مخاضُ فجر

حلـَّق الجمْعُ الغفيرْ

حول زائرنا القمَـرْ

لم  يفارقنا  النسيمْ

لم يقاطعنا سوى همس ِ المطرْ

إنَّ عزفَ الحُبِّ في الأسماع ترنيمُ  السَّحَـرْ

في ليلةٍ  قمريةٍ  تغري الأحبة َ بالسهرْ

طابَ السَّمَرْ

والطير يرقص حولنا

والليلُ والفجر الوليدْ

ويشدنا وجهُ القمرْ

هو ذلك الشيخُ الجريءْ

بوقارهِ البادي الوضيء

بشموخهِ

برسوخهِ

وكأنه مثلُ الجبلْ

كلماته  فيها الأملْ

هو لم يكن متكلفا

في لهجةٍ عمريةٍ

فيها إلى التاريخ إبحارُ السنينْ

وبرحمةٍ  فياضةٍ

في بوحهِ حزمٌ و لينْ

كرِّرْ  حديثكَ سيِّدي

طابتْ مجالسكَ الحِسانْ

يهفو إليها الحرُّ في الوطن المُهانْ

تاقَ الزمانْ

فاسكبْ حديثكَ سيِّدي

عَطـِّرْ سنا الإيمان ِ مِن ذِكرَى "عُمَرْ"

وامحُ الخطرْ

فالخوفُ ينهرُهُ الأمانْ

والسيرُ تحدوهُ المُنى

يا سيِّدي

ولأنتَ عنوانُ السَّنا

والفجرُ يُشرقُ حولَنا

فاسكبْ على النفس الرجاءْ

إني أرى في صوتكَ الهادي بشاراتِ السماءْ

فارفعْ  ندائكَ ردَّدَ الليلُ  النداءْ

وكأنَّ ما قد فاتَ مِن مَجْدٍ الجدودْ

نادى فأشرقَ نورُهُ بين الوجودْ

قم  يا ولدْ

أتظلُّ  ميْـتا ً للأبدْ

قم  وانتفضْ

وامحُ الأسى

واطردْ هوانَكَ والضجرْ

واستقبل النورَ المبينْ

طاردْ هنالك ما تبقّى في فؤادكَ مِن أنينْ

فالفجرُ وضّاحُ الجبينْ

ومخاضُهُ أمَلٌ يجدِّدُ بين جنبيكَ الحنينْ

يوماً ترى سِحْرَ ابتهاجكَ يقطعُ الحُزنَ الدفينْ

ستودِّعُ الليلَ الحزينْ

والشكُّ بعد اليومِ يمحوهُ اليقينْ

إياكَ أن تبقى هنالك في الوَهَنْ

هيَّا انتفضْ

فالجمعُ هرولَ  للضياءْ

والنصرُ أومضَ بَرقُــهُ

والحُـرُّ يلهـجُ شوقـُـهُ

ليعيدَ للحقَّ الفداءْ

تمضي الهزائمُ خلفنا

نطوي الأسى

وشقاءَ عالمِنا الكئيبْ

قم يا ولدْ

اقرأ ْ كتابَ اللهِ في الكون الرحيبْ

يُطوَى  بكَ العهْـدُ  المُريبْ

لملمْ جراحاتِ السنينْ

ومخاضُ فجركً لن يدوم له بقاءْ

وانهضْ

فإنَّـكَ  لن ترى غير  الضياءْ

و دَع ِ الكرى

عند الصباح سيحْمَدُ القومُ السُّرَى

وتعانقُ الأرضُ السماءْ

وسوم: العدد 767