مختارات حسام عبدالبصير من الصحافة المصرية
عارفين مين اللي خربها
معارك الجمعة الصحافية كانت ساخنة وتتجاوز العلامات الحمر وها هو حازم حسني في «البداية» يجيب من الآخر: «من الذي يعمل على إسقاط الدولة؟ إنه بالتأكيد من يفرط في الأرض ولا يحافظ عليها، ويفقر الشعب ولا يرعى مصالحه رعاية كاملة ولا حتى منقوصة بقدر، وهو من يحول الحكومة إلى مسخ يثير الرثاء، ويغتصب السيادة من الأمة ليتصرف في مؤسسة الدولة وكأنه سيدها ومالكها الذي له حق التصرف في كل مقدراتها غير آبه بدستور أو قانون إلا قانونه، على طريقة الملك الشمس – لويس الرابع عشر – الذي كان يعتقد أنه هو الدولة. يتساءل الكاتب: من هو الذي فرط في الأرض، وأفقر الشعب، ومسخ الحكومة، واغتصب السيادة؟ إنه باختصار من قال للشعب ألا يستمع لغيره، وألا يتحدث فيما يتخذه في غياب إرادة الأمة من قرارات، حتى إن ساءت بسبب هذه القرارات أحوال الأمة، وساءت معها أحوال المؤسسة التي تعبر عن إرادة هذه الأمة، فصارت مقومات الدولة كلها مرهونة للمجهول، وصارت مكونات الدولة في مهب الريح. هذا المسؤول ـ ولا أحد غيره ـ هو الذي يعمل على إسقاط الدولة، بكل مقوماتها وبكل مكوناتها؛ ومثل هذا المسؤول الذي يظن أن لن يحاسبه أحد ستحاسبه حتما نواميس الوجود الإنساني، بأن تسقطه من عليائه ليلحق بمن كانوا قبله، لكن سقوطه هذا لا يعني بالضرورة سقوط الدولة كما تشيع أذنابه الإعلامية، حتى إن عمل هو على أن يرتبط سقوطه الحتمي هذا بإسقاط الدولة، وبإسقاط جيشها معه، ليبتز الجميع بهذا الربط كي يعملوا على الإبقاء عليه. السقوط سيكون سقوطه وحده، وهو الذي رسم خرائطه ولم يرسمها له أحد، وحتى إذا كان ثمن السقوط فادحا، فإنه في كل الأحوال صار الشرط الضروري ـ وإن لم يكن كافيا ـ لإنقاذ الدولة من السقوط، ولإنقاذ الجيش من التفسخ والتصدع والانقسام-( يقصد السي سي بالطبع)
القاتل معروف
ما زالت قضية الباحث الإيطالي ريجيني تتفاعل، ومن بين الذين اهتموا بقضية مقتله أحمد جمال في «مصر العربية»: «لا نحتاج إثبات أن قوات الأمن هي القاتلة؛ فتسلسل الأحداث كفيل بإثبات هذا في 25 يناير/كانون الثاني 2016، عيد الفزع الأكبر لأجهزة الدولة، اختفى جوليو ريجيني عن الأنظار، بعد اختطافه من قبل خاطف مجهول «معروف»، ما دفع ذويه إلى إبلاغ الحكومة الإيطالية التي قامت بدورها بإبلاغ الحكومة المصرية، التي اصرت على أن تروي روايات مختلفة، وأن تنقل وسائل الإعلام كل الروايات، عدا الرواية المنتشرة التي تحكي أنه قتل بأياد أمنية. من ضمن الروايات حينها «تعرضه لحادث سير، وهي رواية تليق بنا أكثر لا بمواطن إيطالي ستنتفض دولته من أجله. كما ظهرت رواية أن «داعش» هو من خطفه وعذبه وقتله، حتى تحدث خلافات بين مصر وإيطاليا. كل هذه الروايات رفضتها السلطات الإيطالية وكذبتها؛ لتشابه إجراءات إخفائه قسريا وتعذيبه وإلقائه في الصحراء، لما يحدث مع المعارضين المصريين. ويلفت الكاتب الأنظار بتصريحات حاسمة لمسؤول بارز في الدولة: في 11 مارس/آذار لمح أحمد الزند وزير العدل حينها في حوار تلفزيوني إلى أن ريجيني مات جراء تعذيبه في الأمن الوطني. ومن ضمن ما قاله «إن الطب الشرعي المصري قدم تقريرا حقيقيا عن الإصابات الموجودة في جسد ريجيني؛ وأنه أنجز التقرير بكل صراحة وصرامة ووضوح؛ وأن الجريمة زي ما هو متداول ومعروف؛ ما فيش داعي نكرره، حتى لا يستفيد اللي بالي بالك منه». كما أكد أنهم في الوزارة مستعدون لتحمل الثمن السياسي عن هذا التقرير. وعندما سأله المذيع: «حتى لو له ثمن سياسي؟» أجاب أن شاء الله يكون له مش ثمن سياسي بس؛ لو أعلى من السياسي؛ ما فيش حاجة تبرر الكذب والخطيئة إطلاقا. بعدها تمت إقالة الزند من منصبه بدعوى الإساءة للنبي محمد «عليه الصلاة والسلام». وأكد على ذلك الدكتور مصطفى الفقي، أستاذ العلوم السياسية، في حوار تلفزيوني قال فيه أن سبب إقالة الزند يرجع لحديثه عن جوليو ريجيني، وليس لإساءته للرسول».
