عذرا علماءنا (لِمَ تَقُولُونَ مَا لاَ تَفْعَلُون)

في البداية  أستميحكم عذرًا مشايخنا وعلماءنا الأفاضل لعنوان المقال ، فلست أنا من يحدد ما يتحتم عليكم  القيام به ، ولكن يشفع لي ما تعلمناه منكم كون الدين النصيحة والحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها أخذ بها ، ومن حق المسلم ان يغضب إن شعر بتقصير، فالشعوب اليوم تحملكم المسؤولية كما حملتموها لأبناء الأمة من خلال بيناتكم الموجهة  إليهم وكان آخرها منذ ايام عندما وجهتم دعوة من خلال بعض رؤساء الاتحادات والروابط الإسلامية لأبناء الأمة والعالم الحر مفادها إعلان الغضب العالمي تحت شعار اغضب لحلب لإدانة الاجرام الروسي فماذا تحقق من تلك الدعوات؟    

هل استجاب ابناء امتكم لندائكم ونزلوا للميادين وتظاهروا لإيقاف القصف الهمجي ؟..    هل تم فك الحصار وادخال المساعدات للمدن السورية ؟.. هل تم الاعتصام لحصار السفارات الروسية في العالم لإجبار روسيا لإيقاف القصف ؟ .. هل تم اصدار فتوى بتحريم شراء المنتجات الروسية ؟.. هل قطعت الدول العربية علاقتها مع روسيا ؟..لا ابدا لم يتحقق شيء من كل هذا ولم يستجب لدعواتكم تلك تماما مثل دعواتكم السابقة منذ عقود لنصرة الاقصى والعراق  وبورما والاهواز

ولا يخفى عليكم بان اهم سبب لعدم الاستجابة لدعواتكم هو مطالبتكم للمسلمين بنصرة اخوانهم  نصرة جزئية بما يتوافق مع سياسة حكامكم خشية المساءلة.. و عدم تمثيل بيانتكم الصادرة شريحة واسعة من علماء الأمة بمختلف مذاهبهم ليتقبلها ويعمل بها جميع أطياف وشرائح هذه الأمة

ختاما نناشدكم الله يا ورثة الانبياء ان تعملوا  جميعا على وحدة كلمتكم لمواجهة  أشرس حملة على الاسلام والمسلمين منذ قرون ليحذوا حذوكم المجاهدين وتكونوا بذلك  قدوة لهم  قبل فوات الأوان.. وتذكروا  وقوفكم بين يدي خالقكم ليسألكم لماذا لم تسعوا الى تحقيق ما امركم الله به ﴿وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ﴾ ﴿وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ﴾

فهناك طرق كثيرة لتوحيد كلمتكم بدون ان يلحق بكم اي اذى او مساءلة من حكامكم  منها تلك الطريقة:

سادتنا العلماء / رؤساء ومنتسبي الاتحادات والروابط العلمية والهيئات والجبهات الإسلامية

نحييكم بتحية الإسلام تحية أهل الجنة السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

يتابع أبناء الأمة الإسلامية مع علمائهم الربانيين المخلصين ما يتعرض له المسلمون السنة من ظلم وقتل وحصار وتهجير، ولم يأبه قادة العالم الذين يتشدقون بحقوق الإنسان بما يشاهدونه ويسمعونه من المآسي المرعبة التي تنقل إليهم من موقع الحدث من تمثيل بجثث المسلمين وحرقهم أحياء واغتصاب النساء وهدم المساجد  وكأن المسلمين ليسوا من بني البشر وإنما جاءوا من كوكب آخر, وعلماء الأمة الاسلامية غير قادرين على مناصرتهم ودفع الظلم عنهم، وليس لهم أي تأثير على من يظلمهم ، ولا أحد يحسب لما يصدر عن العلماء أي حساب من بيانات وتصريحات وشجب ..كل ذلك بسبب تفرق كلمتهم ..  

فهل هذا  يرضي الله ويرضيكم يا ورثة الأنبياء ؟!  وهل يرضيكم أن يتحد الصفويون واليهود والنصارى ومعهم كل أعداء الإسلام في شتى بقاع الأرض ضد المسلمين وأنتم متفرقون؟!

