خبَّأتُ في رِمْشِ العيونِ حَبيبي=وَجَعلتُ منه إلى العيونِ طبيبي
فتكحَّلتْ فيهِ الجفونُ وصافحتْ=ألَقَ البَهاءِ وَرَوْعةَ المَطلوبِ
فإذا نظرتُ فإنَّني بعيونهِ=أنا ناظرٌ وبسِحرِهِ المَسْكوبِ
وإذا سمِعتُ فإنَّ ذاكَ بسَمعهِ=والوَقْرُ بي في غيرِ ذا ونصيبي
قدْ حلَّني مُتربِّعًا في خافِقي=واحتلَّ شَرياني وَخَطْوَ دروبي
وانسابَ يسري في جميعِ جوانِحي=مِثْلَ الشَّمولِ لها خفِيُّ دَبيبِ
فتلهَّبَ القلبُ المُضمَّخُ بالجَوى=شبَّتْ بهِ النِّيرانُ أيَّ شُبوبِ
وامتدَّ يغزو كلَّ أوْرِدَةِ الهَوى= غزْوَ السَّليطِ على حِمى المَغلوبِ
وسَطا على الأنْفاسِ سَطوَ مُسلَّحٍ= فإذا شهَقتُ نطقتُ باسْمِ حبيبي
وغدتْ له الأفعالُ طوْعَ بَنانهِ= فامتارَ منها مِنبرًا لِخطيبِ
فإذا كتبتُ مشبِّبًا في دفتري= كانتْ إليهِ قصائدُ التَّشبيبِ
وإذا طرِبتُ لرقَّةٍ في لفظةٍ= فلأنَّها تحكي شذا المَحبوبِ
فهُوَ الأديبُ وإنَّما أنا ناقلٌ= بعضًا من التَّهذيبِ والتَّأديبِ
وَهُوَ الأريبُ وإنَّما أنا سارقٌ= من ثغرهِ سِحرًا من الأسلوبِ
يَشفي سقامي كلُّ ريحٍ طيِّبٍ= يَندى بهِ من بلْسَمٍ وطيوبِ
يا روعةَ العِشقِ السَّخيِّ إذا هَمى= مِن غيْمةٍ في العاشقينَ سَكوبِ
فالعِشقُ فيه توَحُّدٌ وتجَدُّدٌ= ما كان يَفنى في نقاءِ قلوبِ