الرسالة الخامسة
إن الأمة التي تحسن صناعة الموت، وتعرف كيف تموت الموتة الشريفة، يهب لها الله الحياة العزيزة في الدنيا والنعيم الخالد في الآخرة , وما الوهن الذي أذلنا ألا حب الدنيا وكراهية الموت، فاعدوا أنفسكم لعمل عظيم واحرصوا على الموت توهب لكم الحياة .
واعلموا أن الموت لابد منه وأنه لا يكون إلا مرة واحدة، فان جعلتموها فى سبيل الله كان ذلك ربح الدنيا وثواب الآخرة، وما يصيبكم إلا ما كتب الله لكم، فاعملوا للموتة الكريمة تظفروا بالسعادة الكاملة .
وبعد :
- هل أتاك نبأ ذلك اليوم الثاني عشر من فبراير عام 1948م ؟
- وهل أتاك نبأ الباطل بما طبع عليه من غرور، وما جبل عليه من قسوة، وما مرد عليه من لؤم ؟
- وهل قدرت سعيه مستخفيا في أحياء القاهرة الغافلة يجمع سلاحه ويبث عيونه، ويسوق أذنابه من الكبار والصغار ؟
- وهل رأيته يعد عدته، ويأخذ أهبته في وحشة الليل، وصورة الغدر، ويقظة الجريمة ؟
- وهل علمت لمن يعد هذه العدة ؟ ولماذا ؟
إنهم كانوا يريدون اغتيال : الدعوة التي ما بلغت أمة إلا بايع المخلصون من أبنائها عليها والصيحة التي ما ارتفعت فوق منبر إلا وأصاخ المؤمنون عيون قلوبهم عليها،
والمرشد الذي أحكم سياج هذه الدعوة من كتاب الإيمان والتضحية فجرت، فكان باسم الله مجريها ومرساها .
والأمنية الصالحة التي تمناها رجل صالح فوهبه الله إياها " ولقد تمنيت منذ بنيت أن يهبني الله ولدا صالحا، أحسن أدبه وتربيته، ليكون نسلا صالحا، وخيرا جاريا، وأثرا باقيا، فاستجاب الله دعوتي، وحقق أمنيتي، ووهبني غلاما زكيا سميته حسن البنا "
أما لماذا ؟
فيقول لك روبير جاكسون في – الرجل القرآني - :
كان لا بد أن يموت مبكرا، فقد كان : غريبا عن طبيعة المجتمع، يبدو كأنه الكلمة التي سبقت وقتها، أو لم يأت وقتها بعد،
ولم يكن الغرب ليقف مكتوف الأيدي أمام مثل هذا الرجل الذي :
- أعلى كلمة الإسلام على نحو جديد،
- وكشف لرجل الشارع حقيقة وجوده ومصيره، وجمع الناس على كلمة الله،
- وخفت بدعوته ريح التغريب والجنس، ونزعات القومية الضيقة،
- واعتدلت لهجات الكتاب، وبدأ بعضهم يجري في ركب " الريح الإسلامية "
- إغتالوه لأنه : عاش لفكرته ومات من أجلها، ولأنه بنى دعوة وأنشأ جيلاً، وغيَّر مجرى التاريخ لما فيه مصلحة الإسلام والمسلمين، فلم يرض الطغاة عن ذلك!
