ماذا أعدد من صنوف عذابي= ومصاب كل المسلمين مصابي ؟!
ولمن سأشكو ما أعاني من أسىً= وأساي ممن يفرحون لما بي ؟!
وبأي سطر سوف أبدأ قصة= هيهات أنهيها بألف كتاب ؟!
عظم المصاب ، وعز من يرجى له= والقوم منشغلون بالألقاب
هم ألف شتّى .. ألف ألف قطيعة= وعدوهم متربص بالباب
لم يصنعوا سيفاً ، ولا احتطبوا عصاً= وبغوا على السياف ، والحطاب
كلفوا بحب الترهات عن العدا= وعدوهم كلف بشرع الغاب
عجباً أهذي أمتي ؟! هل هذه !!= ويموت في حلقي حنين عتابي
وتموج أشهى الذكريات بخاطري= فأكب منكفئاً على أوصابي
وأكاد أقضي من أساي ولهفتي= لولا الرجاء برحمة الوهاب
الناس كل الناس -- إلا أمتي --= أخذوا بما للعلم من أسباب
شهد الزمان ونحن نجهل أننا= أصلٌ لما في الأرض من آداب
كنا بفضل الله أفضل أمة= قد أخرجت للناس في الأحقاب
عزت فعزّ العالمون لعزها= لا فرق بين الأهل والأغراب
تحمي الحقيقة في الزمان سيوفها= وتفيض رحمتها بغير حساب
واليوم !! ما لليوم والهفي لما= أخفي وأعلن من أسىً غلابِ !!
ما مثل ذلة أمتي من ذلة= مهما نطنطن دونها ونحابي
* * *=* * *
ماذا أعدد من صنوف عذابي=ولمن سأشكو في الزمان مصابي !!
ضاعت خلافاتنا وماذا بعدها=غير الفناء يدب في الأعصاب !!
كانت لنا رأس الأمور ولم تعد= تلقى بغيبتها سوى الأذناب
مئة من الدولات دالت أمة= جبيت لها خيرات كل سحاب
مئة من الدولات كل دويلة= قد مزقتها كثرة الأحزاب
والناكبون عن الهدى ممن علوا= هم شر ما في الناس من أوشاب
ضلوا فضلّ الناس في تقليدهم= وبهم يسوق الله شر عقاب
إن الضلال هو البلاء وشره= ليزيد إذ يأتي من الأقطاب
ماذا أقول بمن أضل ، ومن غوى= ماذا أقول بعاجز متصاب ؟!
سلس القياد لكل باغ معتد= شرس على الأهلين والأصحاب
يرجو من الأعداء عزة نفسه= ويذل كبر الأهل بالأغراب
شغلتهم اللذات عن حق الحمى= فحياتهم للهو ، والتطرب
ما لذ فهو لهم حلال طيب= وشعوبهم تجتر طعم الصابِ
إن جدّ أمر يكتفون بقشره= ما فكروا يوماً بنيل لباب
يتشاغلون عن العدو بشعبهم= فإذا همو كأرانب وذئاب
قد أقسموا ألا توحد بينهم= إلا فنون تناحر وسباب
الحق ضيع ، والحقيقة عطلت= والقوم بين منافق ومراب
الجاهلية ألف جاهلة غدت= وأعيد عهد عبادة الأنصاب
ولو أن بعض الهدر أعددنا به= جيشاً لكان النصر خلف الباب
والبأس فيما بيننا لو بعضه= صوب العدو ، لكان في الأسلاب
ولو أن شكوى النفس من آلامها= لصمتُّ ، لكن أمة لتباب
ماذا أعدد ؟! لن أعددَ حسبنا= إن الجذور غدت بغير تراب
وإذا الجذور غدت بغير تراب= هانت هناك مهمة الحطاب
* * *=* * *
ماذا أعدد من صنوف عذابي= وعلى مآسي القوم ضاع شبابي !!
من ذا لحال المسلمين وقد غدوا= مزِقاً على الأظفار والأنياب !!
والعالمون غدوا أشد جهالة= لما أذلوا علمهم بالباب
خلطوا بدين الله دنياهم فهم= لهوانهم حجر على الأعتاب
ولو أنهم زانوه في أفعالهم= يوماً لعدنا سادة الأحقاب
وأشد من كيد العدو عداوة= إعلاء شأن العالم المتغابي
وأشد منه على الشعوب خطورة= إخفاء أمر الحاكم الكذاب
ولنحن بينهما معاً صرنا دمىً= فأعجب لشعب صار كالألعاب
يُغدى بنا ، ويراح لا تدري متى= يُغدى ، ونجهل آن كل إياب
لكننا ـ والقهر خبز حياتنا ـ= حمل تململ في يدي قصاب
يا رب هذي حالة صرنا لها= وتظل فوق النعت والإعراب
لكن رحمتك المؤمل غيثها= شمسٌ ستخرق قلب كل ضباب
فالغيم مهما اشتد يرجى نفعه= فسواده البشرى لكل يباب
كم بعد طول العري تورق غابة= ولكم يفيض القفر بالإخصاب !
