وثائق سرّية عن جريمة جيمس بيكر 149

وثائق سرّية عن جريمة جيمس بيكر: يكلفونه بإلغاء ديون العراق فيعقد صفقة سرّية لإبقائها مقابل عمولة! جيمس بيكر هو الذي قدّم القروض الأمريكية (مليار دولار) لصدام حسين عام 1989! (149)

ملاحظة

هذه الحلقات مترجمة ومُعدّة عن مقالات ودراسات وكتب لمجموعة من الكتاب والمحللين الأمريكيين والبريطانيين.

"إن ظهور أخبار متفرقة عن دفع العراق المفكك والمخرّب ما يقرب الـ 40 مليار دولار في ما يسمى بـ "التعويضات" هو أمر سيء بما فيه الكفاية. ولكن معرفة لمن دُفع أو سيُدفع هذا المبلغ الضخم فهو أمر ممزّق للقلب لا يُصدق تقريبا.

أن كون البلد الذي تعرض للغزو بطريقة غير مشروعة، والذي فقد أكثر من 650000 ضحية من سكانه، والذي تم تقسيم ثرواته بين الشركات النفطية المتعددة الجنسيات والدول التي تحتضنها هو الذي يقوم بدفع التعويضات هو أمر، في حد ذاته، مثير للسخرية.

وكون الشركات التي تدّعي حقها بشرائح كبيرة من الـ 40 مليار دولار تتضمن شركة دجاج كنتاكي فهو أمر مروّع".

صحيفة الإندبندنت البريطانية

 

المحتوى

______

(كذبة صارخة جديدة لبيكر (يكذّب نفسه بنفسه)- حتى بعد "التحرير" الأمريكي واصل العراق دفع الديون- 30% من عائدات النفط مقابل الغذاء ذهبت للتعويضات- مقترح بيع أكثر من 40 شركة عراقية من القطاع العام للكويت- الضغط- العلاقات العامة- الاستثمار / التمويل- الـ 27 مليار التي تطلبها الكويت تساوي 1.5 مليار في السوق- يضرّون حتى بمصالح بلدهم أمريكا من أجل الدولارات- جيمس بيكر هو الذي قدّم القروض الأمريكية لصدام حسين عام 1989 وأولبرايت هي التي فرضت الديون والتعويضات على العراق عام 1991- بعد تعيين بيكر قلّ اهتمام دول العالم بحذف ديون العراق- الكونغرس: ولا دولة وافقت على حذف ديون العراق- المقترح في ضوء الحرب النفسية- ملاحظة عن مصادر هذه الحلقات)

كذبة صارخة جديدة لبيكر (يكذّب نفسه بنفسه)

________________________

تواصل الصحفية "نعومي كلاين" التي حصلت على الوثائق السرّية الخاصة بهذه الجريمة أنه بعد ثلاثة أيام، عندما عاد بيكر إلى واشنطن وكان يلقي خطابا، قدم – ولأول مرة - هذا التمييز:

."مهمتي هي التعامل مع الديون العراقية ذات السيادة للدائنين، وليس مع تعويضات الحرب". وردّد أيضا نفس الطرح المحدّد للحكومة الكويتية: أن التعويضات هي خارج اختصاصه لأنها "ضمن اختصاص مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وتخضع للقرارات التي أصدرها".

وكان هذا التصريح غريبا جدا: لماذا يُعزل مثل هذا الجزء الكبير من ديون العراق من عملية حذف الديون ولا يُطرح على طاولة النقاش؟ كما أن هذا يتعارض مع أمور أخرى قالها بيكر في نفس الخطاب أي أن بيكر يناقض نفسه بنفسه فقد قال إن "أي تخفيض في الديون العراقية يجب أن يكون كبيرا، ويشمل الغالبية العظمى من مجموع الديون". واضاف "وهذا أمر مستحيل دون معالجة موضوع التعويضات، التي تشير بعض التقديرات إلى أنها تشكل أكثر من نصف ديون العراق الخارجية". وقد قال مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن الذي استضاف خطاب بيكر انه من "غير الحكيم" تقديم أي خطة لتخفيف عبء الديون عن العراق "لا تتضمن حذف التعويضات".

كما أن تصريح بيكر هذا عن استثناء التعويضات جعله على خلاف مع العديد من الأعضاء الآخرين في إدارة بوش، بما في ذلك كبير المفاوضين السابق في العراق بول بريمر. قال بريمر في سبتمبر 2003 "أعتقد أن هناك حاجة إلى نظرة جادة جدا في مسألة التعويضات هذه كاملة". وقارن بريمر الوضع في العراق بالوضع في ألمانيا بعد الحرب العالمية الأولى، عندما أجبرت لجنة تعويضات عام 1921 جمهورية فايمار على دفع 33  مليار دولار "وساهمت بشكل مباشر برمي ألمانيا إلى مستنقع من الاضطرابات وعدم الاستقرار واليأس مما أدى إلى انتخاب أدولف هتلر"، كما حذر بريمر من أن التعويضات ضخمة جدا بشكل لا مبرر له.

