لازلتُ أعشقُ فيكِ الصمتَ و الأدبا = ما دمتِ لي أملاً بالحبِّ مُختَضِبا
أنتِ الأنوثةُ في أحلى مفاتِنِها = شمسًا تُضيءُ و لم أعهدْ لها نَصَبا
أنتِ الرجولةُ في أبهى مكارمِها = ليتَ الرجولةُ كانت منكِ مُكتسبا
كما تشائينَ شاء اللهُ مِن أزلٍ = بأنَّ حُبّكِ في أرواحِنا سُكبا
شابَ الزمانُ و ما جفّتْ مدامعُنا = نروي الفراقَ بشِعرٍ ظلَّ مُغتَصَبا
كلامُنا كعليلِ الصّمتِ تُخرسُهُ = دَفقُ النوائبِ كالطوفانِ ما نضَبا
تُخفينَ وجدَكِ عنّا إنْ نظرتِ لنا = ونحنُ نوهِمُ في أشواقِنا الكَذِبا
سيوفُنا من زمانِ الموتِ مُغمدةٌ = نستلُّها كي نُميتَ الأهلَ و النسبا
تغفو عزائمُنا في جفنِ غانيةٍ = بالمالِ نعبُدُ في أهواءِنا العجبا
ما أنطقَ الصخرَ إلاّ قهرُ هاجرةٍ = والقلبُ تُسكتُهُ الأوجاعُ ما انتحبا
ويولدُ الماءُ في بيداءَ مُجدبةٍ = ويُعطشُ الأرضَ مَن عاثوا بها حقبا
تحيا النفوسُ بحبِّ اللهِ ما شكَرَتْ= و في شقاءٍ تعيشِ العمرَ إن غَضِبا
هذا زمانٌ بذلِّ العيشِ نسكنُهُ = الحرُّ يشربُ فيهِ الجمرَ و التعَبا
تاريخُ مجدُكِ لاهوتٌ و أدعيةٌ = نقتاتُ منهُ مع التشريدِ مُغتربا
تلهو بنا في مهبِّ الريحِ شرذمةٌ = جاؤوا على كفِّ مَن كانوا لنا ذَنَبا
و أوردوا العارَ عارَ الذلِّ و اقتتلوا = على الموائدِ دودًا يأكلُ العطبا
يا أنتِ يا جرحَنا الموجوع في فمِنا = كم عاشروكِ؟ ببُخسٍ و اعتلوا سببا
شروا ضمائرَهُم واستسلموا زُمرا = مدّوا يدَ الذلِّ للعدوانِ و الهربا
وبايعوهُ على أنظارِنا سفهًا = يا أرضُ ما لكِ ؟كم أعييتِهم حقَبا
إنّا تصارعُنا الأهواءُ في دمِنا = بطولةً ندّعي إذ نكتبُ الخُطَبا
و أنَّنا غربةٌ مدّتْ ضفائرَها = مع الرياحِ ويُغري موتُنا العربا
قولي لهم أنّ مَن خانوا عروبتهم =عروشُهم ستلاقي الموتَ و السَلَبا
مهما الطغاةُ تمادوا في غوايتِهم = تبقى السماءُ لِمَن يُؤمِنْ بها حسبا
يا أمّةً أسرفتْ في الغيِّ إذ سكتتْ = عن جورِهم فتمادوا في الورى كُربا
فما الحياةُ بلا موتٍ ولا تعبٍ = إلاّ سرابَ فلاةٍ تجتدي سُحُبا
إنّي عهِدتُ صروحَ المجدِ قاسيةً = لكنَّ مَن كسبوا مجدًا مضوا شُهُبا