من حق ابناء الامة الاسلامية عليكم ان تعملوا جميعا على توحيد كلمتكم 

بتطبيق ما أمركم الله تبارك وتعالى به ﴿وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ﴾

وما أوصى به سيدنا عمر: (تشاوروا في أمركم وخذوا صنف الأكثر) بعد ان تيقنتم بأن هيئاتكم العديدة من اتحادات وروابط علمية وجبهات إسلامية مهما بلغ عدد منسوبيها لا تمثل كافة المسلمين السنة مما نتج عنه ظهور دعاة غلاة يستبيحون الدماء ويقتلون الأبرياء باسم الجهاد في سبيل الله، وآخرون يصدرون فتاوى شاذة يبيحون فيها ما حرم الله، وقد استطاعوا أن يضللوا الكثير من أبناء الأمة ولازالوا بسبب تفرق كلمة العلماء الربانيين الصادقين.

بتوحد كلمتكم تقطعون الطريق على الغلاة والمنحرفين، ولن يستجيب لدعوتهم المسلمون لعلمهم بأن هناك بيانات وفتاوى موحدة صادرة من غالبية علماء الأمة الإسلامية بمختلف مذاهبهم.

   : وهناك طرق عديدة لتوحيد كلمتكم لتمثل كافة المسلمين السنة، منها

تأسيس مجلس أعلى للشورى يمثله عدد محدد من الأعضاء يتفق عليه فيما بينكم يمثلون جميع الاتحادات والروابط والمجالس والجبهات والهيئات الإسلامية في عالمنا الإسلامي، يتصدى هذا المجلس لقضايا الأمة المصيرية، كحكم الانتساب ودعم لما يسمى دولة الخلافة الاسلامية (داعش) وغيرها من قضايا الساعة التي لا تحتمل التأجيل .. يناقشونها بموضوعية في اجتماعهم في أي دولة يختارونها -وان تعذر ذلك يتم الاجتماع عن بعد بواسطة برنامج يدعم المؤتمرات المرئية عبر الإنترنت وفيه برنامج للتصويت-، فإن اتفقوا فبها ونعمت، وإلا عرضوها على التصويت وأخذوا برأي الأكثرية، والتزموا به جميعًا.. مستندين في ذلك إلى وصية سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه للصحابة (تشاوروا في أمركم وخذوا صنف الأكثر).

ولن يعرضكم الصدع بالحق لأي أذى أو مساءلة من حكامكم أو من الدول التي تقيمون فيها لأن جميع القضايا ستكون بالتصويت ولن يعلم أحد ماذا صوت كل عالم منكم, فإن وجدتم  تلك الطريقة  لا يمكن تطبيقها نناشدكم الله أن تعملوا كل ما بوسعكم وأن يكون شغلكم الشاغل ومن أهم أولوياتكم ما طالبَنا به رب العزة والجلال بقوله:

﴿ وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ ﴾  فجميعكم أهل تقوى وعلم وفضل، وأبناء الأمة الإسلامية بحاجة كبيرة في هذا الوقت العصيب إلى أن يتحد علماء السنة على قلب رجل واحد ليكونوا عونًا للمسلمين في رفع الظلم عنهم ونموذجًا يقتدي به المجاهدون والسياسيون.

فالمسلمون قد دفعوا ثمنًا باهظًا بسبب خلافات علمائهم.. وأعداءُ الإسلام يسعون بكل ما يستطيعون أن يستمر تفرق المسلمين؛ ليذيقوهم مزيدًا من الظلم والذل.

نسأل الله أن يوفق علماءنا  لتأسيس كيان يجمعهم في أقرب وقت، لإرضاء الله, ولنصرة إخوانكم المسلمين, ولحماية شبابنا من المتشددين التكفيريين الغلاة ودعاة التفريط بديننا الحنيف ,وأن يكونوا سباقين للتخلي عن مصالحهم ومناصبهم لصالح أبناء أمتهم ، كما نسأله جل علاه أن نكون جميعًا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه.

وسوم: العدد 689