حتى بعد "التحرير" الأمريكي واصل العراق دفع الديون

_______________________________

ومع ذلك، ظل العراق يدفع مبالغ التعويضات للكويت بصورة منتظمة الناجمة عن غزو صدام للكويت عام 1990. وخلال ثمانية عشر شهرا بعد الغزو الأمريكي للعراق، دفع العراق مبلغا مذهلا وهو 1.8 مليار دولار للتعويضات، وهو أكثر بكثير من ميزانيات الصحة والتعليم مجتمعة في العراق لعام 2004 في هذا البلد المنكوب، وأكثر مما قررت الولايات المتحدة صرفه حتى الآن على إعادة إعمار العراق.

وقد ذهب معظم هذه المدفوعات الى الكويت، البلد الذي هو على وشك اكمال السنة السادسة على التوالي في الميزانيات الفائضة، حيث يصل متوسط القوة الشرائية للمواطن 19000 دولار سنويا، في حين أن العراقيين، على النقيض من ذلك، يعيشون في المتوسط على ما يزيد قليلا على 2 دولار في اليوم، مع اعتماد معظم السكان على الحصص الغذائية المقنّنة للتغذية الأساسية. ومع ذلك فإن مدفوعات التعويضات مستمرة، حيث من المقرر أن يدفع العراق تعويضات أخرى مقدارها 200 مليون دولار في اواخر اكتوبر تشرين الاول.

30% من عائدات النفط مقابل الغذاء ذهبت للتعويضات

______________________________

هذا الترتيب يعود الى نهاية حرب الخليج الأولى، فكشرط لوقف إطلاق النار، وافق صدام حسين على دفع ثمن كل الخسائر التي حصلت نتيجة لغزوه الكويت واحتلالها لمدة سبعة شهور. بدأت مدفوعات التعويضات تتدفق في عام 1994 ثم تسارعت في عام 1996، مع بداية برنامج الأمم المتحدة للنفط مقابل الغذاء. فوفقا لقرار مجلس الأمن رقم 986، الذي أنشأ هذا البرنامج، يمكن للعراق ان يبدأ بتصدير النفط طالما أنفق العائد على واردات الغذاء والدواء، وطالما ذهب 30 في المئة من عائدات النفط العراقي إلى لجنة الأمم المتحدة للتعويضات ( لجنة التعويضات UNCC)، وهي المحكمة المسؤولة عن تعويضات حرب الخليج والتي تتخذ من جنيف مقرا لها.

بعض المطالبات التي تم منحها من قبل لجنة التعويضات كانت ضخمة بصورة غير طبيعية: تكلفة تنظيف سواحل الكويت والمملكة العربية السعودية من التسربات النفطية والحرائق، أو مكافأة مؤسسة البترول الكويتية المثيرة للجدل بـ 15.9 مليار دولار عن عائدات النفط المفقودة. حتى الآن، دفعت لجنة التعويضات من أموال العراق 18.6 مليار دولار في تعويضات الحرب ومازالت تريد منح مبلغ إضافي قدره 30 مليار دولار لم تستطع الحصول عليه حتى الآن بسبب نقص موارد العراق. وما يزال هناك ما قيمته 98 مليار دولار من الدعاوى مطروحة أمام لجنة التعويضات لم يتم تقييمها بعد، وبالتالي فإن أرقام مبالغ التعويضات قد ترتفع بشكل حاد ومخيف. وهذا هو السبب في أنه لا توجد تقديرات دقيقة لمدى دين العراق في تعويضات الحرب حيث يتراوح الرقم من 50 مليار دولار إلى 130 مليار دولار.

لكن مصير هذه الديون هو الآن غير مؤكد إلى حد كبير. في 22 مايو 2003، بعد شهرين من غزو الولايات المتحدة للعراق قرّر مجلس الأمن خفض نسبة عائدات النفط العراقية التي تذهب إلى تعويضات الحرب إلى 5 في المئة. في مايو الماضي، ذهب وفد عراقي إلى الأمم المتحدة يطلب تخفيض النسبة إلى أقل من ذلك، لتلبية احتياجات إعادة الإعمار الخاصة في العراق. هناك تعاطف متزايد مع هذا الموضوع. ويقول جاستن الكسندر من مجموعة تخفيف عبء ديون العراق أن العديد من المطالبات من قبل لجنة التعويضات قد تم تضخيمه وأنه "حتى بالنسبة للمطالبات الحقيقية، فهي من مسؤولية صدام حسين، وليس الشعب العراقي الذي يعانى هو نفسه أكثر بكثير من أي شخص آخر".

