اليمن إلى أين؟
د. حامد بن أحمد الرفاعي
في 20 / 04/ 2011م كتبت عن المشروع الفارسي الصهيوني بشأن إعادة تشكيل المنطقة العربية إلى ما كانت عليه قبل الإمبراطورية الإسلامية العظمى..وقلت:لو خيِّرت إيران بين مشروعها النووي وبين سورية لاختارت سورية..وقد اختارت إيران سورية ومشروعها السياسي التوسعي مقابل التخلي التكتيكي عن مشروعها النووي..وتفاصيل هذا المشهد باتت معروفة ومكشوفة..وفي 22 أغسطس 2014م كتبت رؤية حول الحوثيين ومهمتهم الاستراتيجية في تحقيق مخطط المشروع الفارسي الصهيوني على الساحة السعودية..والذي يقوم على اقتحام مكة المكرمة تحت مظلة العمامة الداعشية ومن يناصرونها وينخدعون بشعاراتها الكذوبة المصنوعة..ثم يشنون حرباً لتحرير مكة من الدواعش التكفيريين الذي صنعتهم على عينها..وهكذا لتبدوا إيران أنها المخلِّص الأكبر من الإرهاب والإرهابيين..وقلت في ثنايا الرؤية:لو خيِّرت إيران اليوم بين حصان رهانها الخشبي الأخسر حسن نصر الله وحزبه المتهاوي..وبين حصانها الجديد الموهوم الأرعن عبد الملك الحوثي وحزبه المتهالك لاختارت الحوثي..فهو اليوم في سياق أوهامها الشطرنجية الماكرة حصان رهانها الأقوى والأجدى لقربه من هدفها الاستراتيجي المصيري في مكة المكرمة..وهنا أود أن أؤكد:ليس هناك ما يخيف المسلمين ويقلقهم بشأن مكة المكرمة فهي بحمد الله ومنته في منعة وعزة وأمن وأمان لها ربٌ يحميها..وهي في قلب دولة وأيدي ولاة أمور وشعب أولي عزم وحزم وحسم ساهرون على أمنها وصون سيادتها وعزتها بعون الله ونصره..وبعد فإن ما يجري في اليمن ليس خلافاً سياسياً أو إصلاحياً على الإطلاق..لو أن الأمر كذلك..؟لهان الأمر ولكان حالة وطنية صحية تنقصها فقط الحكمة والعقلانية والرشد..ولكن الحقيقة المرة أن ما يجري في اليمن لأمر مختلف جداً..إنه صراع استراتيجي في عمق العمق بل في الأغوار السحيقة من العمق..صراع تتجاذبه عدت اتجاهات بشأن إعادة صياغة هويته من جديد اجتماعياً وجغرافياً وثقافياً وسياسياً ودينياً..وأخطر الأطراف وأشدهم عداوة لليمن وأهله هم الحوثيون..الذين يريدون اختطاف اليمن وإعادة تشكيل هويته وفق عقائد وثقافة وغايات إرادة أسيادهم في إيران وإنهاء وجوده العربي..وليكون من بعد تابعاً للإمبراطورية الإيرانية الفارسية إلى الأبد..والرئيس المخلوع المثبور ومن يناصرونه..والدواعش ومن ينطوي تحت راية ضلالاتهم..ليسوا إلا أدوات استهلاكية بيد الحوثيين وأسيادهم يستخدمونهم إلى حين..ثم مصيرهم إلى بوار ودمار إلا من استدرك وتعقل فعاد إلى أهله وأصالة انتمائه..أما الآخرون من اليمنيين- وهم للأسف متشاكسون - يريدونه يمناً حراً مستقلاً في سيادته وهويته ملكاً لجميع أبنائه..وليبقى جزءاً لا يتجزأ من نسيجه الإقليمي والعربي والإسلامي..فإلى هؤلاء اليمنيين الأصلاء الأخيار جميعاً أوجه دعوة مخلصة:أن يتعاهدوا وتلتقي قلوبهم وضمائرهم على نداء لا يعلو عليه نداء:(تعالوا لِنغلبَ وَندفُنَ خلافاتنا من أجل اليمن) فإن استجابوا نجى اليمن ونجوا..وإن أبوا ذهب اليمن وذهبت ريحهم جميعاً ويومئذ يلتمسون التلاوم والندم ولاَتَ سَاعَةَ مَنْدَم..وهنا أذكرهم بأن التاريخ ينبئونا ويعلِّمنا..وواقع السير البشري يؤكد لنا..وذاكرة أمتنا تقرئونا أن الزعامة والقيادة الفذة والولاء والوفاء الصادق لها..مصدر أساس لنجاح أي طموح إصلاحي راشد..من أجل تأكيد هوية المجتمعات وتعزيز سيادتها وتحصين أمنها..وإعلاء صروح طموحات أجيالها وغاياتهم في الحياة..وبعد فمن لا يزال لديه شك في ذلك..؟فليراجع ذاكرة أحداث الحياة وليسأل شيوخها وخبراءها..لعله يدرك صحة نصحنا لهم وغيرتنا عليهم وعلى اليمن الحبيب.