( قرآن كريم ــــ الزخرف 24 )
محمد سالم التميمي
وجدتُم كيف قد هاجَ الغمارُ = فللآفاق في الدنيا اعتكارُ
وأبصرتُـم مآثمَكم سيولا = وللآفاتِ بينكُــمُ انتشــارُ
وعجَّتْ في مرابعكم مخازٍ = وسادَ الوهْنُ فالعارُ : الدِّثارُ
وَسَمْتُ وجوهكم ياناسُ تبًّــا = و واأسفاهُ : سمتٌ مستعارُ !
أأنتم مَن أرادكُـمُ إلهي = هُـداةَ الخلقِ في يدكم منــارُ !
أأنتم أهلُ تاريخٍ تجلَّى = بمجــدٍ في الوجودِ له انبهـارُ !
أأنتم مَن ورثتُـم ذي المثاني = فزال الليلُ وانكشفَ النَّهـارُ !
لأمتِكم مزايا لاتُجـارَى = بها الإيثارُ يُضربُ والجِــوارُ
أتاها يوم تاهتْ نورُ وحيٍ = فللظلمات نأيٌ واندثارُ
ولم تبق المغاني مظلماتٍ = وولَّت حين جمَّلها اعتبارُ
وفوَّحت الشِّعابُ بخير طيبٍ =وفي وقت الضُّحى عبقَ العرارُ
تبارك ربُّنا الأعلى رعاها = فلم يلحقْ مباهجَها انكسارُ
شكى من قبل أهلوها عنــاءً = فآواهم لِمــا يُرجَى انتظارُ
وأوحشَ غيرَها ليلُ الرزايا = و والاهم هوانٌ واحتقـارُ
فصفحةُ ماجنوهُ من المعاصي = طواها فبل يوم الحشرِ عــارُ
وفـرْقٌ بين مَن يرجو ثوابًـا = ومَن لفساده اتسعَ التَّبارُ
أطاع المسرفين وقد تنادوا = إلى لهوٍ لياليهِ قِصـارُ
هـمُ السفهاءُ ما آبوا لدينٍ = لهـم في ظلِّه الأسمى فخــارُ
وعاشوها نفوسا مترفاتٍ = عصاةً لــم يغادرْهم شنارُ
كأنْ لم يعلموا أنَّ المنايا = ختامٌ ليس ينفعُه اعتذارُ
ولا يرضى الدنايا غيرُ خِبٍّ = لئيمُ الطبعِ عاجلَه البــوارُ
أتتهُ هدايةٌ فأبى قبولا = وأعمى قلبَه عنها اغترارُ
وعاش وهل سينفعُه التعالي = فللمتكبرين : الويلُ دارُ
وعاشَ ولم يفكرْ في مـآلٍ = وإن جحدَ الصغارُ أو الكبارُ
وإنْ بالفسقِ طابورٌ تمادى = وطابورٌ يجرُهُـمُ حمـارُ
وآخرُ للحقائقِ لايراهـا = سوى وهـمٍ يجللُه الغبـارُ !
فيهدمُ رنَها العالي ، ولكنْ = على جثمانـه سقط الجدارُ
يلوبُ المجرمون لحربِ دينٍ = أتاهم منقذًا ولهـم سُــعارُ
ولكنْ ظنُّهم قد خابَ لمَّـا = على خسرانهم كان المدارُ !
ومَن وافى لحربِ الله وافى = نهايتَـه تولاهـا انتحــارُ
فغابَ عن الكبائرِ في عذابٍ = وعاثَ بإرثِ خستِه الدمارُ
وكانت نحوه الأهواءُ تجري = كشلالٍ جرى وله انهمـارُ
فذاق بها مرارتها وكانت = ليالٍ ليس يدركها المرارُ
فهل أجدى من الإسلام نهجا = لأهل الأرضِ آذاهـم عِثـارُ
وسُنَّة خير خلق الله فاحت = فمن أطيابها ذا الجُلنارُ
فدونك فاتخـذْ لغدٍ مـآلا = فإمَّــا جنَّـةٌ أو ويــكَ نــارُ