يا شماتة إسرائيل
ابوتريكة «أمير القلوب» تحول فجأة إلى إرهابي، الرجل الذي لم يغضب يوما لاعبا أو إداريا أو حكم مباراة، ولم يحصل على كارت أحمر ولم يتفوه يوما بكلمة نابية، كما يشهد له بذلك ناجح إبراهيم في «المصري اليوم»: «الرجل يعرفه الجميع كأيقونة للعب النظيف والإبداع الكروي، فضلا عن الخلق الكريم والحياء الفطري، هل يمكن أن يتحول فجأة إلى إرهابي، الرجل لم يحمل في يوم من الأيام بندقية أو رشاشا أو سكينا، ولم يتفوه بكلمة كراهية. أحب الناس جميعا وأحبوه، وكان رمزا من رموز المحبة والتواصل والتجميع. أبوتريكة الذي شارك 50 لاعبا دوليا في مباراة عالمية لصالح فقراء العالم، والذي اختارته الأمم المتحدة سفيرا من سفرائها لمحاربة الفقر، نجعله نحن إرهابيا! العالم كله انحنى لموهبة وأخلاق أبوتريكة ونحن نصفه بأحط الأوصاف وندمره تدميرا. لقد غاب الذكاء عن الدولة المصرية وهي تستعدي بمثل هذه الأمور أطيافا واسعة من المجتمع المصري، وتجعل مصداقيتها في الحكم على الناس على المحك، كيف سيكون شعور المستثمرين في العالم وهم يصدمون بمصادرة أموال مجموعات كبيرة من الناس، بعضهم معروف للجميع مثل أبوتريكة؟ وهل يدفعهم ذلك للقدوم أم الإحجام ؟ عصر التأميم أو المصادرة المباشرة وغير المباشرة، القضائية أو غير القضائية ولى بعد فشله في العالم. وصف أبوتريكة بالإرهابي لن يضره بقدر ما سيضر الدولة، يا شماتة إسرائيل في أبوتريكة، إنها لم تعده أبدا إرهابيا، كانت تصنفه على أنه متشدد تجاهها يوم تعاطف مع ضحايا غزة بفانلته الشهيرة التي أسعدت ملايين العرب والمسلمين، ولكننا ذبحناه وقدمناه لإسرائيل على طبق من ذهب. الحكومة المصرية تخسر كل يوم أرضا جديدة دون مبرر».
لغتنا الجميلة
نتحول للساخرين ومنهم محمد حلمي في «المصريون»: «انتفض عبدالمنصف المرزوقي الرئيس التونسي المنتخب عقب ثورة الياسمين، للدفاع عن لغة القرآن اللغة العربية، وهو الليبرالي العربي العتيد، لكنه من أشرف من أنجبت الأمة مقارنة بزبالة الليبراليين المصريين إلا أقل القليل. سخر المرزوقي من نائب تونسي ذكر مثلا عاميا تونسيا على أنه آية من القرآن الكريم.. المثل هو «كل شاة معلقة من كراعها». ثم شن هجوما شرسا على محاولات تدمير أعظم وأجمل لغات العالم لغة القرآن والرابط الوحيد بين الأمة العربية، وعرج المرزوقي على أستاذة جامعية تدعى سلوى الشرفي كتبت على صفحتها حكمة اليوم: (قال تعالى اسمعوا كلام الحاكم.. سورة النساء آية 59) وقالت إن ذلك ترجمة لمعنى من معاني القرآن باللهجة التونسية. المرزوقي وصف ما أقدمت عليه الوليَّة المهروشة بأنه مؤشر خطر.. منذ نحو عام مضى، غَطَّت صفحات التواصل الاجتماعي صورة للرئيس التونسي الباجي السبسي (بالباء يا أخوانَّا الله يكرمكم!) وهو يصلي وقد ضم يده اليسرى فوق اليمنى ــ تقريبا من باب التجديد ــ وعلى عينيه نظارة شمسية ــ أظن أيضا من باب التطوير ــ تسألني لماذا وضع النظارة الشمسية على عينيه داخل المسجد، رغم عدم وجود إضاءة شديدة؟ أقول لك لا تظلمه.. ربما أخبره رجال المخابرات أن الإمام ينوي بعد الفاتحة قراءة سورة الشمس.. فوضع النظارة على مذهب أبو قليطة التونسي».
وسوم: العدد 705