وهذا هو المكان الذي يظهر فيه دور كونسورتيوم كارليل/أولبرايت. ففرضية اقتراح الاتحاد هو أن ديون العراق غير المسددة للكويت ليست مجرد مشكلة مالية ولكنها مشكلة علاقات سياسية وعلاقات عامة كذلك. الرأي العام العالمي لم يعد كما كان عليه عندما وُعدت الكويت بتعويضات كاملة. الآن يركز العالم على اعادة اعمار العراق والتسامح في ديونه. وإذا أرادت الكويت الحصول على جوائز التعويضات، كما تقترح رسالة مادلين اولبرايت، فإنها –أي الكويت- سوف تحتاج إلى إعادة صياغة الموضوع بحيث لا يبدو عبئا على العراق المدمّر ولكن "بوصفه عنصرا أساسيا في العمل من أجل تحقيق الاستقرار والمصالحة في المنطقة" كما تقترح أولبرايت.

أكدت العديد من الأطراف والشركات المشاركة في الائتلاف أن الاقتراح يتعلق فقط بديون التعويضات. وقالت المتحدثة باسم مجموعة أولبرايت جيمي سميث، "لقد طُلب منا الانضمام الى اقتراح لضمان تحقيق العدالة لضحايا غزو صدام للكويت وضمان تعويض ضحايا الكويت الذي وافقت عليه حكومة الولايات المتحدة والأمم المتحدة وسوف يستخدم لتعزيز المصالحة وتحسين البيئة والاستثمار في الكويت والعراق والمنطقة".

وهنا تظهر كذبة أو مؤامرة أخرى أكثر خطورة تتمثل ببيع العراق للكويت.

مقترح بيع أكثر من 40 شركة عراقية من القطاع العام للكويت

___________________________________

ففي الحقيقة، فإن اقتراح هذا الإتحاد لا يقيد نفسه بديون التعويضات. لقد طلب الكونسورتيوم أيضا من حكومة الكويت منحه السيطرة على أكثر من 30 مليار دولار من الديون السيادية المتعثرة لاستخدامها كورقة ضغط سياسي لتأمين مطالبات التعويضات. وعلاوة على ذلك، فإن معظم الخبراء يتفقون على أن إعادة هيكلة ديون العراق يجب النظر إليها ككل: هناك نقطة مسامحة صغيرة في ديون العراق السيادية إذا كان البلد سيبقى مثقلا بعبء تعويضات لا يمكن السيطرة عليها. وينعكس هذا الفهم في الوثائق السرّية التي أكدت مرارا أن مدفوعات تعويضات الكويت في خطر من جراء التحركات الجديدة لشطب ديون العراق.

لتجنب هذا الخطر الذي يهدد الكويت، يقترح الاتحاد استراتيجية من ثلاثة محاور: كفاح عنيف خلف الكواليس، وعلاقات عامة ذكية، واستثمار وتمويل خلّاق: "وأي حل لدفع التعويضات غير المسددة ... يجب أن يكون متاحا للتداول سياسيا كي يعزز الاستقرار والنمو في الخليج والعراق. ويوفر هذا الاقتراح استراتيجية، وخطة، وموهبة لتحقيق هذا الهدف"، كما تنص الوثيقة السرّية.

الضغط:

لأن لجنة التعويضات موجودة وفقا لقرار مجلس الأمن، والذي يمكن أن يصوّت للحد من أو تعليق أو إلغاء التعويضات في أي وقت، فإن قسم الاقتراح المتعلق بالسمسرة السياسية واضح وصريح: إنه يشير إلى هجوم ضاغط كامل وعنيف على أعضاء مجلس الأمن، وذلك باستخدام علاقات مادلين أولبرايت، ولكن أيضا غيرها من الأشخاص "البارزين" المرتبطين بالكونسورتيوم مثل السيناتور الأمريكي السابق "غاري هارت" والسفير الأمريكي السابق لدى الأمم المتحدة "جين كيركباتريك". ويضيف الاقتراح: "اننا سوف نسعى أولا للحفاظ على خمسة في المئة من عائدات النفط العراقي المخصصة لتمويل وسداد جوائز لجنة التعويضات". ولتحقيق ذلك، سيقوم الاتحاد بإجراء "اتصالات سرية على أعلى المستويات في العواصم الرئيسية من الدول الأعضاء في مجلس الأمن ومع الممثلين المؤثرين"، و "تدخلات مع كبار موظفي الأمم المتحدة لتقديم عروض لمجلس الأمن". ويلاحظ الاقتراح أيضا أن "ألمانيا ورومانيا قد تكون دولا محورية، ولدى مجموعة أولبرايت علاقات وثيقة جدا مع كلّ منهما".

