ماغرَّنا الزَّيفُ المعربدُ والقشورْ = أو جرَّنا لقبيحِ عشرتِه الغرورْ
ظهرَ الفسادُ ، وعاث بالنَّاسِ الهوى = واستنسرَ العصفورُ والفرخُ الصغيرْ
والخَلقُ بينَ مُغَرَّرٍ بشعورِه = والآخر الأعمى تعلَّقَ بالنَّقيرْ
والآخرُ الدَّجالُ يحمي منكَرًا = وكأنَّه لم يَدْرِ عاقبةَ الأمورْ
لايعرفُ الإيمانَ منحازًا إلى = نزواتِه ، وتراه منتفشًا فخورْ
هذا زمانُ الغيِّ لايبكي على = موتِ الفضائلِ والمآثرِ والشعورْ
أو إنَّه الزمنُ الذي ولَّى بما = أدماهُ من سوءاتِهم سيفُ الشرورْ
حتَّى تغنَّى يومَها حالُ الفتى = ذاكَ الذي خَبَرَ العزيمةَ والفتورْ !!
إني أنستُ بوحدتي ولزمتُها = فالعيشُ طابَ ، وقد صفا عندي السرورْ
ولقد كُفيتُ مجالسَ الأشرارِ إذْ = أمسيتُ حُــرًّا لاأُزارُ ولا أزورْ
إنَّ الزمانَ مؤدِّبٌ ومعلمٌ = وكأنَّه في نصحِه الشيخُ الوقورْ
إني أعيشُ ، ولستُ أسألُ هل أتتْ = أجنادُهم تترى ، وهل ركبَ الأميرْ
مالي وللشرِّ المؤجَّجِ في الورى = وبإذنِ مَن ، ولمَن مواكبُهم تسيرْ
لا العروةُ الوثقى تضمُّ جموعَهم = أبدًا ، ولا الوحيُ المقدسُ والبشيرْ
أَوَ تُنكرُ الشُّبهاتُ في أعمالهم ؟ = أم يُنكرُ الحقُّ المبينُ ولا نثورْ !
كم من فتىً لبسَ التُّقى ثوبًـا ولم = يردعْـهُ عن فعلِ القبائحِ والنَّكيرْ ؟
فتراهُ يمعنُ في المساوئِ ، إنَّه = ذاك الدنيءُ لكلِّ مهزلةٍ سفيرْ
يقتاتُ من مالٍ حرامٍ ، إنَّه = لايستحي اوَّاهُ من ربٍّ قديرْ
والفضلُ للرفقاءِ مانصحوا ولا = في وجهِه قد كشَّر الوجهُ الطهورْ !
فالعجزُ عن إدراكِ مَحمَدةٍ له = ألفاهُ مركبَ مَن تقاذفه الثُّبورْ
ماحاز من دنياهُ من فضلٍ ولا = أدناهُ للقيمِ الكريمةِ من بُكُورْ
هو صورةُ الجيلِ المخدَّرِ بالهوى = حيرانَ يحفلُ بالتفاهةِ لايخورْ
ويصدُّ عن وحيِ السماءِ كأنَّه = يخشى النِّداءَ العَذْبَ في الصبحِ المنيرْ
ياويلَ مجتمعٍ تغشَّاهُ الأذى = فإلى مفاوزِه برعدتِه يحورْ
مستسلمًا للفاسقين ، وغيِّ مَنْ = ربَّاهُ إبليسُ اللعينُ على الفجورْ
أبكي على قومي ، وقلبي في اللظى = يخشى على أجيالِه سوءَ المصيرْ
ومن النوازلِ أضرمتْ نيرانُها = والنَّاسُ ذاقوا كأسَها المـرَّ المريرْ
لكنَّ صوتَ الغيبِ أحيا مهجةً = كادتْ تموتُ من المصائبِ في العصورْ
بل قُلْ أتى للأمَّةِ الثكلى ضحىً = نورُ النُّبوَّةِ والبشارةِ والحبورْ
فهوتْ يداها تنزعُ الأكفانَ عن = روحِ اليقينِ بربِّها الأعلى الغفورْ
ونضتْ ثيابَ العارِ لم تحفلْ بما = في لجَّةِ الطاغين من ظلمٍ وجورْ
هبَّت على اسمِ اللهِ رغمَ مرارةِ ... = ... الأوجاعِ في الجسدِ الجريحِ من القبورْ
ترنو إلى الجبَّارِ مولاها الذي = قد أنزلَ الفرقانَ والوعدَ الأثيرْ
وترتلُ الآياتِ تسكبُ نورَها = في صدرِ قارئِها الفتى البطلِ الهصورْ
وتدورُ أيامُ الزمانِ ، ولم يجدْ = أهلُ الحِجَى منجىً سوى بابِ القديرْ
ياقوم ثوبوا إنَّها النفحاتُ قد = عادتْ سكينتُها إلى القلبِ الطهورْ
أنا مائيستُ ولا انحنيْتُ لظالمٍ = أو ظلمةٍ ، أو شلَّ معتقدي الفتورْ
أنا مسلمٌ ، فأنا الربيعُ الطلقُ للدنيا ... = ... التي قد سامها العصفُ النكيرْ
هيهاتَ أُذعنُ للنوازلِ أمطرتْ = قومي وأرضي بالأسى الأعمى العسيرْ
هيهاتَ ! فالغابُ المعربدُ راحلٌ = بالذئبِ يعوي اليومَ والكلبِ العقورْ
وتلوحُ في الفجرِ الوضيءِ كتائبُ ... = ... الإسلامِ تقرأُ خطبةَ الفصلِ الأخيرْ