الجولاني ... والظواهري ...و ( كيس الفسا ) جِد .. وفصل .. وليس بالهزل
في مباحث الفقه الإسلامي الكثير من أوراق الفقه ( الأرأيتي ) . المسائل الافتراضية التي بحثها الفقهاء تحت عنوان : أرأيت ...
وعلى الرغم من محدودية هذه المسائل النسبية ، فقد ظلت في الموقف منها مادة للتندر أو الامتعاض أو الاستهزاء أو الاستنكار . مع أنها في حقيقتها شكل من أشكال الخيال العلمي الذي يفترض المسائل قبل وقوعها ثم يحاول الإجابة عليها .
في إبحاراتي الفردية الشخصية في مجاميع الكتب الفقهية ، وقفت عند مسألة ( كيس الفسا ) منذ أكثر من أربعين عاما . ولم أجد فيها يومها إلا شكلا من أشكال الترف العلمي الغارق في عالم من الافتراضات واللجاجات ، والبناء على المتخيل ، الذي لا يمكن أن يكون . ومع طرافة المثل الذي تقوم عليه المثل والمادة الخام التي تشكل موضوعها فقد أصبحت المسألة حاضرة للنكتة ، وأصبح ( كيس الفسا ) مضرب المثل في الرجل الذي يضر ولا ينفع ، وهو مع ضرره شديد القبح ، مثير للاشمئزاز ، فيقول قائلهم مثل ( كيس الفسا ) !!
وفي غمار الحياة العامة شديدة التلون والتعقيد بدأت صورة هذه المسألة المتخيلة تتقارب في مواقف وحالات وصور عن الرجل يحمل ( كيس الفسا ) على ظهره ويمشي به بين الناس ، أو يريد أن يُصعد صخرةَ برميثوس الجبل مع ما يعانيه في ترهله من عناء، فيقترح أو يفرض عليه البعض وهو في حاله هذه من يجلس فوق كتفيه فيزيده عناء على عناء . ولم تتعلق القضية بالنسبة إلي على الأقل في اهتمام أهل الفقه : هل تصح صلاة الرجل أو لا وعبئه هذا على كتفيه.. وإنما في هل هو قادر مع ما يحمل أو يُحمل أن ينتصب للصلاة أو أن يقوم أصلا في محراب ؟
وأصل مسألة ( كيس الفساء ) والفساء يمد ويقصر فتقول ( كيس الفسا ) أيضا أن الفقهاء اختلفوا في الريح يخرج من بطن الإنسان ؛ أطاهر أو نجس هو؟
فرأى بعض الفقهاء أنه طاهر ولا سبب يدعو للحكم بنجاسته . ورأى آخرون أنه نجس منذ تولده لأنه إنما يتولد عن تفسخ فضلات قد آلت في طبيعتها إلى النجاسة . ورأى فريق ثالث أن الريح في نفسه طاهر ، ولأن المواد المتولد عنها قد كانت طاهرة قبل أن تستحيل نجسة – وهنا يتدخل علوم البيولوجيا مع علم الفقه – وإنما تنجس هذه الريح بمجرد خروجها من بطن الإنسان لما تمر عليه وتلامسه من نجاسات ...
ثم استخرج هؤلاء المختلفون من هذه التساؤلات مسألة هل يمكن للإنسان الذي تعج في ثيابه هذه الريح وتحتبس فيها أن يصلي ؟! وزادوا في التمثيل أكثر فقالوا : لو أن إنسانا ملأ كيسا من ريح الفسا وحمله على ظهره وصلى هل تجوز صلاته ؟!
سأترك للفقهاء أن يجيبوا على سؤالهم فهذا الافتراض لا يعنيني في هذا المقام ، وإنما الذي يعنيني شخصيا هذه الصورة الفنية المعبرة في شكل إنسان يحمل على ظهره عبء كيس ( فسا ) وتبعاته ، ليقفز الخيال مباشرة إلى جبهة النصرة أو أبي محمد الجولاني يحمل على ظهره عبء الظواهري وتنظيم القاعدة وتبعاتهما ، تمثيل حرفي وتصوير فني حذو القذة بالقذة كما تقول العرب وهم أحيانا يقولون حذو النعل بالنعل..
إن ما تعاني منه الثورة السورية اليوم ، وما يعاني منه الشعب السوري عموما ، والمستضعفون منه بشكل خاص ، نتيجة ما جرته التصرفات الخرقاء ، والإعلان عن انتماءات وولاءات كانت شرا محضا بلا خير ، ومفسدة صرفة بلا منفعة ؛ كما كانت وبما قدمته هذه الانتماءات الخرقاء لبشار الأسد بمثابة حبال الإنقاذ تنتشله مما هو فيه . كل أولئك يجعلنا نعود لنناشد بالله الذي به نؤمن ، وبشريعة الإسلام التي هي محور الرحى ثم إلى خطاب العقل ، عقلنا البشري الواعي المستنير الذي عليه مدار التكليف الشرعي .
يا قومنا أجيبوا داعي الله ، وتخففوا من ( كيس الفسا ) فإنكم عنه في غنى ، وعمّا حملكم إياه من عبء ، وما جره على قضية دينكم وشعبكم ووطنكم من وهن ، وما نفخه بين ظهراني الناس من عصبية منتنة ومن تفرق ذميم وما تسبب به من إجلاب وإثخان ..
حذرنا القرآن الكريم من خيبة العالم لا ينتفع بعلمه بصورة (( الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا )) . ونبهتنا العرب إلى تنافر العلاقة بين عظم البعير وعقله :
لقد عظم البعير بغير لب ... فلم يستغن بالعظم البعير
ثم زادوا وهو فيما نحن فيه أليق فصوروا لنا العيس في البيداء يقتلها الظما:
كالعيس في البيداء يقتلها الظما ... والماء فوق ظهورها محمول
وضرب لنا الفقيه المسلم مثلا بالرجل يحمل على ظهره كيس ( الفسا ) فيا خيبة الحامل ويا بؤس المحمول .
أيها العقلاء المكلفون بما رزقكم الله من عقل .. ألقوا عبء هذا الكيس عن كواهلكم وعن ظهوركم . وأعيدوا تهوية حجرات قلوبكم وعقولكم وأجسادكم ، (فريح الفسا ) سواء كان نجسا أو طاهرا، نتن كرائحة نافخ الكير . وهذا كما أخبرنا الصادق المصدوق إما أن يحرق ثيابك وقد فعل ، وإما أن تجد منه ريحا خبيثة وهو قد جمع عليكم السيء والسوأة .
اللهَ ... الله ..في المستضعفين والمستضعفات من أبناء سورية وبناتها وقد أجلبتم عليهم ، وجعلتم عليهم أشرار العالم إلْبا واحدا ، فإن عجزتم عن نصرتهم ، فلا أقل من أن تخذّلوا عنهم ...
فإن قلتم ليس لنا عن الظواهري غني فافترضوا أن الظواهري قد مات ..واعلموا أن الله وحده هو الحي الذي لا يموت ..
ألقوا عبء كيس النتن هذا ليس عن كواهلكم وإنما عن كواهل المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا...
وسوم: 637