العلاقات العامة:

وضع الكونسورتيوم أيضا خطة مفصلة لمعالجة التصور لدى الرأي العام العالمي بأن التعويضات هي "تحويل الموارد من إعادة بناء العراق إلى دولة مجاورة أكثر ثراء ليست بحاجة إليها هي الكويت". أولا، يجب على الكويت تحويل الديون غير المسددة من العراق إلى مؤسسة خاصة يسيطر عليها الكونسورتيوم. وستقوم هذه المؤسسة الخاصة بإدارة صندوق استثمار يقوم باستثمار جزء من مدفوعات التعويضات من العراق إلى الكويت مرة أخرى في العراق. وكأمثلة على أنواع الاستثمارات التي ستقوم بها هذه المؤسسة كما تقترح أولبرايت في رسالتها هو أن تستخدم أموال التعويضات التي تستلمها الكويت من العراق في شراء المعامل والشركات المملوكة للدولة في العراق. "في المستقبل القريب، ستكون هناك 40 شركة عراقية مملوكة للدولة في مختلف القطاعات متاحة لعقود التأجير والإدارة" كما تقول أولبرايت في رسالتها. من خلال إظهار أن الكويت تستثمر جزءا من التعويضات مرة أخرى في الاقتصاد العراقي، فإن مؤسسة الاتحاد هذه سوف "تؤسس المبررات الإنسانية للولايات المتحدة ودول أخرى لمواصلة دعمها لدفع العراق التعويضات للكويت". ويبدو أن اتحاد كارلايل وأولبرايت في خطته لدعم الكويت ينظر إلى خصخصة القطاع العام في العراق كجزء من مهمة انسانية.

كما يقترح اتحاد كارلايل وأولبرايت المزيد من الاستراتيجيات المباشرة في العلاقات العامة. ولهذا يدعو الكويت لتخصيص مليار دولار من التعويضات التي تم تسديدها سابقا من قبل لجنة التعويضات إلى صندوق ترميم البيئة الكويتية، الذي سيقوم الاتحاد بتأسيسه. والغرض من هذا الصندوق هو تذكير العالم بـ "خطورة التداعيات البيئية التي تواجه الكويت" وتجعل "الكويت الزعيم البيئي في المنطقة". وسيرأس هذا الصندوق "كارول براونر"، الرئيسة السابقة لحماية البيئة في الولايات المتحدة (من 1991 إلى 2003) والمديرة في مجموعة أولبرايت (هل هناك عصابة محكمة مثل هذه؟؟).

الاستثمار / التمويل:

ويتوقع اقتراح الاتحاد أن الضغط لكسب التأييد والعلاقات العامة قد لا تكون كافية لتأمين المبالغ الذي تأمل الحكومة الكويتية في الحصول عليه من العراق كتعويضات. لهذا يقترح الكونسورتيوم "تعظيم قيمة التعويضات الكويتية"، "سيكون على الكويت تخصيص جزء أكبر من دفعات التعويضات التي تلقتها. فبالإضافة إلى المليار دولار التي سوف تخصصها للصندوق البيئي، فإن المقترح يدعو الكويت لتخصيص 2 مليار آخر من المال الكويتي للاستثمار في "صندوق الأسهم الخاصة في الشرق الأوسط" الذي سوف يؤسسه الاتحاد. من هذين المليارين سوف يتم استثمار مليار دولار، عن طريق اتفاق خاص، في صناديق أسهم مجموعة كارليل لفترة لا تقل عن 12-15 سنة. في نهاية تلك الفترة سوف تحصل الكويت على العائد من هذه الاستثمارات، وكذلك كل ما يكون الكونسورتيوم قادرا على التفاوض بشأنه في دفع التعويضات من قبل العراق.

بالنسبة للاتحاد، هذه صفقة ممتازة بل هائلة: أعضاؤه سيحصلون على إدارة صفقة استثمارية مقدارها 2 مليار دولار من الكويت، ويجمعون رسوم إدارة سليمة، فضلا عن نسبة الفائدة. كما أنهم سوف يحصلون على "مقدّم أتعاب" و 5 في المئة من أية ديون يحصل عليها الكونسورتيوم، ونسبة يتم التفاوض عليها من قيمة أي أموال يتم إرجاعها للكويت تزيد على الكمية المتفق عليها مسبقا.

