تجديد الخطاب الصليبي اليهودي!
كانت فكرة محو الثقافة الإسلامية من نفوس أهل الأندلس المسلمين وأفئدتهم الهاجس الأكبر الذي شغل الصليبين الهمج ، وهم يجتاحون المدن الأندلسية ، مدينة إثر أخرى . لم تكفهم أنهار الدماء التي سفكوها ، ولا استسلام من بقي حيا من المسلمين ، ولكنهم قرروا تنصير من استسلموا ، وطمس لغتهم وإحراق كتبهم ، وتغيير أسمائهم وأزيائهم وعاداتهم وتقاليدهم وأفراحهم وأحزانهم .
هذه الجريمة ظلت مزدهرة وحملها الغزاة الصليبيون الهمج إلى العالم الإسلامي بعيدا عن الأندلس ، وتنبعث الآن بجلاء واضح - بعد أن كانت تتحرك في أزياء مخادعة - من خلال السلطات المحلية الموالية للصليبيين المعاصرين أو وكلائهم المأجورين في بلاد الإسلام ، أو عبر المنصّرين والمستشرقين . لم تعد المداراة وسيلة القوم بعد أن استشعروا أن المسلمين بلغ بهم الضعف والهوان والمذلة حدا غير مسبوق ، وأن الوكلاء المحليين صاروا لا يعرفون الخجل ولا الحياء ، وهم يعلنون أن الإسلام هو مشكلة المسلمين التي تحول بينهم وبين التقدم والتطور والاتحاد والنظام والعمل ، وليس الحكومات العسكرية والأنظمة المستبدة وجمهوريات الرعب وممالك الخوف والفساد الاقتصادي والاجتماعي وغياب العدل بكل معانيه وتجلياته .
الأمثولة التي يلحون عليها اليوم هي ما أطلقوا عليه تجديد الخطاب الديني أي تغيير الإسلام ، لأنهم لا يستطيعون أن يتكلموا عن تجديد الخطاب الصليبي أو الخطاب اليهودي أو حتى الخطاب البوذي أو الهندوسي الذي يعبد البقرة . وتغيير الإسلام يأتي في إطار ما يسمى الحرب على الإرهاب ، والقوم يقنعون أنفسهم والعالم أن الإسلام هو الإرهاب دون سواه ، وأن الإرهابيين في العالم هم المسلمون . بالطبع لا يرون في قتل الفلسطينيين والعراقيين والسوريين والليبيين والروهينجا والأفغان والصوماليين يوميا وتهجيرهم من بلادهم وأرضهم شيئا من الإرهاب . القوم لا يرون الإرهاب إلا في الإسلام وعنوانه : ابن تيمية ومناهج التربية الإسلامية وتنظيم الدولة (داعش) الذي صنعوه ، والتنظيمات المشابهة التي اخترعوها .. أما الحكومات العسكرية الدموية والنظم الاستبدادية المتوحشة التي يوجهونها ، ويزودونها بآلات القتل والتعذيب والدمار فهي الاستنارة والتقدم والتحضر وبنت الأصول كمان !
مؤخرا تشجعت الأبواق الإعلامية والأذرع الثقافية في الحكم العسكري الانقلابي وأعلنت أنه يجب حذف آيات الجهاد من المقررات الدراسية في الأزهر والتعليم لأنها تنتج الإرهاب وتعطي لداعش فرصة استقطاب الشباب وتجنيدهم للقتال ، وطالبت هذه الأبواق وتلك الأذرع ألا يكون الأزهر سلطة دينية (؟) يسلط سيفه على رقاب المواطنين . ولا بد أن يتسم خطابه بالسماحة والمودة واللين مع الآخرين، ويتماشى مع العصر، ويسير على منوال حكومة المغرب التي قررت تعديل مناهجها وحذف الآيات القرآنية التي تحث على الجهاد واستبدالها بآيات أخرى تدعو للتسامح والغفران في المناهج الدراسية .. وشاءت إرادة الله أن يصدر في الوقت نفسه تقرير القاضي البريطاني ( تشيلكوت ) حول الحرب الصليبية في العراق فيعلن أن التنظيمات الإرهابية نتجت عن هذه الحرب وليس عن أفكار ابن تيمية ومحمد بن عبد الوهاب وسيد قطب ، وأن الإرهابي الأول هو الصليبي توني بلير ويشاركه الإرهاب بوش الابن !
مطالبات القوم بحذف الإسلام منقولة طبق الأصل عما يردده الصليبيون واليهود .. بالطبع لا يتجرأ أصحاب تلك المطالبات على الدعوة إلى إلغاء الآيات الدموية في الكتاب المقدس التي تؤسس للغلبة والقوة والعنف والاستباحة . الجهاد في القرآن الكريم جاء لرد العدوان ، وتأمين بلاد المسلمين ضد غارات التوحش والهمجية . لقد أسس الاسلام للرحمة والتكافل والاحسان والتقوى والحب والصفات الإنسانية الكريمة. ولكن الكتاب المقدس الذي يزعمون أنه يدعو للمحبة ، وحب الأعداء واللاعنين ؛ يؤسس للعنصرية التي تجعل المهزوم وخاصة من المدنيين والنساء والأطفال كلأ مستباحا يفعل بهم جند اليهود والنصارى ما يشاءون . وسأكتفي ببعض النماذج من عشرات بل مئات النماذج التي تحض على العدوان والوحشية ولا يستطيع مثقفو البيادة ونعال الأجهزة الأمنية أن يشيروا إليها مجرد إشارة وهم يؤدون مهمتهم الخيانية الإجرامية الرخيصة ضد الإسلام والمسلمين ..
“لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لِأُلْقِي سَلاَماً عَلَى الأَرْضِ. مَا جِئْتُ لِأُلْقِيَ سَلاَماً بَلْ سَيْفاً. فَإِنِّي جِئْتُ لِأُفَرِّقَ الإِنْسَانَ ضِدَّ أَبِيهِ وَالاِبْنَةَ ضِدَّ أُمِّهَا وَالْكَنَّةَ ضِدَّ حَمَاتِهَا” (متى 10: 34-35 ). " أَمَّا أَعْدَائِي أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِيدُوا أَنْ أَمْلِكَ عَلَيْهِمْ فَأْتُوا بِهِمْ إِلَى هُنَا وَاذْبَحُوهُمْ قُدَّامِي " ( لوقا 19 : 27 ) . " وَاضْرِبُوا لاَ تُشْفِقْ أَعْيُنُكُمْ وَلاَ تَعْفُوا اَلشَّيْخَ وَالشَّابَّ وَالْعَذْرَاءَ وَالطِّفْلَ وَالنِّسَاءَ. اقْتُلُوا لِلْهَلاَكِ ". ( سفر حزقيال 9: 6). " ملعون من يمنع سيفه عن الدم " ( إرمياء 48 :10) . يقول الرب : " وتحطم أطفالهم أمام عيونهم وتنهب بيوتهم وتفضح نساءهم " ( إشعيا 13 : 16).
" فَالآنَ اقْتُلُوا كُل ذَكَرٍ مِنَ الأَطْفَالِ وَكُل امْرَأَةٍ عَرَفَتْ رَجُلاً بِمُضَاجَعَةِ ذَكَرٍ اقْتُلُوهَا لكِنْ جَمِيعُ الأَطْفَالِ مِنَ النِّسَاءِ اللوَاتِي لمْ يَعْرِفْنَ مُضَاجَعَةَ ذَكَرٍ أَبْقُوهُنَّ لكُمْ حَيَّاتٍ" ( العدد 31: 17-18) .
" فقالَ الرّبُّ لموسى: خذْ معَكَ جميعَ رُؤساءِ الشَّعبِ واَصلُبْهُم في الشَّمسِ أمامَ الرّبِّ، فتَنصَرِفَ شِدَّةُ غضَبِ الرّبِّ عَن بَني إِسرائيلَ فقالَ موسى لقُضاةِ بَني إِسرائيلَ: ليَقتُلْ كُلُّ واحِدٍ مِنكُم أيُا مِنْ قومِهِ تعَلَّقَ ببَعْلِ فَغورَ " ( العدد 25 : 4-5 ) .
" واضربوا سكان يابيش جلعاد بحد السيف مع النساء والأطفال وهذا ما تعملونه. تحرّمون كل ذكر وكل امرأة عرفت اضطجاع ذكر وَلاَ تَقْرُبُوا مِنْ إِنْسَانٍ عَلَيْهِ السِّمَةُ, وَابْتَدِئُوا مِنْ مَقْدِسِي». فَـابْتَدَأُوا بِـالرِّجَالِ الشُّيُوخِ الَّذِينَ أَمَامَ الْبَيْتِ" (القضاة 21: 10-11) .
" فَزِعتُم مِنَ السَّيفِ فأنا أجلُبُ علَيكُمُ السَّيفَ، يقولُ السَّيِّدُ الرّبُّ " ( حزقيال 11:8 ) .
" وأما مدن هؤلاء الشعوب التي يعطيك الرب إلهك نصيباً فلا تستبق منها نسمة " (التثنية 20 : 16)
"فَالآنَ اذْهَبْ وَاضْرِبْ عَمَالِيقَ وَحَرِّمُوا كُلَّ مَا لَهُ وَلاَ تَعْفُ عَنْهُمْ بَلِ اقْتُلْ رَجُلاً وَامْرَأَةً طِفْلاً وَرَضِيعاً, بَقَراً وَغَنَماً, جَمَلاً وَحِمَاراً وَأَمْسَكَ أَجَاجَ مَلِكَ عَمَالِيقَ حَيّاً, وَحَرَّمَ جَمِيعَ الشَّعْبِ بِحَدِّ السَّيْفِ"( صموئيل الأول 15: 3 - 11)
"فَقَالَ لَهُمْ "يسوع": لَكِنِ الآنَ مَنْ لَهُ كِيسٌ فَلْيَأْخُذْهُ وَمِزْوَدٌ كَذَلِكَ وَمَنْ لَيْسَ لَهُ فَلْيَبِعْ ثَوْبَهُ وَيَشْتَرِ سَيْفاً"( لوقا 22: 37 ) .
ألا ينبغي أن نطرح أمر التجديد في الخطاب الصليبي اليهودي الذي طبق هذه المضامين على أرض الواقع ضد المسلمين بكل دموية ووحشية بدلا من إلغاء الجهاد وإتاحة الفرصة لليهود والصليبيين الغزاة أن يدخلوا بلادنا دون مقاومة ؟
الله مولانا . اللهم فرّج كرب المظلومين . اللهم عليك بالظالمين وأعوانهم .
وسوم: العدد 677