العربية السعودية دور مُهم في فكرة الخلاص من هذا النظام الذي صار يُشكل خطراً حقيقياً على المنطقة ، فهي تأبى وترفض أي حوار مُباشر مع هذا النظام إلا عبر بعض الوسطاء أو أي مُصالحة معه، لتبقى على حالة التأهب للحظة تغيره ، كي تكون المُسببات موجودة لاستبداله بنظام وطني سوري ، لما صار هذا النظام ما يشكله من الخطر على العرب والمسلمين ،وخاصةً عندما مكّن الفرس من المواقع والأدوات التي تطعن أُمتنا العربية من الظهر بغية تدميرها والتآمر عليها لأهداف توسعية، أمّا إيرانيا ولاسيّما بعد تورط النظام السوري بقتل مغنية القائد العسكري لحزب الله ، الذراع العسكري لإيران في المنطقة ، فقد تغيرت أمور كثيرة في العلاقات مابين النظامين ، لاسيّما بعد ذهاب بشار للغرب وإسرائيل للبحث عن صفقة وإن كانت على حساب الحليف الإيراني وأداته حزب الله ، والذي أدرك خطورة ما يقوم به النظام السوري لبيعه في المزاد العلني الدولي ، لينعكس ذلك على برودة الاستقبال لبشار عند مدرج المطار ، إذ كان على رأس مُستقبليه ليس الرئيس الإيراني أو وزير خارجيته ، بل من هو الأدنى في الحكومة الإيرانية ، وهذا يُدلل على حالة الضعف والهوان الذي وصل إليها النظام وعدم الثقة من جميع الأطراف ، وخاصةً بعد فقدانه للكثير من أوراقه ، وتفلّت خيوط اللعبة الذي كان أحد العابثين فيها من بين يديه ، ليصبح مصيره مرهوناً بيد غيره، هذا عدا عن نقمة الشعب السوري داخلياً عليه ، إذ تنتظر جماهير شعبنا لحظة التخلص منه ، لما ارتكبه بشار ونظام أبيه من الفظائع والجرائم والمجازر وتدمير المُدن السورية فوق ساكنيها مما جعله منبوذا داخلياً وعربياً وإقليمياً ودولياً ، وساعة الخلاص تكاد تكون قريبة منه بإذن الله 

لذا فإننا نُهيب كما أهابت قوى المُعارضة بالجيش في ذكرى تأسيسه الثانية والستون للانحياز إلى جانب الشعب والوقوف معه لتغيير هذا النظام بالطرق السلمية، وكذلك نُهيب بكل الشخصيات السياسية والوطنية بالوقوف إلى جانب طموحات شعبنا لكي تكون له قيادة بديلة عن تلك الزمرة الحاكمة التي لازالت تُعمل بشعبنا السيف والإذلال منذ عقود ، ونُهيب بكل العناصر المتواطئة مع النظام لإعلان توبتها وانحيازها إلى الشعب لاسيّما أولائك المتورطين بجرائم قتل مع النظام ، للتكفير عن خطيئتهم ومُثولهم كشهود ملوك في عمليات القتل والاغتيال لاسيما فيما يتعلق بجريمة اغتيال الشهيد رمز لبنان وبانيها رفيق الحريري الذي يجري العمل على جلب كُل مُتهم بهذه الجريمة، مما يعني مُحاولة النظام قتل جميع الشهود ، ومن له علاقة من قريب أو بعيد ، كما قتلوا بالأمس العميد محمد سليمان اليد اليُمنى الأمنية لبشار الأسد ومُستشاره العسكري قنصاً أو ذبحاً كما ورد ، وفي كلا الحالتين نعرف جميعاً من يستطيع قتل مثل هذا الجنرال ، ومن يملك القنّاصة والقوّة للاقتحام وتصفيته في وضح النهار ، هذا الضابط الذي يُعتبر صلة الوصل الأمني في السابق مابين قصر المُهاجرين والأمنيين الإستخباراتيين في لبنان ، وضابط الارتباط مع حزب الله لاحقاً ، والذي أُبعد عن جميع مناصبه تمهيداً لقتله بلا ضوضاء وبطريقةٍ غامضة ، كما قتلوا غازي كنعان من قبله وضُبّاط آخرين ، وكما تقرر قتل كل من يمت بصلة في قضية الحريري ، حيثُ كما هو معروف أنّ هذا الجنرال محمد سليمان هو ضمن مسئولين سوريين طلب ديتليف ميليس الرئيس السابق للجنة الدولية التحقيق معهم ، وهناك أسماء لم يُعلن عنها إلى الآن وهي تعرف نفسها قد يطالها القتل والنحر قريباً ، لمحاولة دفن القضية وتبرئة بشار وأركان نظامه ، ونحنُ في المُعارضة نُرحب بأي مُنشق عن النظام يُريد أن يُريح ضميره أو يريد النجاة من القتل ممن عليهم العين والاستهداف.