فلقد سقى شجرة الإيمان بدمه الطاهر، فأنبت دعوة الإخوان في كل مكان،
وقد ظن المجرمون :- أن عين الله نائمة لا ترى، وأن يده مغلولة لا تبطش، وأن قدرته عاجزة لا تنال، وساء ما ظنوا، فإن الله يمهل ولا يهمل، وإن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته (وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إذَا أَخَذَ القُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ)– هود 102-
وهل علمت أنهم باغتياله قد حققوا له أمنية طالما تمناها وسأل الله إياها بصدق ؟
يقول الأستاذ سعيد رمضان :-
وإن أنسى لا أنسى موقفه – رضوان الله عليه – في أمسية مشهودة بمدينة طنطا في دلتا مصر، وقد احتشد أمامه قرابة أربعين ألفا من فئات الناس، بينهم جمهرة من أتباع عدة طرق صوفية درج بعضهم على النفرة من طابع الحركة المتحمسة، كأنهم يرونه يجافي وداعة معني العبادة على ما لقنوه وتحدد مفهومهم به، فإذا به استرسال روحي خالج غائر النفوس في صفاء ويسر، يقول لمستمعيه فجأة في إشراقة كأنها السحر :-
ألا تعجبون معي من إخواننا العباد الذين لا ينقطعون عن تلاوة دعاء الشيخ أبي الحسن الشاذلي في حزب البر، ويرددون من ذلك دائما :- " اللهم ارزقنا الموتة المطهرة "
ماذا تراهم يستحضرون في معني الموتة المطهرة ؟
ألا إن أطهر موتة يحبها الله هي هذه : ورفع يده فمر بها على رقبته إشارة إلى قطع الرقاب في سبيل الله - عز وجل -،
فكأنما والله مست الناس كلهم كهرباء، واستعلن أمامهم مشهد الفداء والذبح رأي العين، فسالت دموع، وثارت عواطف، وتعالت هتافات" ... - مجلة لواء الإسلام 19فبراير1988م –
وكان – رحمه الله – يعتبر الموت صناعة من الصناعات يجب على الأمة إحسانها، بل إنه كان يراه فنا من أجمل الفنون، فيقول:
"أَجَلُّ صناعةٍ ..... الموتُ، فالموتُ صناعة من الصناعات،
ويقول : " إن الأمة التي تحسن صناعة الموت وتعرف كيف تموت الموتة الشريفة يهب لها الله الحياةَ العزيزةَ في الدنيا والنعيمَ الخالدَ في الآخرة " ... - رسالة الجهاد -
ولقد عرَضه القرآن على المؤمنين به عرضًا كريمًا، وجعلهم يحرصون عليه ويحبونه، ويهيمون به حبَّ غيرهم على الحياة.. وللناس فيما يعشقون مذاهب..
ولن ينجي المسلمين اليوم مما هم فيه إلا أن :- "يعودوا إلى فلسفة القرآن في الموت.. ويتلقَّونه على أنه فنٌّ.. بل فنٌّ جميل حقًّا".
– جريدة الإخوان المسلمين 16-8- 1946م
وهكذا ظن المجرمون الأشرار، معتقدين أن الأفكار تموت بموت أصحابها وحامليها، وهذا حق في الكثير من الأفكار، لكن الفكرة الإسلامية ليست هكذا، فهي لا تتوقف على موت أحد ولا حياته، ولو كان الأمر كذلك لتوقفت بعد موت رسول الله، ولكن التاريخ يذكر أن رسول الله توفي والدعوة لم تكن خرجت من الجزيرة العربية، فأين هي الآن ... ؟
إن حسن البنا حمل هذه الفكرة، وهي الإسلام الحنيف الذي لا عوج فيه ولا شر معه، فلم يكن موته ليوقف زحفها، بل كان موته بهذه الطريقة وقودا لها،
يقول الأستاذ سيد قطب - رحمه الله -: في بعض الأحيان تبدو المصادفة العابرة كأنها قدر مقدور، وحكمة مدبرة في كتاب مسطور،
حسن البنا ........ إنها مجرد مصادفة أن يكون هذا لقبه، ولكن من يقول إنها مصادفة والحقيقة الكبرى لهذا الرجل هي البناء، وإحسان البناء، بل عبقرية البناء،
لقد عرفت العقيدة الإسلامية كثيرا، ولكن الدعاية غير البناء، وما كل داعية يملك أن يكون بناء، وما كل بناء يوهب هذه العبقرية الضخمة في البناء،
هذا البناء الضخم " الإخوان المسلمون " إنه مظهر هذه العبقرية الضخمة في بناء الجماعات،
ثم يقول – رحمه الله - : ومضى حسن البنا إلي جوار ربه، يمضي وقد استكمل البناء أسسه، يمضي فيكون استشهاده على النحو الذي أريد له : عملية جديدة من عمليات البناء، عملية تعميق للأساس، وتقوية للجدران، وما كانت ألف خطبة وخطبة، ولا ألف رسالة للفقيد الشهيد لتلهب الدعوة في نفوس الإخوان كما ألهبتها قطرات الدم الزكي المهراق،
إن كلماتنا عرائس من شموع، حتى إذا متنا في سبيلها دبت فيها الروح، وكتبت لها الحياة،
وحينما سلط الطغاة الأقزام الحديد والنار علي الإخوان، كان الوقت قد فات، وكان البناء الذي أسسه حسن البنا قد استطال على الهدم، وتعمق على الاجتثاث، كان قد استحال فكرة لا يهدمها الحديد والنار، فالحديد والنار لم يهدما فكرة في يوم من الأيام، واستعلت عبقرية البناء على الطغاة الأقزام، فذهب الطغيان، وبقي الإخوان ....