يشمل الائتلاف أعضاء آخرين من الذين يشاركون في هذه الأرباح والفوائد الهائلة:

Fidelity Investments

بي أن بي باريبا BNP Paribas، وهو بنك أوروبي متورط في فضيحة النفط مقابل الغذاء.

جافني، كلاين وشركاه، Gaffney, Cline & Associates وهي شركة متخصصة في الطاقة وخصخصة النفط والغاز؛

Nexgen Financial Solutions، وهي شركة الهندسة المالية المملوكة جزئيا لحكومة فرنسا؛

وشركة الأسواق الناشئة، Emerging Markets Partnership إحدى الشركات التي يرأسها نائب الرئيس السابق للبنك الدولي، معين قرشي (كان رئيسا مؤقتا لوزراء باكستان بعد استقالة نواز شريف عام 1993).

الـ 27 مليار التي تطلبها الكويت تساوي 1.5 مليار في السوق

__________________________________

بالإضافة إلى شلال المكاسب المالية غير المتوقعة، فإن الاقتراح يعطي هذه المجموعة من الشركات الخاصة قوة هائلة. فكل من يمسك ديون العراق ستكون لديه القدرة على التأثير على السياسة في العراق في لحظة من عدم اليقين السياسي المتطرف. ولكن بالنسبة لحكومة الكويت فإن الصفقة المقترحة محفوفة بالمخاطر. صحيح أن مصير التعويضات العراقية يبدو قاتما. لقد قدّر الكونسورتيوم أنه إذا حاول الكويت بيع تلك الديون في السوق، فإن الـ 27 مليار دولار ستساوي 1.5 مليار دولار فقط. لكن الاتحاد يطلب من الكويت المخاطرة بـ 3 مليار دولار من أموال التعويضات التي حصلت عليها فعليا سابقا على أمل أنه يمكن استخدامها لاستعادة الباقي من العراق. ومع ذلك، كما يشير جيروم ليفنسون "لا توجد هناك على الاطلاق اي ضمانات لتحقيق ذلك".

من الواضح أن الكونسورتيوم مستميت للغاية للتوصل الى اتفاق مع الكويت. الرئيس التنفيذي للاتحاد شاه أمين الشيخ قامت بخمس رحلات إلى الكويت في أربعة أشهر؛ أولبرايت التقت مع وزير الخارجية الكويتي حول الموضوع في 2 أبريل 2004؛ وقامت كارول براونر من مجموعة أولبرايت "شخصيا بتسليم نسخة من الاقتراح الى فندقه عندما كان في واشنطن". ولكن الكويت تبدو مترددة: فقد استغرقت أربعة أشهر للرد على الاقتراح، ومن ثم قالت فقط، في رسالة مؤرخة في 10 آب، أن الاقتراح "سيؤخذ بعين الاعتبار العميق وتجري حاليا دراسته من قبل السلطات المختصة". ووفقا لأحمد الفهد: "إن القضية الآن في يد وكيل وزارة الشؤون الخارجية" الذي كان موجودا للتعليق. لكن سالم عبدالله الجابر الصباح سفير دولة الكويت لدى الولايات المتحدة، قال "بقدر ما يتعلق الأمر بمعلوماتي، فإن حكومتي لا تدرس هذه المقترحات".

رابط رسالة السفير الكويتي (صفحة واحدة بي دي أف):

http://image.guardian.co.uk/sys-files/Guardian/documents/2004/10/13/doc2bis.pdf

يضرّون حتى بمصالح بلدهم أمريكا من أجل الدولارات

______________________________

حتى لو فشلت هذه الصفقة، فحقيقة أن انشغال مجموعة كارلايل ومجموعة أولبرايت في هذه المفاوضات قد سبّب الضرر لجهود تخفيف عبء الديون عن العراق، وأضر بكل من المصالح العراقية والامريكية. ويشير ليفنسون إلى أن إدارة بوش وضعت  التزامات تقضي بأن يتم إنفاق عائدات النفط العراقي على إعادة الإعمار. لكن الفشل في التعامل مع قضية التعويضات يعني أن "جزءا من هذه الموارد بدلا من ذلك يتم تحويلها إلى الكويت". من يدفع ثمن هذا؟ انه شعب العراق المظلوم الذي يواصل تقديم دفعات التعويضات، وهم دافعو الضرائب الأمريكيين، الذين طُلب منهم دفع فاتورة إعادة الإعمار، لأن المال في العراق يذهب لسداد الديون".

يقول ليفينسون هذا شيء خطير بالنظر للضالعين في هذا المخطط. "هنا لديك اثنين من وزراء الخارجية السابقين يستخدمون الاتصالات والمعلومات التي حصلوا عليها من عملهم السابق لتقويض السياسة الرسمية للحكومة الأمريكية". تعلق كاثلين كلارك على الاقتراح بانه "يعرّي الكيفية التي يستخدم بها الموظفون الحكوميون السابقون رفيعو المستوى صلاتهم لجني الفوائد المالية التي تبدو هائلة".

