على هامش معركة " يا عباد الله اثبتوا "

يذهبُ فريقٌ من المراقبين في معرض حديثهم عن هذه المعركة، التي شهدها ريف حماة الشمالي في: 19/ 9، لتمتدّ لاحقًا إلى عموم إدلب، و أرياف حلب الجنوبية و الغربية، التي نهضت بها هيئة تحرير الشام، إلى جانب بعض الفصائل التي لا تملك من قرارها الشيء الكثير، بعد سيطرتها على المفاصل الرئيسة في محافظة إدلب.

يذهب هؤلاء في حديثهم إلى تقديم جملة من الأمور، منها:

ـ لقد بان التباين في المواقف في أستانا " 6 " بين النظام و الإيرانيين من جهة، و الروس و الأتراك من جهة أخرى، ولاسيّما فيما يتعلّق بدخول القوات التركية إلى إدلب، كطرف ضامن.

ـ غلبَ على ظن هيئة تحرير الشام أنّها هي المعنية، في مقررات أستانا " 6 "؛ بحكم أنّها الممسكة بمقاليد الأمور فيها، بعد تغلّبها على حركة أحرار الشام، و قبول بقية الفصائل بالأمر الواقع؛ الأمر الذي جعلها ترفض الموت انتظارًا لما هو مُدبّرٌ لها، ولاسيّما قادتها المهاجرون، المطلوبون لمعظم دول العالم.

ـ فبادر عددٌ من قادتها العسكريين ، بحكم تلاقي المصالح، إلى التواصل مع النظام و الإيرانيين، و هو الأمر الذي لا يمانع به قائدها العسكري " أبو محمد الجولاني "، بحسب ما نشره " حسام الأطرش " عضو مجلس شورى الهيئة، في تغريدات له بعد انشقاقه عنها، و كان اللقاء في قرية " أبو دالي " في ريف حماة الشمالي الشرقي، الخاضعة لسيطرة عشائر موالية للنظام برئاسة الشيخ أحمد درويش، عضو مجلس الشعب، ليكون الاتفاق بينهما على إفشال المسعى التركي لدخول إدلب، من خلال فتح معركة في شمال حماة، على أن يتمّ إخلاء مجموعة القرى الموالية " القاهرة، الشعثة، عطشان، معان "، قبل أسبوع من بدء المعركة، فتدخلها الهيئة خلال ساعات، في عملية مباغتة للنظام و الإيرانيين.

ـ يجدُ النظام و الروس الفرصة سانحةً أمامهما، للقيام بضربات عسكرية شبه انتقائية للبنى التحتية بداية، ثم لتطال الحواضن الشعبية للفصائل المناهضة لوجود الهيئة ـ هذا من جهة النظام ـ، و لمقرات الفصائل الموالية لتركيا " كالفيلق، و الأحرار، و صقور الجبل " ـ هذا من جهة النظام ـ، و في ذلك توجيه رسائل مهمة إلى تركيا، إنْ من جهة النظام، الذي يودّ أن تكون إدلب في قبضة القاعدة، حتى يروّج لمقولاته في محاربة الإرهاب هناك، و إنْ من جهة الروس، الذين لم يسرّهم الالتفاتة التركية نحو أمريكا، بعد أستانة " 6، التي وصلت إلى حدّ الإطناب في مدح أردوغان من ترامب، و أنّ العلاقة مع تركيا هي في أفضل مراحلها.

ـ بعد عشر أيام من القصف على شتى مناطق إدلب، منذ: 19/ 0/9 نفذ الطيران الحربي و المروحي الروسي، و النظامي " 792 " غارة فضلاً على أكثر من "50 " صاروخ أرض أرض متوسط المدى، استهدفت كلّها المناطق المحررة بالشمال السوري، و كان نصيب جبهة النصرة منها " 84 " غارة، يعني أقل من 10% من إجماليها، و نصيب كل من أحرار الشام و صقور الشام و الجيش الحر " 176 " غارة، يعني حوالي 22 %، و أما " 70 %  " الباقية فكانت من نصيب المدنيين الابرياء.

هذا إلى جانب استهداف المرافق الخدمية من مشافي و مدارس و أفران و مراكز الدفاع المدني، ولم تسلم من ذلك حتى الأسواق الشعبية، و لا محطات توليد الكهرباء، و الماء و لا أجساد الأطفال الرقيقة ومشافي التوليد.

ـ لقد طال هذا القصف عددًا من قيادات تلك الفصائل المناهضة للهيئة، حيث نجا صباح الأربعاء: 20/ 9، كل من القائد العام لألوية وكتائب صقور الشّام " أبو عيسى الشيخ "،  قائد قطّاع الجبل " أبو اصطيف سرحان "، و ذلك في أثناء جولة لهما على ثلاثة مقرّات تابعة لصقور الشّام في جبل الزاوية، استهدفها الروس بالقنابل الفراغيّة والعنقوديّة.

و كذلك نجا بأعجوبة القيادي في أحرار الشام " حسام السّلامة " هو عائلته، بعد استهداف منزله منتصف ليلة الثلاثاء: 19/ 9، بغارة جوية روسية تسببت بدمار كبير فيه.

و نجا بأعجوبة قائد نور الدين الزنكي، حيث تمّ استهدافه مع عائلته يوم الأربعاء: 27/ 9، في ريف حلب الغربي.

 ـ هذا في الوقت الذي تنفي فيه الهيئة مقتل قياديين لها، على يد القوات الروسية في ريف إدلب الجنوبي، و ذلك في معرض ردها على إعلان وسائل إعلامٍ روسيةٍ عن مقتل خمسة قياديين في صفوفها، ذكرت أسماءهم.

حيث نقل عن " عماد الدين مجاهد " مدير العلاقات العامة فيها، يوم الأربعاء: 27/ 9: بأنّ الحديث الروسي عن مقتل 37 مقاتلًا من هيئة تحرير الشام، بينهم خمسة قادة ميدانيين في ريف مدينة إدلب الجنوبي غير صحيح، فلا يوجد أعضاء في الجماعة يحملون هذه الأسماء التي نشرها الإعلام الروسي.

ـ إنّ كلّ ذلك ما كان ليحصل لو أنّ الفصائل الممسكة بزمام الأمور في إدلب رضيت أن تدخل قوات الفصل التركية إلى المحافظة بموجب أستانا " 6 "، كطرف ضامن لوقف إطلاق النار، إذ من غير المعقول أن تقدم روسيا أو النظام على هذا القصف الممنهج في ظلّ وجودها.

ـ لذلك فإنّ علامات استفاهم كبيرة توضع حول نوايا الأطراف التي حالت دون ذلك، و عن مدى انخراطها بوعي، أو غير وعي في الفخ الذي نُصب لـ " إدلب ".