نداء القدر

علي صدر الدين البيانوني

متى شاء ربي وجاء القدر

فقد آن للقيد أن ينكسر

ولابد للشعب أن يستفيق

ولابد للبغي أن يزدجر

أخي هل تُراك مللت السجون

وأخلدت للأرض بين الحفر

وهل أتعبَتْك قيود الحديد

وأدمت قفاك ذيول البقر

أخي إنني ما مللت السجون

ولا أنا أخلدت للمنحدر

ومهما علينا بغى الظالمون

سأمضي وحسبي إله البشر

سنمضي على الرغم منهم أخي

سنصبر حتى يلين الحجر

فقرآننا قد أهاب بنا

أن امضوا ولا تهنوا، لا خوَر

ودعوتنا يا أخي شعلة

تنير طريق الهدى للبشر

وما نحن إلا طلائع زحف

سيجتاح كل الدمى والصور

فمنا الذي قد قضى نحبه

ومنا الذي لم يزل ينتظر

وشعبيَ فيه جذور الحياة

ستنبت مهما يطول الكدر

ستنبت بالرغم من بغيهم

وبالرغم من كيدهم للبشر

فما زال في الشعب دين الإله

ينير طريق الغد المنتظر

وما زال في الشعب جيل أبى

على نفسه أن يذوق الخور

دعاة إلى الله لم يلههم

عن الذكر بيع ولا متّجر

دعَوا ربهم فاستجاب لهم

وطابت لهم صلوات السحر

ولم يُثنهم لوم من لامهم

ولا أرهبتهم ذئاب البشر

مضَوا حيثما أمروا في الجهاد

وساروا على هدي خير البشر

إلى الله يدعون في حكمة

وموعظة حسنها قد بهر

فشرع الإله هو المرتجى

ومنهجه، أين منه البشر؟

وكادت لهم طغمة الظالمين

تذيقهم البأس والمنكدر

يريدون إطفاء نور الإله

بأفواههم وسيأبى القدر

فرب العباد الذي قد أراد

لهذي الشريعة أن تنتصر

سينجز وعده للمؤمنين

ووعد الإله قضا وقدر

فنصر من الله فتح قريب

كذلك نجزي لمن قد شكر

وتمكينه لهمُ في البلاد

لتنفيذهم ما به قد أمر

وجنات عدن أعدت لهم

فطوبى لهم ذلك المستقر

أخي لن تطول حياة السجون

فلا تتطلع إلى المنحدر

سنخرج يوماً فصبر جميل

ولم يأنِ بعدُ نداء القدر

وما دمتَ تبغي رضاء الإله

وتسعى إلى خير كل البشر

فأنت مع الله في صفقة

ستربح، أبشر بنيل الظفر

ستربح دنيا وأخرى معاً

فقطف الثمار لمن قد صبر

وويل لكم أيها الظالمون

وتعساً لكم إذ يزيغ البصر

وخزي لكم إن مرجعكم

إلى الله من بعد، أين المفر؟

هناك العذاب الأليم الشديد

فويل لكم من عذاب سقر

يوم الأربعاء 12 رمضان 1395    الموافق : 17 أيلول 1975

إخوة السجن

أيا إخوة في السجن أنتم أحبتي

وفي الله حبي، أنتم اليوم أسرتي

أحيبابَ قلبي كيف أنسى جواركم

بسجن غدا من قربكم خيرَ خلوة

وأيامَ أنسٍ قد قضيتُ بقربكم

وساعاتِ صفوٍ كم توالت فأغنتِ

إذا كنت أنسى لست أنسى أحبة

قضينا معاً في السجن أيام غربةِ

فوارس في الإصباح رهبان في الدجى

قد اختارهم ربي لأشرف رتبةِ

وفي الله حب دام بين قلوبنا

تعهده بالحفظ رب البريةِ

ومن عجب أني أحنّ إليكمُ

وما زلت فيكم، آه من بعد شقتي

ويا إخوتي إني على العهد دائماً

سأبقى وفياً، لن أبارحَ دعوتي

أيا رب إنا قد دعوناك فاستجب

دعانا وأكرمنا بعفو وتوبة

وليس لنا إلاّك يا رب غاية

ورضوان رب العرش أعظم منة

ويا رب أدركنا بلطفك إننا

إليك لجأنا نستغيث برحمة

إلهي توجهنا بجاه محمد

لعلياك في تفريج كرب وغمة

وحاشاك ربي أن تخيّبَ جمعنا

ونحن توجهنا بخير البرية

وجودك مشهود وفضلك سابق

وأنت الذي عودتنا كل نعمة

فأتمم إلهي فضل جودك إننا

عليك توكلنا لتفريج كربة

يوم السبت 15 رمضان 1395          الموافق : 20 أيلول 1975

وسوم: العدد 768