– مجلة الدعوة 10فبراير1953م-
تالله ما الطغيان يهزم دعوة يوما، وفي التاريخ بر يميني
- والآن وبعد مضي أكثر من خمس وستين عاما رأينا بأعيننا ماذا فعل ربك بمن ساروا على درب هؤلاء الطغاة، وترسموا خطاهم، ونسجوا على منوالهم، وكانوا على آثارهم يهرعون، وإلى مرضاة أعداء الله وأعداء الأمة يسارعون ويتسابقون،
أين هؤلاء ممن ساروا على درب حسن البنا، وترسموا خطاه، ونسجوا على منواله، وكانوا على آثاره يهرعون، وإلى مرضاة الله وخير الأمة يسارعون ويتسابقون،
فتراهم يغتالون غيلة وغدرا رجالا أطهارا وشرفاء إبرارا بدم بارد بلا رادع من عدل أو قانون، متناسين سير الغاقرين من الطغاة السابقين
وما ضاع دم أسلم إلى المجد أمة، ولا مات ميت أعطى بلاده الحياة ... (وَلا تَقُولُوا لِمْن يُقْتَلُ فِى سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِن لاَّ تَشْعُرُونَ (154) البقرة 154-،
فاللهم أكرم نزلهم وأعل مرتبتهم، واجعل الجنة مثواهم ومستقرهم، اللهم لا تحرمنا أجرهم، ولا تفتنا بعدهم، واغفر لنا ولهم،
وحقا ... سيذهب الطغيان، ويبقي الإخوان ......
سقطة مشاركة مصر
فى مؤتمر هرتسيليا
محمد سيف الدولة
لا أعلم هل تخطت العلاقات المصرية الاسرائيلية تحت قيادة عبد الفتاح السيسى ، مرحلة الدفء الى مرحلة الفعل الفاضح فى الطريق العام؟ وهل أصبح الحفاظ على الأمن القومى لإسرائيل من أهداف السياسة الخارجية المصرية؟
***
نشرت جريدة الاهرام فى عددها الصادر فى 16 يونيو 2016، خبرا عن مشاركة السفير المصري في إسرائيل حازم خيرت بكلمة فى مؤتمر هرتسيليا السادس عشر.
وهو مؤتمر يعقد فى مدينة هرتسيليا بالارض المحتلة، التى سميت هكذا نسبة الى تيودور هرتزل مؤسسس الحركة الصهيونية ومنظمتها العالمية. وينعقد سنويا منذ عام 2000 تحت رعاية الدولة الصهيونية، ويتناول كل القضايا التى تتعلق بتحديات الامن القومى الاسرائيلى على كافة المستويات، وطبيعة المخاطر المحدقة باسرائيل، والتصورات عن مستقبل اسرائيل فى السنوات والعقود القادمة.
ويشارك فيه ابرز القادة والمفكرين الصهاينة من داخل اسرائيل، وكذلك ابرز الاصدقاء والحلفاء وقادة اللوبيات الصهيونية من خارجها. ولقد شارك هذا العام بنيامين نتنياهو وهنرى كيسنجر وزير الخارجية الامريكى الاسبق وايهود باراك رئيس الوزراء الاسبق وموشى يعالون وزير الدفاع السابق، وقائمة طويلة من النخب الاستخبارية والعسكرية و السياسية والاكاديمية فى اسرائيل، بالاضافة الى السفيرين المصرى والاردنى لدى اسرائيل ومندوب من السلطة الفلسطينية وآخرون.
***
ان اى مشاركة من مصر او اى طرف عربى فى مثل هذه المؤتمرات، والاجتماع والتواصل مع مثل هذه الشخصيات، هو بالطبع موقفا مجردا من الوطنية، ولكنه ايضا لا يمكن ان يكون فعلا سياسيا سويا أو عاقلا حتى من منظور انظمة كامب ديفيد واوسلو ووادى عربة، فهى مؤتمرات مكرسة لخدمة الكيان الصهيونى ومشروعه، والتى يأتى فى القلب منها وفقا للقرارات والتوصيات الصادرة عن المؤتمرات السابقة: تصفية القضية الفلسطينية واغتصاب مزيد من الارض الفلسطينية والحفاظ على التفوق العسكرى الاسرائيلى على الدول العربية مجتمعة، وإعادة صياغة المنطقة بدولها وأنظمتها وتحالفاتها وفقا للأجندة والمصالح الاسرائيلية.
ناهيك على ما فيها من رسائل ومواقف شديدة الضرر بالمصالح الفلسطينية والعربية، ففيها تجاهل تام للانتفاضة الفلسطينية وشهدائها الذين يسقطون كل يوم على ايدى قوات الاحتلال، وتجاهل للأنشطة الاستيطانية الحثيثة لابتلاع ما تبقى من فلسطين، وتجاهل للمحاولات الإسرائيلية المستميتة القائمة على قدم وساق لاقتحام واقتسام المسجد الاقصى، وتجاهل للإهانة الاخيرة التى وجهها نتنياهو لاصدقائه وحلفائه؛ السيسى والنظم العربية حين أعلن عن رفضه لمبادرة السلام العربية.
