ربِّ سقيا بشارةٍ ، فالروابي =واجماتٌ لطولِ نأيِ السَّحابِ
لاكها الهجرُ ، والهجيرُ طواها =في ثنايا كآبةٍ واغترابِ
وافترار الأفنانِ عن ثمرِ المجدِ = تلوَّى على شجونِ التَّبابِ
قتلَ الحزنُ فرحةً ماقَلَتْها = ذاتَ يومٍ مباسمُ الأرطابِ
لستُ أبكي على الطلولِ ولكنْ = جئتُ أستسقي بارئي لشعابي
ماتناءتْ عن المكارهِ هزَّتْ = جانبيْها بالجدبِ والأتعابِ
وتلاشت دون العلاءِ خطاها = بمتاهاتِ وهنِها والتَّغابي
لايرى الفجرَ قاعدٌ خلفَ شكوى = دفنَ الليلُ وجهَها في الترابِ
فاستثيري يا أمتي أرجَ الفتحِ = وشمِّي من عاطرِ الأطيابِ
وأعيدي امتلاكَ ناصيةِ الفخرِ = على سرجِ عزمِك الجوَّابِ
ما تلكأتِ قبلَها في بيانٍ = أو تلعثمتِ خيفةً من جوابِ
أو شكاكِ التاريخُ في غدواتٍ = أو تعثرْتِ دونَها بسرابِ
وجهُك الأبيضُ السموحُ أمانٌ = ما اكفهرتْ به رؤى الأحقابِ
والليالي وأنتِ أغلى نشيدٍ = ردَّدتْه شفاهُها بانتيابِ
والمغاني والمعصراتُ سقتْها = من حنايا مدرارِها المنسابِ
فربتْ والمآثرُ الزُّهرُ بشَّتْ = في بساتين صاحبِ المحرابِ
وتدلَّتْ قطوفُها في التآخي = لبني الأرضِ ، والسَّجايا العِذابِ
وتراءيتِ فيصلا في حقوقٍ = مزَّقتْها أنيابُ تلك الذئابِ
فأقيمي للناسِ ميزانَ عدلٍ = إذْ تناءى ميزانُهم عن صوابِ
ملأَ الحقدُ كِفَّةً ، وعلى الأخرى = فسادُ انتكاسةِ الألبابِ
والحضاراتُ فيه طالعُها الشُّؤمُ = عليه من حيرةٍ واكتئابِ
فاستردِّي مكانَك اليومَ واسعَيْ = بمُحَيَّـا نضارةِ الآدابِ
لاتهابي ، فللعدوِّ انكسارٌ = ولذي الجَورِ جولةٌ في الخرابِ
يتردَّى عُتُوُّهم رغمَ مافي = عاصفاتِ البغضاءِ من إدآبِ
فتعاليْ واستسقِ ربَّك فتحًا = فوقَ أزكى صعيدِ هذا الوِثابِ
لتريْ فضلَه العميمَ تجلَّى = في جِفانٍ ثجَّاجةٍ و خوابي
من عطايا هناءةٍ لشعوبٍ = ورحيلٍ لوطأةِ الأوصابِ
لكِ يا أمَّتي مواعيدُ حقٍّ = فاطلبيها باللهِ من خيرِ بابِ
وانفضي الغُمَّةَ الثَّقيلةَ يُشرقْ = ألقٌ في الدجى على الأهدابِ
ولكِ السُّقيا طبتِ فيها حقولا = خالياتٍ من لوثةِ الأوشابِ