حقائقُ صادمةٌ عن اللاجئين السوريين في روسيا

في تحقيق لها عن اللاجئين السوريين في روسيا في أواخر نيسان: 2017، تقول الأسبوعية الروسية "فلاست": إنّ العدد الرسمي الحالي للمواطنين السوريين في روسيا يبلغ 12 ألف شخصًا فقط، أي أقل من 0,1% من المواطنين الأجانب في روسيا.

و يضم هذا العدد موظفي السفارة السورية، و أفراد أسرهم، و الطلاب و سواهم من بنية النظام الذين غادروا سورية طوع قرارهم، ممن لا يطلق عليه صفة " المهجَّر "، إذ إنّ كثيرًا من هؤلاء قد أصبح بعد اندلاع الحرب السورية إلى "مهجر في مكانه"، بعد أن انتهت صلاحية وثائق إقامتهم في روسيا، و عند محاولتهم تجديدها من غير مغادرة الأراضي الروسية، تبين أن الأمر مستحيل، كما هو شبه مستحيل أيضًا الحصول على صفة شرعية أخرى للبقاء في روسيا.

و تقول الأسبوعية: إنّ عدد السوريين، الذين تمكنوا من الحصول على صفة " مُهجَّر " إبان فترة الحرب السورية، هو ( اثنان فقط ) من بين المئات ممّن تقدموا بطلبات الحصول على هذه الصفة.

و تعلل السلطات الروسية رفضها منح المتقدمين صفة " مُهجَّر "، بانتفاء خطر الملاحقة بسبب الانتماء العرقي، أو الديني، أو القومي، أو الانتساب إلى فئة اجتماعية، أو سياسية معينة.

و في تقرير لها بعنوان " المهجرون السوريون في سورية "، نشرته في آخر العام 2016، تقول جمعية "المساندة المدنية " الروسية غير الرسمية، التي تهتم بالدفاع عن قضايا المهجرين في روسيا: إنّ إدارات الهجرة في وزارة الداخلية الروسية ترفض دائمًا، في الفترة الأخيرة منح السوريين حق اللجوء، و تطلب منهم العودة إلى بلادهم.

 و تضيف: إنّ الموظفين يبررون قراراتهم بالقول " إنه لم يعد في سورية من خطر يعتد به"، مستندين في ذلك إلى ما تقوله كل من وزارة الخارجية و وزارة الدفاع الروسيتين.

و تشير الجمعية إلى حالات تم فيها إبعاد السوريين إلى تركيا، فضلاً على إجبارهم على العودة إلى دمشق.

و تتحدث الجمعية في تقريرها عن الصعوبات، التي يواجهها طالب اللجوء في الوصول إلى الدوائر المختصة، و تحديد موعد للمقابلة الشخصية الإلزامية قبل البت في طلبه.

فقد يتطلب تحديد الموعد بضعة أشهر، يكون وضع السوري خلالها غير شرعي، مما يعرضه لكي يكون ضحية أي شرطي قد يوقفه و يحيله للمحاكمة، أو "ينظف ما في جيوبه ومحفظته "، بحجة أنه يبحث عن " أدوات خطرة " قد تكون بحوزته.

و يذكر التقرير أن طالب اللجوء، الذي يحال إلى المحاكمة لغياب الوثائق الضرورية لديه، قد يتم توقيفه لمدة تصل إلى عامين في معتقل خاص بالأجانب، و يصطدم حينها بمشكلة إيجاد محام و مترجم، و غالبًا ما يلعب هذا الأخير دورًا سلبيا، و خلال تقديم نصائح ليست لصالح طالب اللجوء، بما فيها نصحه برشوة المسؤولين.

و حتى اللجوء الذي تمنحه السلطات الروسية لطالبه، على قِلَّته هو لجوء مؤقت لمدة سنة، يكون عادة من المستحيل تمديده.

و تجدر الإشارة، إلى أن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، كانت قد أصدرت في آذار الماضي حكمًا ألزمت بموجبه روسيا بدفع ( 95 ألف يورو ) لأربعة مهاجرين من سورية و العراق و فلسطين و الصومال، أمضوا في قاعة الترانزيت في مطار موسكو مدة تتراوح بين خمسة أشهر و سنتين، بانتظار حصولهم على " لجوء مؤقت " في روسيا.

 و تقول جمعية " المساندة المدنية  " في هذا الصدد: إن روسيا هي سيدة الأرقام القياسية في الأحكام، التي تصدرها المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، و من بينها أن روسيا قد استقبلت في العام 2016 بصفة " مُهجّر " ( 39 ) شخصًا فقط، في ظل هذا السيل الدافق من النزوح في العالم هربًا من الحروب و الجوع و القهر.

لقد تركت حرب فيتنام الأميركية وحرب الجزائر الفرنسية أثرًا عميقًا لا يمحى في المجتمع الأميركي و الفرنسي، و أدتا إلى انقسام عمودي عميق في هذه المجتمعات، تمحور حول حق الإنسان في الحرية و الأمن و الكرامة؛ لكن الحرب السورية، و من قبلها الحرب الأفغانية، لم تمنح روسيا شرف مثل هذا الانقسام، فبقيت روسيا موحدة في حربها على حرية الإنسان و حقوقه.

وسوم: العدد 736