استقالة الوزير والوزيرة قطعت ألسنة سوء القالة

استقالة الوزير والوزيرة

قطعت ألسنة سوء القالة

محمد شركي

[email protected]

وضعت استقالة الوزير والوزيرة حدا لقالة سوء بدأت  أول الأمر عند أمين حزب  همزة لمزة يصدر في كل ما يصرح به  ضد حزبهما عن حقد وحسد وسوء نية و سوء طوية ،وهو أمر لا يخفى على الرأي العام ، وقد جعل من الحياة الخاصة والشخصية للوزير والوزيرة مادة لحملته الانتخابية قبل الأوان والتي بدأت يوم فك الارتباط مع الحزب الحاكم  ثم وجدت  وسائل الإعلام البطالة ضالتها في قالة  هذا الهمزة اللمزة فسوقتها على نطاق واسع فكثر مستهلكوها ، وكشف ذلك عن غياب الوازع الديني والأخلاقي اللذين يحرمان ويجرمان استحلال أعراض الناس في مجتمع يدين بالإسلام ـ يا حسرتاه ـ  . ومعلوم أن القالة عبارة عن كلام يفشو بين الناس، و قد يكون صدقا اوكذبا  أو خيرا أو شرا . أما حقيقة القالة التي نشرها الأمين العام للحزب  المعارض الهمزة اللمزة فهي قرار وزير ووزيرة الاقتران ببعضهما على كتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وهو أمر خاص وشخصي ولا علاقة له بمزاولة مهمة الوزارة إلا أن الصراع الحزبي جعله  فضيحة وأمرا محرما . وعلى طريقة التقليد الأعمى حذت وسائل الإعلام عندنا حذو وسائل الإعلام الغربية حتى دخلت وراءها جحر الضب المنتن ببوله لأن الأعراض في الثقافة الغربية مستباحة وفي حكم السائبة ، وهي موضوع استهلاك إعلامي فج خصوصا حين يتعلق الأمر بشخصيات نجومية  مشهورة . ومعلوم أن الناس في الغرب يتطلعون لمعرفة ما خفي من حياة هذه الشخصيات في كل الميادين بما فيها الميدان السياسي ، ويقتحم الإعلام في الغرب حياة الناس الشخصية ويروج عنها الأحاديث دون وجود رادع من أخلاق أو دين أو قانون . ومن سوء حظ إعلامنا المقلد التقليد الأعمى للإعلام الغربي الوالج جرح الضب وراءه أن  حكاية الوزير والوزيرة لا تمت بصلة  للفضائح الأخلاقية التي  يسلط عليها الإعلام الغربي الضوء من قبيل  حكاية الرئيس الأمريكي كلنتون  أو رئيس الوزراء الإيطالي برليسكوني  .... ذلك أن حكاية زواج الوزير الوزيرة ليس فضيحة ، ولهذا انكشف من أول وهلة أن القضية استغلت  بسبب صراع حزبي  الهدف منه تشويه سمعة الخصم السياسي  خصوصا وأن المسوق لهذه القضية على أساس أنها فضيحة أخلاقية أعوزه القدح في تدبير الحزب الحاكم  فراح يبحث  في أحوال وزرائها الخاصة والشخصية ليجعلها منطلقا للهمز واللمز . والذين تداولوا فيما بينهم قالة الهمزة اللمزة لم يستحضروا لحظة واحدة خلفيته الحزبية ، ولم يخطر ببالهم أن يسألوا ما تأثير زواج الوزير بالوزيرة على أدائهما وعلى أداء الحكومة التي جاءت بعد فساد كاسح ، وهي تخوض اليوم صراعا مريرا مع المفسدين الذين أقلقهم الإصلاح وهدد فسادهم الذي كرسوه حين كانوا أصحاب سلطة وقرار فتعمدوا تضليل الشعب  بأن إصلاح هذه الحكومة عقاب له  وتضييق عليه وواقع الحال يفند ما يزعمون ذلك أن المغرب  ولله الحمد  في حال  يغيظ حساده وخصومه خلاف ما كان عليه الأمر من قبل زمن كان الأمر بيد الأحزاب المعارضة اليوم والتي لم تستسغ أن يراهن الشعب الذي ضاق ذرعا بسوء تدبيرها وفسادها على حزب له توجه إسلامي . ولم تدخر الأحزاب المعارضة اليوم جهدا في الافتراء على الحزب الحاكم بدافع الحسد والغيرة  خصوصا وقد أثبت قدرته على إدارة البلاد في ظرف ما سمي بالربيع العربي الذي جعل سافل بعض البلدان العربية عاليها . ولما رأت الأحزاب المعارضة اليوم التفاف ثورات الفساد المضادة على  ثورات الربيع الحقيقية طمعت في لعب دور الثورة المضادة عندنا  إلا أن آمالها خابت فعمدت إلى الهمز واللمز والقذف والطعن في الأعراض .  ومعلوم أن رغبة الوزير والوزيرة في الزواج لا يوجد مانع شرعي أو أخلاقي يمنعها  لأن الوزيرة خالية من موانع الزواج  وقد طلقت  وأنهت عدتها  ، والوزير من حقه التعديد ، إلا أن الخصومة الحزبية  أفتت في امتهان الوزارة  وجعلتها مانعا من موانع الزواج  ، وعلى فقهاء مدونة الأحوال الشخصية أن يضيفوا هذا المانع بحيث لا يجوز للأزواج الذين يمارسون نفس المهمة الزواج على غرار موانع الرحم والرضاعة ، فيصير مانع المهمة معهما أيضا . واستقالة الوزير والوزيرة كان صفعة قوية لكل من خاض في  أحوالهما الشخصية ، وفي ذلك دليل على قوة شخصيتهما وعلى أنفتهما  وعزتهما . والحر لا يرضى بالدنية  وإذا خير بين كرامته  وشرفه وعرضه وبين المهام اختار الأنفس والأغلى والذي لا يقدر بثمن . ولئن صح أن رئيس الحكومة قد طلب منهما بالفعل الاختيار بين الوزارة وأحوالهما الشخصية فقد زلت به قدمه  زلة سيندم عليها شديد الندم ، واستجاب لرغبة خصومه الذين يريدون تفكيك أوصال حكومته لإضعاف أدائه . وهل فكر رئيس الحكومة وكل من شغله زواج الوزير بالوزيرة في الخسارة الناجمة عن استقالتهما علما بأنه لا يوجد طعن في أدائهما ؟  ها قد استقال الوزير والوزيرة  وعلى الهمزة اللمزة ومن لف لفه  وحذا حذوه أن يضعوا جميعا  في مكان حرقتهم  ما يبردها . وعلى رئيس الحكومة أن يعلم بأن الهمزة اللمزة  سيخترع حكايات أخرى  وسيخوض في حياته الشخصية  وحياة وزرائه ، ولن يهدأ له بال حتى يعود الفساد كما كان.