* * *=* * *
ماذا أعدد من صنوف عذابي= وأنا الشغوف بموجبات عذابي !!
صغرت لديّ الأمنيات تساق لي= وجعلت عزّ المسلمين طلابي
من ذا أرجيه ؟! وماذا من يد= شلت ... ومن ثغرٍ بغير رضاب !
لم تبق إلا حشرجات منازع= يرجو ... وما يرجوه محض سراب
وأكاد أجزم أن ما أرجو لهم=كرجوع ذي هرم لعهد شباب
سأظل رغم القهر أهتف أمتي= ولي الرجاء برحمة التواب
فالله رحمته تظل قريبة= من محسن ، أو ضارع أوّاب
* * *=* * *
ماذا أعدد من صنوف عذابي= ومصاب أقصى المسلمين مصابي ؟!
روحي بروح المؤمنين توحدت= في الدهر رغم تباعد الأصلاب
هم نسبتي ، وهم انتسابي وانتهت= إلا إليهم قصة الأنساب !!
أوليس رب العرش وحدَّ أمتي=لما حباها منه خير كتاب !!
واختار منها للزمان محمداً= ليكون منه فصل كل خطاب
ويكون هادي العالمين على المدى= وإليه يرجع أصل كل صواب
فعلام لا أغلي وأكرم أمتي= ويكون عمري دونها وشبابي ؟!
أوليس حسبي أن منها المصطفى=وصديقه ، وعدالة الخطّاب ؟!
وبأن عين الدهر يوماً لم تجد= فضلاً يوازي فضل أي صحابي ؟!
حفظوا لنا القرآن حفظاً حيّروا= فيه أولي الأفهام والألباب
عاشوا به وله أساتذة الورى= فهمو بلا ندّ ، وإضراب
والتابعون ، ومن رأى كثباتهم= في الحق رغم الضرّ والإرهاب !
هم تابعوا سير النبي ، وصحبه= واستقبلوا الأهوال بالترحاب
ما صدهم أن الحراب بجسمهم= والجسم أمسى طعمة الأوصاب
باعوا إلى الله النفوس رخيصة= فهمو هم الأعلون في الأحقاب
نفس تسيل ، وإصبع كتبت بما= قد سال من دمها أعز جواب :
إن الشهادة في سبيل عقيدتي= هي عزتي ، وأحب كل رغباتي
ثبتوا فصفوا بالثبات علومهم= فإذا علومهمو كألف شهاب
وجهاد كل مجدد ... حتى غدا= سلطان دين الله جد مهاب
كانوا وما زالوا شموس هداية= يبقى سناها الدهر دون غياب
وبهم أقام الله شرع نبيه=وجلاه من كدر ، ومن أوشاب
خير العقائد في الزمان يصونها= للناس خير القادة الأنجاب
فإذا بتوحيد المهيمن راية= تعلو بكف الفاتح الغلاب
وإذا هتاف الله أكبر في المدى= قلب الهضاب يزفه لهضابِ
وعلى امتداد الأرض تمضي جندها= كعباب بحر يقتفي بعباب
وقلوب أهل الأرض تشرق بالهدى= ويفيض نور الحق في الأقطاب
تلك المواقف من رجالات الهدى= كنز اعتزاز الأهل والأغراب
هي في الزمان وللزمان فريدة=تبقى ... وكل فريدة لذهاب
ماذا أعدد من صنوف عذابي= وبحب قومي قد عشقت عذابي
وعلى أماني المؤمنين وأمنهم=أنفقت عمري واحتسبت شبابي
ما ناب خطب مؤمناً إلا ولي= منه سهادٌ ممسك أهدابي
فهموم كل المؤمنين على المدى= همّي ، وعزّ المسلمين رغابي
* * *=* * *
يا رب هذي أنةٌ أرسلتها= فعسى يفيد توجعي ، وعتابي
وعسى تؤوب إلى الهداية أمتي= ويكون للأواب خير متاب
فبنور وجهك يا إلهي ردنا= لهداك واجنبنا أذى (الأرباب)
أنت الرجاء ، وما سواك لما بنا= ولأنت وحدك مالك الأسباب
* * *=* * *
يا رب وحدنا على نهج الهدى= وأظلنا بظلال خير كتاب
يا رب واقبضني إليك مطهراً= من كل ذنبٍ لعذابي
واسكب صلاتك والسلام على النبـ= ـي محمدٍ ، والآل ، والأصحاب