ويمكن بالتأكيد القول أن جيمس بيكر ومادلين أولبرايت لديهما المزيد من التأثير المباشر على قضية الديون ودفعات التعويضات العراقية أكثر من أي سياسي خارج العراق، مع استثناء الرئيسين الحادي والأربعين (بوش الأول) والثالث والأربعين (بوش الثاني) للولايات المتحدة.

جيمس بيكر هو الذي قدّم القروض الأمريكية لصدام حسين عام 1989 وأولبرايت هي التي فرضت الديون والتعويضات على العراق عام 1991

____________________________________________

كوزير للخارجية، لعب بيكر دورا كبيرا في تضخّم ديون العراق الخارجية في المقام الأول، فقد تدخل شخصيا في عام 1989 للحصول على قرض بقيمة 1 مليار دولار لصدام حسين من الولايات المتحدة في ائتمانات التصدير. كما انه كان من المخططين الرئيسيين لحرب الخليج الأولى، فضلا عن وقف إطلاق النار الذي فرض على صدام حسين دفع مثل هذه التعويضات الكاسحة. وقد كتب في مذكراته التي أصدرها عام 1995 بعنوان "سياسيّات الدبلوماسية The Politics of Diplomacy" ، أنه بعد أن رأى حرائق آبار النفط في الكويت أبرق إلى الرئيس جورج بوش الأول قائلا: "ان العراق يجب ان يدفع ثمن ذلك". الآن، ومن خلال الكونسورتيوم الجديد، وبجهود بيكر الماكرة سوف تستولي كارلايل على 1 مليار دولار من تلك التعويضات التي كان بيكر سبباً فيها.

ويثير دور مجموعة أولبرايت تساؤلات مماثلة. فكوزيرة للخارجية وسفيرة للولايات المتحدة الأمريكية لدى الأمم المتحدة، شاركت مادلين أولبرايت شخصيا في صياغة قرار الأمم المتحدة 986، الذي أنشأ برنامج النفط مقابل الغذاء، وقرّر تحويل 30 في المئة من إيرادات العراق من مبيعات النفط لتعويضات الحرب. "إنه يوم عظيم بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية لأننا كنا واضعي القرار رقم 986"، هكذا قالت أولبرايت في برنامج نيوز أور لمقدمه "جيم ليرر" يوم 20 مايو، 1996. الآن، كمواطنة عادية، مادلين أولبرايت هي عضو قيادي في الكونسورتيوم الذي تقوم فيه باستغلال علاقاتها في محاولة للاستفادة الكبيرة من التعويضات التي قامت هي بفرضها. كما فرضت أولبرايت أيضا حملة عقوبات الحصار الوحشية ضد العراق، والتي كان واحدا من نتائجها هو إضعاف الشركات والمعامل المملوكة للدولة في العراق. الآن، أولبرايت هي جزء من خطة لاستخدام التعويضات المتراكمة على العراق لشراء الشركات والمعامل نفسها التي ساعد برنامج العقوبات الذي فرضته على إضعافها.

ولكن منصب المبعوث بيكر هو الذي يثير الأسئلة الأكثر جدية بالنسبة الى البيت الأبيض، وخاصة لأن المبعوث الرئاسي الخاص هو ممثل الرئيس الشخصي، الذي يلتقي مع رؤساء الدول بدلا من الرئيس ويقدم التقارير مباشرة إلى الرئيس. فإذا كان المبعوث الرئاسي لديه تضارب في المصالح (له مصلحة في تخريب المهمة المكلف بإنجازها)، فإن ذلك سوف ينعكس بشكل مباشر على أعلى المستويات" كما يقول الخبير كلارك، "هناك بالتأكيد تضارب في المصالح. فبيكر يلعب مع طرفين هما حكومة الولايات المتحدة التي يعمل كمبعوث لها لإلغاء ديون العراق ومجموعة كارلايل التي تريد بقاء ديون العراق وهما يناقضان بعضهما البعض".

كمبعوث، وظيفة بيكر هو أن يبذل قصارى جهده لالغاء ديون العراق، وتخفيف العبء عن العراقيين وعن دافعي الضرائب في الولايات المتحدة. ولكن كرجل أعمال، فهو شريك في رأس المال في الشركة التي هي جزء من صفقة من شأنها أن تحقق نتيجة عكسية. إذا نجح بيكر المبعوث، فإن الشركاء التجاريين لبيكر سوف يفشلون، والعكس بالعكس.

