التأصيل اللغوي لِ "داعش" و أخواتها
يقول ِفعْلَويه في القاموس الزخار فيما تعلق بربيع العرب من ألفاظ و أخبار:
داعش- بالعين المهملة و الشين المعجمة من دَعَشَ على وزن فَعَلَ يعني شطَّ عن المألوف و المعروف و تجاوزه إلى حدٍ لا سابق له.
و يأتي فعلاً لازماً و متعدياً كما في الأمثلة. و الرباعي منه أدعشَ على وزن أفعل - و هو لازم و متعدٍّ أيضاً- و ورد بصيغة أقل استعمالاً وهي دعّش على وزن فعّل.
و مصدر دعش هو الدَّعْش بالفتح ، اما الدُّعش بالضم فهو الصفة الملازمة لمن دَعَشَ أو أَدعَشَ.
و من تلك المعاني الشطط في الغضب و الحميّة كقوله الشاعر:
ألا لا يدعشنْ أحدٌ علينا = فندعشَ فوق دَعْشِ الداعشينا
و منها فرط الحب إالى درجة الوله، كقول القائل:
أدعشتِ قلبيَ إذ علتنيَ كبرةٌ = و ذوو التمائم من بنيك صغارُ
و منه الإسراف في القتل عصبيةً كقوله:
ِلغاياتي و أهوائي أنا بالسيف أنتصرُ = إذا أدعشتُ في قومٍ فلا أُبقي و لا أَذَرُ
و داعش على وزن (فاعل) تكون اسم فاعل ، وجمع المذكر السالم منه داعشون على نحو ما سبق و المؤنث داعشات كقوله:
كلُّ الأمور حسبتها في الممكناتْ = إلا انقلابُ الغانياتِ لداعشاتْ
و الأغلب في داعش استخدامها كصفة مشبهة باسم الفاعل لمن تأصل فيه الدُعش، و تصح للذكر و الأنثى.
و أطلقت الصفة على قبيلة في أنحاء بلاد النهرين والشام اتصفت بالدُّعش ، فكان يقال قبيلةٌ داعشٌ ، فلما طغى الوصف على الموصوف حذف لفظ قبيلة و صار يقال داعش عن جماعتهم و من اتصف بوصفهم. و النسبة لها داعشيّ و الجمع دُعشٌ و داعشون.
و تلك هي القبيلة التي عرفت بحرب "داعش و الغُرَباء" إذ انتفضت بعض العشائر على أمير لهم بغى و عتى ، فاستهجنت عشائر أخرى غرابة فعلهم و سمّوهم بالغرباء ، ثم حاربتهم داعش في حرب ضروس.
و أطلق وصف داعش على السيف المرتوي بالدم الذي يستحرُّ صاحبه بالقتل دون رويّة ، و غلب جمعه بدُعش كقول الشاعر
بأنا نورد الراياتِ بيضاً = و نصدرهنّ دُعشاً قد روينا
و جمع الجمع دواعش كقول من هجا:
إذا بلغ الفطامَ لنا صبيٌ = تخرُّ له الدواعش ساجدينا
و من الصفات المشبهة أدعش و يصح للذكر و الأنثى كما قيل:
و أدعشُ الطرفِ يسبي كُلَّ ذي جهلٍ = و يتركُ العقلَ قفراً غَيْرَ ذي رَشَدِ
و تأتي دعشاء على وزن فعلاء كقولهم فتنة دعشاء إذا اشتدت و جعلت الحليم حيران.
و استدعش على وزن استفعل إذا سلك مسلك القوم و اتصف بطيشهم و لو لم يكن منهم . ومنه قول الحكيم
"حصنوا أبناءكم بالنكاح من قبل أن يستفحشوا، و حصنوهم بالعلم من قبل أن يستدعشوا"
و مصدره الاستدعاش و وورد بلفظ "تدعْشَنَ" للفعل و "تدعشُن" للاسم لكنه نادر الاستعمال لثقله .
و قل مثل ذلك في اندعش و الاندعاش و كذا تدعَّش و التدعُّش.
و اسم النسبة داعشيّ و يطلق على الذكر و يصح للأنثى و يقال داعشية للأنثى.
أيضاً داعشية على وزن جاهلية هي المصدر الصناعي لدعش و منه قول القائل :
"إنك امرؤٌ فيك داعشية"
و في الدعاء:
اللهم إني أعوذ بك من جلد الفاجر و دعش الصديق
اللهم إني أعوذ بك من قلب لا يخشع و داعشيٍ لا يسمع
اللهم إنَّي أعوذ بك من الفحش و الدُعش و من الفواحش و الدواعش ومن فجرة إيران و حزب الشيطان
اللهم إنَّي أعوذ بك من حمية الجاهلية و سفاهة الداعشية
اللهم و إذا أردت بعبادك فتنة فنجّنا منها غير مفتونين!
اللهم آمين
وسوم: العدد 653