قاسم سليماني
إن صورته وهو يحتسي قدحا من الشاي على تخوم مدينة تكريت العراقية أثبتت أنه يقاتل مع القوات والمليشيات العراقية التي كانت تستعد لاقتحام المدينة واستردادها من تنظيم الدولة الإسلامية، أي أن سليماني والأمريكيين كانوا في خندق واحد على اعتبار أن الاثنين يقاتلان تنظيم الدولة بالعراق. ومنذ عام 2003 بدأ نجم سليماني في الصعود من العراق جراء جهده في ترتيب سلطة الاحزاب الدينية واحكام قبضتها على الحكم لصالح بلاده ، وما انجزه في بغداد ، حاول أن يقوم به في سوريا لصالح نظام بشار الاسد بوصفه حليفا لطهران ومرتهنا بارادتها، واصبح سليماني من المشاهير في إيران لدرجة أن المواقع المؤيدة للمحافظين ــــ على الإنترنت ــــــ تدعوه لخوض انتخابات الرئاسة القادمة عام 2017،
رغم كل هذه اللقطات الكثيرة فإنها أهملت الصورة الجانبية للجنرال الايراني التي تظهر لمن يحاول الاقتراب منها ظلالا متشابكة باللون القاني ، لايجد هذا العسكري وقتا للراحة إلا في ميادين الدم فقد جعل تكريت تغتسل بدماء أبنائها ، وفعل الشيئ نفسه في ديالى وهو مصمم على إزالة الفلوجة من الخارطة العراقية ولن يجد القادم إلى المدينة سوى الذكرى والاطلال ، وقد حول سليماني معسكرات تدريب (الحشد الشعبي) إلى مأوى للمرتزقة والقتلة المأجورين، وتطبيقا لفتوى الجهاد الكفائي للمرجع الايراني السيد علي السيستاني وفي ضوء تأكيدات مكتب السيد المرشد الاعلى ابتكر سليماني ويإشراف ضباط الحرس الثوري برامج تأهيل بث (الفزع الاكبر) لافراغ المدن من ساكنيها ، بإجبارهم على ترك منازلهم والفرار منها ، ولا خيار أمام السكان ، إما القتل ، أو الهجرة ، وهو ما خطط له في سوريا ايضا ( القصير والزبداني) مثالا ، بهذه الوسيلة التي ابتدعها الجنرال سليماني، قذف الحشد الشعبي الخوف في قلوب المدنيين، وجعل من الكتل السكانية عصفا مأكولا ـ
تظهر الصورة الجانبية قائد فيلق القدس الايراني ، وهو يضع بنفسه قواعد السلوك تجاه البلدات والمدن التي قرر غزوها، عبر النقاط التالية :
الاولى : أن المدن والبدات والقرى المستهدفة ينتمي أهلها دون استثناء ، إلى معسكر يزيد ولذلك فلا فرق بين طفل أو شيخ ، إمرأة ورجل ، لاحرمة لاحد منهم ، ووجودهم في مناطقهم يشكل تهديدا للامن (الاسلامي) في العراق وإيران ـ لذلك فإن المهمة الكبرى ، هي إجلاء المدن من ساكنيها،
الثانية : أن يتم إنتقاء واختبار مجاميع خاصة ضمن الحشد الشعبي، على إعدادهم كنماذج فريدة في الفداء وفي فنون القتال ـ وسيكون هؤلاء معنيون بمعالجة المواقف الميدانية التي تتطلب إحداث الصدمة التي من شأنها إحباط حركة العدو ـ
الثالثة : تقديم عروض فنون خاصة في كل قطاع أو منطقة في المدينة وحتى في القرى إظهار تصميم المقاتلين على إنتزاع الحياة لكل مقيم ، بالضغط (التعذيب) حتى الموت على من يقع عليه الاختيار العشوائي ،
اطلق عليها مرتزقة الحشد الشعبي ((الطريقة السليمانية في الحروب المدنية)) ، خلاصتها أن نشرع أبواب الموت ؛ وتقطيع الاجساد اشلاء حتى الرمق الاخير ، وحرق الاحياء،
ومن هذه المعسكرات ؛ معسكر لمليشيا حزب الدعوة في مطار المثنى ببغداد ، في هذا المكان ومنه تم إعداد وتدريب وتصدير كائنات وحشية من الحشد الشعبي المسمى (بجيش المرجعية الرشيدة) ، مهمة مقاتليه القيام بعمليات التطهير المذهبي في مناطق الانبار وديالى وصلاح الدين وكركوك وفي العاصمة العراقية ـ
من خريجي الدورات الدموية كان وحشا كاسرا أطلق على نفسه متفاخرا لقب (أبو عزرائيل) تعود سلالته إلى ماقبل العصر الحجري ، مهمته حرق البشر احياء ، ويمتلك مهارة تقطيع أجساد المدنيين ، قدم أكثر من عرض في فن الموت ، وتحتفظ الذاكرة الالكترونية بأكثر من شريط سينمائي (يوتيوب) ـ أبو عزرائيل ليس هو الوحش الفريد من نوعه ، فقط هو نموذج من آلاف على شاكلته ، ممن تزخر بأمثالهم مليشيات حشد المرجعية وعصابات احزاب اللاهوت ، الذين تفوقوا بوحشيتهم تاريخيا وجغرافيا على كل من سبقهم من الضواري الوضيعة ، فلا التاريخ ولا الجغراقية ولا دوائر معارف التعذيب بوسعها أن تقدم نموذجا مقاربا لسقوط الضمير وانعدام الوجدان لما صممه وطبقه قائد فيلق القدس سواء في العراق أو سوريا ، وهو لاغيره من يحاول أن يعبث في مملكة البحرين ، ودولة الكويت واليمن ،
الصورة الجانبية للجنرال قاسم سليماني، التي التقطها كاتب السطور من بانوراما فيلق القدس ومايقوم به كل يوم من إنتهاكات مستمرة في العراق وسوريا، وعلى جانب الظلال المتشابكة للصورة بتبدى الوجه الآخر ؛ حيث تتبدى الأدوات الايرانية في بلداننا العربية، حزب الله في لبنان والدعوة ومجلس الحكيم والفضيلة والاجنحة العسكرية في العراق، والحوثيون في اليمن، وجمعية الوفاق في مملكة البحرين وحزب الله حجاز ، والذيول الاخرى التي تشكل بجملتها قواعد ولاية الفقيه المعنية بإشاعة الارهاب واحداث الفتن ونشر الفوضى في مجتمعاتنا ، وعبر التنسيق الاستخباري مع اطلاعات الايرانية تحاول هذه الذيول غزو العقل العربي بسيل عرم من أدبيات الولاية وترويج فكرياتها الظلامية السوداء ،
وكل هذه الهياكل والممارسات اللاوطنية تعكس النفوذ الايراني ، وتفصح عن مدى الاختراقات التي احدثتها هذه المنظمات، ومشاركتها في القتال ضد الحراك الثوري في سوريا والعراق ، وهي أيضا تقدم صورة جانبية ، لنوع وطبيعة التهديدات الايرانية التي تواجه الوطن العربي، على المستويات كافة.
د.سيف الدين هاشم
مركز أمية للبحوث و الدراسات الاستراتيجية
وسوم: العدد 633