هل أثرت هذه الصراعات على أداء بيكر كمبعوث؟ هل يستطيع العمل بأقصى ما يمكنه لإعفاء العراق من الديون؟ نحن نعلم أن تعويضات الحرب الرهيبة المفروضة على العراق للكويت قد خرجت إلى حد كبير من دائرة اهتمام الرأي العام- فإذا كان بيكر يقود إدارة بوش بعيدا عن مسألة إلغاء التعويضات، فلصالح من كان يعمل في ذلك الوقت؟ لصالح البيت الأبيض؟ أو لصالح مجموعة كارلايل؟ كما يقول الخبير كلارك الذي يقول أيضا إن مثل هذه الأسئلة هي على وجه التحديد التي دفعت إلى تشريع اللوائح القانونية حول تضارب المصالح. "لدينا سبب كبير للشك في أن بيكر سيقوم بكل ما يستطيع القيام به نيابة عن الولايات المتحدة لأن لديه مصلحة مالية هائلة في الجانب الآخر من الصفقة وهي مجموعة كارلايل".

بعد تعيين بيكر قلّ اهتمام دول العالم بحذف ديون العراق

_______________________________

هذه المسألة هي الأكثر إلحاحا لأن الملف الذي سلّمه الرئيس بوش لبيكر كان في حالة من الفوضى لمدة عشرة شهور، وهناك ميل للتسامح في الديون العراقية أقل بكثير مما كان عليه عندما وصل بيكر. عندما عيّن الرئيس بوش بيكر، أشاد "بتجربته الاقتصادية والسياسية والدبلوماسية الواسعة". في البداية، بدا بيكر وكأنه يحرز تقدما سريعا: فبعد اجتماعات على مستوى عال بدت فرنسا وروسيا وألمانيا منفتحة على إلغاء نسبة كبيرة من ديونها على العراق، كما بدت المملكة العربية السعودية والكويت مستعدة للمتابعة.

ولكن الآن، لم تتعثر المفاوضات فقط، بل يبدو أنها تسير إلى الوراء. الكويت، من جهتها تشدّدت في موقفها. "الديون تبقى ديوناً" هكذا قال وزير الخارجية محمد صباح السالم الصباح مؤخرا. وصعّدت مطالبها بتعويضات حرب الخليج، منضمة إلى المملكة العربية السعودية وإيران والأردن وسوريا في المطالبة بمبلغ إضافي مقداره 82 مليار مليار من العراق عن أضرار بيئية.

وما هو موقف الأوروبيين؟ في جلسة استماع للجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ يوم 15 سبتمبر، سأل السناتور جوزيف بايدن، رونالد شليشر، نائب مساعد وزير الخارجية لشؤون العراق، عن حالة المفاوضات الدولية حول ديون العراق.

الكونغرس: ولا دولة وافقت على حذف ديون العراق

____________________________

"هل هناك دولة واحدة في مجموعة الثمانية G8 قالت بشكل رسمي أو طلبت من برلمانها اعفاء العراق من ديونه؟" سأل بايدن. (وهذا الاستجواب الخبيث جزء من الحرب النفسية في عملية دفع ديون العراق للكويت. كل تصرف لسياسي أمريكي موزون بالدولار).

"ليس بعد. ولا دولة لحد الآن يا سيدي "، أجاب شليشر.

لم يفشل بيكر في تقديم أي التزامات مؤكدة بالإعفاء من الديون فقط؛ ولكن في الاجتماع السنوي لصندوق النقد الدولي يوم 2 أكتوبر، تبين أن فرنسا قد التفت حول خطة واشنطن وقامت بترتيب صفقة خاصة بها لتخفيف عبء ديونها عن العراق. فقد أعلن وزير المالية الفرنسي "نيكولا ساركوزي" انه اصطف مع روسيا وألمانيا وإيطاليا خلف خطة لإلغاء 50 في المائة فقط من ديون العراق وهو موقف بعيد عن إلغاء 90-95 في المئة من ديون العراق الذي كانت واشنطن تطالب به. ومع ذلك اختفى بيكر هنا ولم يُعثر على أثر له.

منذ عودة بيكر المبعوث الرئاسي من رحلته إلى الشرق الأوسط في يناير كانون الثاني؛ الرحلة التي خاض فيها اللعبة الخطيرة، أصدر مبعوث الرئيس اثنين فقط من التصريحات العلنية حول ديون العراق، ثم ظل صامتا صمتا مطبقا عن هذا الموضوع للستة أشهر الماضية على الرغم من تعهده علنا بحسم قضية ديون العراق قبل نهاية العام.