بالاضافة الى ما فى هذه المشاركات من اضفاء مزيد من الشرعية على الاحتلال امام الرأى العام العالمى الذى يعيش حالة من التململ والنقد الحاد للممارسات الإسرائيلية فى الآونة الاخيرة: فها هم أصدقاء اسرائيل من العرب يعترفون بالمخاطر التى تهددها ويجتهدون لمساعدتها على مواجهتها.
واخيرا وليس آخرا، لما فيها من طعنة جديدة للثوابت الوطنية المصرية والعربية والفلسطينية، تعمل على تخريب وعى الأجيال الجديدة عن طبيعة الكيان الصهيونى ومشروعه، حين ترى حكامنا يتحدثون عن السلام الدافئ مع العدو، وخارجياتنا تشارك فى الفاعليات والمؤتمرات المعنية بالامن القومى الاسرائيلى، وسفراءنا يتواصلون مع قادة وشخصيات من مرتكبى جرائم الحرب والابادة، وجرائدنا القومية تنقل اخبار هذه المؤتمرات الصهيونية العنصرية وكأنها مؤتمرات طبيعية فى دولة جارة.
القاهرة فى 17 يونيو 2016
***************
من صفات العابدين
المرشد العام الأسبق الاستاذ عمر التلمساني رحمه الله
عابد الله ليس باليؤوس ولكنه يحاول ولا يستكين ] اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ ) ... وسف 87
وعابد الله لا يتمحك ولا يلتمس المعاذير فراراً من القيام بواجبه ] إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ) .... التوبة 45.
وعابد الله واسع الأمل لا يتزعزع يقينه في عون الله ] هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ) ... التوبة 52
وعابد الله مقر الفضل لصاحبه لا يتنكر لمن أحسن إليه ] وَمَا نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ ) ... التوبة 74
وعابد الله معتد بكلمته إذا أعطاها، لايتنكر لها ] الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلَا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ ) ... الرعد 20
وعابد الله وصول للرحم حفاظاً على كيان الأسرة ] وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ) ... الرعد 21
وعابد الله عامر القلب بذكر الله لا يطيش حلمه لعارض أو مكروه ] الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ ) ... الرعد 28
******************
فى قافلة الإخوان المسلمين
(( 3 ))
أول لقاء بالإمام البنا
يقول الأستاذ محمد عبد الحميد أحمد عن اللقاء الأول الذى جمعهم بالإمام الشهيد حسن البنا:
لقد كتب الأستاذ الشيخ طنطاوى جوهرى بعد انتهاء زيارتنا له سنة 1933 رسالة للأستاذ حسن البنا يحدثه عن جماعتنا ورغبتنا الانضمام إلى الإخوان
فرد الأستاذ البنا على هذه الرسالة وقد كان فى رحلة إلى المحمودية وشبراخيت ردا يعبر عن سروره البالغ بهذا النبأ الجديد بانضمام هذه الكتيبة المؤمنة من شباب الجامعة، وحدد يوما للقائه معنا بمنزل الشيخ طنطاوى، فالتقينا فى الموعد المحدد وتحدث إلينا فى هذه الجلسة الخالدة حديثا لا أنساه فى الدعوة الإسلامية وسر عظمتها وخلودها، بروح الداعية القدير لا بثقافة الواعظ الأجير...
بروح يصبها فى أرواحنا شعاعا وهاجا يحرك مشاعرنا ويهز وجداننا ويكشف لنا سبيل العمل للدعوة الإسلامية وكيف عاش هو لهذه الدعوة جنديا مخلصا ورجل عقيدة لا رجل غنيمة، مما شرح صدورنا جميعا وبايعناه على العمل تحت راية القرآن فى هذه الدعوة راضين مستبشرين
ولقد صدقت شهادة الشيخ طنطاوى فى الإمام حين قال لنا إنه يجمع بين " قلب علىّ وعقل معاوية".
وقد اختارنى زملائى فى هذه الجلسة مسئولا عنهم وسمانى الأستاذ الإمام " نقيب الطلاب" وحدد لنا موعدا للقائه فى منزله الخاص المتواضع فى أحشاء القاهرة كما كان يسميها فضيلته فى حى السروجية عطفة نافع بك
فاجتمعنا به فى الموعد المحدد وكان قد أعد لنا حفل شاى وكنا سبعة طلاب وكان معه عشرة من الإخوان ،أذكر منهم شقيق الأستاذ الإمام عبد الرحمن البنا والشيخ مصطفى الطير والحاج محمد شلش وتناولنا الشاى والحلوى فى هذا الحفل الإخوانى اللطيف .