في حين أن هذا التعطيل هو من الأخبار السيئة بالنسبة للعراقيين ولدافعي الضرائب الأمريكيين، فإنه يمكن أن يكون الخبر السار لمجموعة كارلايل وأولبرايت. فأي حل سريع لأزمة ديون العراق يعمل ضد مصلحة بيكر وكارلايل المالية: وكلما طال أمد المفاوضات حول هذه الديون، كلما كان هناك المزيد من الوقت للاتحاد وكارلايل ليقنعوا الحكومة الكويتية المتردّدة بالتوقيع على الصفقة المطلوبة. ولكن إذا تم محو ديون العراق بنجاح، فأن هذا الاتفاق الشيطاني المقترح سيقلب الطاولة.

كان موقف بيكر المبعوث مفيدا بالتأكيد لزملائه في كارلايل. وما إذا كان بيكر يساعد في حل أزمة الديون العراقية فهو أمر مشكوك فيه إلى حدّ بعيد.

المقترح في ضوء الحرب النفسية

__________________

لقد خطّط بيكر وزملاؤه في مجموعتي كارلايل وأولبرايت لتحركهم وفق رؤية نفسية محكمة. فناهيك عن أن لغة الاقتراح ورسالة أولبرايت وأسلوب الرسالة وما جرى في اللقاءات يجمع بين جانبي الترغيب والترهيب للحكومة الكويتية، فإن توقيتات التحرك الزمنية تنطوي على دلالات بالغة. لقد أرسلت أولبرايت رسالتها في بداية شهر آب أوغست وهو الشهر الذي احتل فيه العراق الكويت منذرة المسؤولين الكويتيين بكارثة وشيكة سوف تصيب ديونهم وهم في وضع نفسي يستذكر مآسي الغزو وعواقب الاحتلال الوخيمة. كما قام بيكر بتوقيت زيارته في كانون الأول يناير، وقامت المجموعتان كارلايل وأوبرايت بتوقيت تسليم الاقتراح في نفس يوم زيارة بيكر لكي يجمعو جناحي الترغيب والترهيب أو العصا والجزرة كما يرد في علم السياسة. وكان بإمكان الرئيس بوش أن يختار مبعوثا آخر شريفا من بين الآلاف من المسؤولين الأمريكيين، ولكنه اختار جيمس بيكر لأنه وزير خارجية والده الرئيس بوش الأول الذي هدّد بإعادة العراق إلى العصور الوسطى في لقائه الشهير مع وزير خارجية العراق طارق عزيز. ووالد الرئيس بوش الثاني أي الرئيس بوش الأب هو أيضا عضو في مجموعة كارلايل وهذا ما يعرفه المسؤولون الكويتيون. فيكون حضور بيكر كمبعوث رئاسي ترهيبا وترغيبا في نفس الوقت. ولا يمكن أن نستبعد ولو للحظة واحدة الإتفاق غير المعلن بين الرئيس بوش الإبن وجيمس بيكر ومجموعتي كارلايل (ومن ورائها الرئيس جورج بوش الأب) وأولبرايت –وكلّهم مسؤولون عن جريمة تدمير العراق والحصار على شعبه ثم القضاء عليه نهائيا بالإحتلال- على هذه الخطة التي يدّعي الرئيس بوش الإبن بأنه لا يعلم بها. ويضحك على عقله من القراء من يعتقد أن رئيس الولايات المتحدة بوش الإبن لا يعلم أن جيمس بيكر عضو في مجموعة كارلايل مع والده. لقد اختاره بصورة متعمدة لتنفيذ خطة إبقاء ديون العراق ومص دماء شعبه لعقود . وهناك سؤال آخر بسيط: لماذا لم يقم الرئيس بوش الإبن بمحاسبة مبعوثه على فشله بل على الأقل على صمته وعدم تحركه بعد هذه المدة الطويلة لإنهاء أزمة ديون العراق مثلما وعد الرئيس؟   

وهناك – وحسب الصحفية نعومي كلاين - دليل بسيط على تآمر الرئيس بوش الإبن مع جيمس بيكر يكفي ذكره لإهارة كل مزاعمهم عن الحرص على حذف ديون العراق وهو أن الولايات المتحدة – وكما سنبيّن بعد قليل - ومنذ احتلالها للعراق تقوم بنفسها بجمع أموال التعويضات من العراقيين البائسين وتقدمها للكويت وباقي الدول والشركات الغنية في العالم – خصوصا الأمريكية – كتعويض عن خسائرها المزعومة في الحرب قسم منها لأشخاص يدّعون أنهم لم يحصل لديهم انتصاب جنسي بعد هجوم العراق على الكويت!! 

ملاحظة عن مصادر هذه الحلقات

___________________

مصادر هذه الحلقات عن مؤامرة جيمس بيكر سوف تُذكر في الحلقة الأخيرة

وسوم: العدد 699