وبعد انتهاء الحفل انتقلنا إلى غرفة الجلوس بدار الأستاذ وأخذ الأستاذ الإمام يتحدث لنا عن الدعوات الماضية فى العصر الحديث كحركة جمال الدين الأفغاني والشيخ محمد عبده وحركة المهدى بالسودان وحركة السنوسية بليبيا وعن القائد الباسل عمر المختار وموقفه من المستعمرين الإيطاليين، ويتحدث بإيجاز عن هذه الحركات ويبين عناصر نجاحها وأسباب فشلها.
ثم اجتمع بالطلاب بعد نهاية الحديث ودعانا إلى الحضور إلى منزله كل يوم خميس لنصلى المغرب جماعة ويتحدث إلينا بعد صلاة المغرب حول الدعوة الإسلامية
وبدأ بدراسة القرآن الكريم باعتباره معجزة الإسلام الكبرى وأساس الدعوة الإسلامية فيتحدث عن أسلوبه وموضوعاته وإعجازه.
وكنا نحضر كل يوم خميس ونحرص على حضور محاضرات الإمام الشهيد بعد صلاة المغرب وندعو من نتوسم فيه الخير من زملائنا الطلاب كل فى كليته، فكان كل خميس يزداد عدد الحاضرين من الطلاب عن الخميس الذى مضى.
وبعد ذلك انتقل الأستاذ الإمام إلى تاريخ الدعوة الإسلامية والأسلوب الذى اتبعه الرسول عليه الصلاة والسلام فى نشر الدعوة والمحن التى صادفته فى الدعوة وكيف صبر المؤمنون على هذه المحن الجسام وثبتوا على الإسلام وضربوا الأمثال فى البطولة والتضحية رضوان الله عليهم
**********
مناجاة
قولوا معي .. في هذه الساعه :
ربي ها أنت ترى مكاني وتسمع كلامي وأنت أعلم من عبادك بحالي
ربي شكواي لك لا لأحد من خلقك، فاقبلني في رحابك في هذه الساعة المباركه،
ربي إني طرقت بابك فافتح لي أبواب سمواتك وأجرني من عظيم بلائك،
اللهم يا مسخر القوي للضعيف ومسخر الجن لنبينا سليمان ومسخر الطير والحديد لنبينا داود ومسخر النار لنبينا ابراهيم (سخر لي عبادك الطيبين من حولي وسهل لي أموري وارزقني من حيث لا أحتسب) ،
ربي بحولك وقوتك وعزتك وقدرتك، أنت القادر علي ذلك وحدك لا شريك لك.. اللهم إني أسألك بخوفي من عظمتك وطمعي برحمتك أن ترزقني ما كان خيرا لي في ديني ودنياي ومعاشي وعاقبة أمري عاجله وآجله،
اللهم إني أشكو لك قلة حيلتي وهوان أمري وضعف قوتي، اللهم إني أسألك أن تصرف عني شتات العقل والأمر والتفكير،
ربي آثرني ولا تؤثر على ، ربي انصرني ولا تنصر علي ..
إلهي ارحم ضعفي فرج همي واجبر كسري وآمن خوفي وامطرني برزق من عندك لا حد له، وفرج من عندك لا مد له، وخير من عندك لا عدد له
اللهم إن كان رزقي في السماء فأنزله وإن كان في الأرض فأخرجه، وإن كان بعيدا فقربه، وإن كان قريبا فيسره، وإن كان قليلا فكثره وإن كان كثيرا فبارك لي فيه ..
يارب في هذه الساعه أسالك الراحه لكل مسلم ضاقت عليه دنياه وذرفت عيناه يا الله أفرح قلوبا أنهكها التمني وبشر أصحابها بفرح لايذكرهم بوجعهم واسعد قلوبهم وأسعدنا بصحبتهم ..
اللهم إغفر لوالدي وادخلهم جنتك ياأرحم الراحمين ..
اللهم اعتق رقابنا من النار ، اللهم انك عفو كريم تحب العفو فاعف عنا ،
وصل اللهم وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى اله الطيبين الطاهرين ..
صوما مقبولا وإفطارا شهيا وقياما خالصا
ولا تنسونا من كريم دعائكم
مع تحيات أسرة " رسالة الإخوان "
وسوم: العدد 673