وقضى ولم يعبأْ به أحدٌ وولَّى . = . مثل كلبٍ في التبابِ مُهانِ
الخاسرون هم الطغاةُ فليس من = سندٍ لهم يُرجَى ولا أعوانِ
ضجَّتْ بصدري صحوةُ الإيمانِ = ويقينُ قلبي بالهدى الرباني
وعقيدتي آلتْ عليَّ بأن أرى = وجهَ الهدى في سُنَّةٍ و مثاني
وأردَّ ما في الفلسفاتِ تهافتتْ = وهُراءِ مافي جعبةِ الخسرانِ
وأقولَ للناسِ الذي تقاعسوا = عن نصرةٍ لِنَبِيِّنَا العدناني
هذا رسولُ اللهِ جاءَ مبشِّرًا = للمؤمنينَ بِنُصرةِ الرحمنِ
ومحذِّرًا أهلَ الضَّلالِ فقد نهى = عن أن تعودَ عبادةُ الأوثانِ
فاذكرْ نَبِيَّكَ بالصلاةِ وبالثنا = فعليه صلَّى بارئُ الأكوانِ
وملائكُ الرحمنِ صلَّتْ مثلما = وردتْ بوحيٍ جاءَ في الفرقانِ
فهو الحبيبُ المُجتَبَى وهو الذي = هلَّت مآثرُه بكلِّ لسانِ
وهو الذي ربُّ الأنامِ أعزَّه = وأنالَه من فضلِه المزدانِ
رفعَ المهيمنُ قَدْرَه بين الورى = فعلاهُ أعلى من مدى كيوانِ
جلَّ الذي أدناهُ في قُربٍ فلم = يدركْهُ إنسٌ في الورى أو جانِ
فهو الوسيلةُ للنجاةِ ولم تكنْ = لسِواهُ يومَ الحشرِ والميزانِ
ومقامُه المحمودُ يشهدُ أنَّه = خيرُ الورى فهو العظيمُ الشَّانِ
وهو الذي خَتَمَ النُّبُوَّةَ دينُه = وأنار بالإسلامِ كلَّ مكانِ
فالدِّينُ عند اللهِ دينُ مُحَمَّدٍ = وسِواهُ لا يُرضَى كدينٍ ثانِ
والأنبياءُ جميعُهم قد بشَّروا = بمجيئه في آخرِ الأزمانِ
والمعجزاتُ وقد تهاوى دونها = كِبْرُ الطغاةِ وخيبةُ الكُهَّانِ
وعظيمُها وجليلُها كانا له = سندًا لصدقِ القولِ والبرهانِ
فَوَعَتْ قلوبُ المؤمنينَ وصدَّقتْ = بِنُبُوَّةِ الهادي بغيرِ توانِ
وتنكرتْ للحقِّ أفئدةٌ غوتْ = فمآلُها في الحشرِ للنيرانِ
وهو الحريصُ على هدايتهم وكم = عانى لأجلِ هدايةِ العربانِ
فاذكرْ أبا لهبٍ وكم آذى الذي = قد جاءَ ينقذُه من الخذلانِ !
لكنَّ كِبرَ المرءِ يحجبُه فلم = يعلمْ قبيحَ مكائدِ الشيطانِ !
إنَّ الرسولَ له مكانتُه فهل = علمتْ بذلك زمرةُ الشيطانِ !
والناسُ في الدنيا على أجناسِهم = خفُّوا لدعوته بكلِّ زمانِ
وغدا بيوم الحشرِ لاتُلفَى سِوى = أوفى محامدِه لدى الرحمنِ
حيثُ الشفاعةُ نالها خيرُ الورى = للخلقِ فاهجرْ زائفَ التيجانِ
وله جِنانُ الخلد يُفتَحُ بابُها = بابُ اليمينِ لأُمَّةِ القرآنِ
قد خُصَّ هذا البابُ يابشرى لها = وسِواهُ يدخلُه بنو الإيمانِ
من كلِّ أجناسِ الشعوبِ ومَن أتى = بحقائقِ التوحيدِ للديَّانِ
فالحُبُّ كلُّ الحبِّ كان لِمَن دعا = للهِ في سرٍّ وفي إعلانِ
لِمُحَمَّدِ المختارِ مَن زكَّى لهم = تلك القلوبَ بِسُنَّةٍ وَمَثَانِ
أعلى بنورِهما الرسالةَ فازدهتْ = قيمُ الحياةِ بجنَّةِ اطمئنانِ
فظلالُها للناسِ فيها أمنُهم = للجائعِ المحتاجِ والظمآنِ
ولكلِّ مَن ألفى المعيشةَ مُرَّةً = إذ رامَ فيضَ نعيمِها الهتانِ
ولقد أتى أهلَ البريةِ منذرًا = ومبشرًا بالفضلِ والإحسانِ
واسمُ النبيِّ مع اسْمِ مولاهُ الذي = برأ الوجودَ بإنسه والجانِ
وهي الشهادةُ للمهيمن وحدَه = ما من شريكٍ أو إلهٍ ثانٍِ
ثاني مكانتِها فباسمِ مُحَمَّدٍ = كانت بكلِّ إقامةٍ و أذانِ
وكلامُه والفعلُ أو تقريرُه = وحيٌ له يوحَى بكلِّ أوانِ
شرحَ الإلهُ له بنورٍ صدرَه = وأراهُ من آياتِه بمكانِ
في رحلةِ الإسراء والمعراجِ لا = بصرٌ طغى أو زاغت العينانِ
فمقامُ قَدْرِ نَبِيِّنَا عالٍ ولم = يُدْرِكْهُ ذو علمٍ ولا عرفانِ
وله الكمالُ وباسْمِه الأمثالُ تضربُ . = . للخصالِ على مدى الأزمانِ
مَن يَتَّقِ الرحمنَ يُدركْ مخرجًا = في ظلمةِ الحسراتِ والشَّنآنِ
يسعى إلى الميدانِ يملأُ قلبَه = نورُ اليقينِ بنُصرةِ الديَّانِ
وهي الفيالقُ في ميادين الهدى = ما أذعنتْ للبغيِ والأضغانِ
أو راعها ما للحضارةِ من يدٍ = ملعونةٍ لمُراوغٍ و جبانِ !
ولعلَّ أهلِ الشَّرِّ في شرٍّ لهم = بجحيمه المسعورِ يلتقيانِ
هم صنَّعوها للدمار وللأذى = وهلاكِ ما في الأرضِ للإنسانِ
لكنَّهم غفلوا بأنَّ لكونِنا = ربًّا بصيرًا قادرًا ذا شأنِ
خضعتْ جبابرةُ الطغاةِ لحكمه = واستسلمَ الفرعونُ في الأكفانِ
كم من أثيمٍ في الحياةِ تمرَّدَتْ = كفَّاهُ في لهوٍ وفي طغيانِ !!!
وكم اشمخرَّ ببأسِه لم يلتفتْ = ليدِ الحِمامِ رمتْه في الشريانِ
وهي العواقبُ أخبرتْ قومًا أتوا = بعدَ الهلاكِ وقصةِ الطوفانِ
أو بعدما اندحرتْ ثمودُ وأختُها = عادٌ وَزِدْ ببقيةِ الأخدانِ
وبكلِّ عصرٍ آيةٌ لأُولي النُّهى = عمَّا أصابَتْ عابدي الأوثانِ
ولئنْ أردتَ لِمَنْ مضوا أخبارَهم = فاسألْ بقايا صحبةِ الندمانِ
تسمعْ روايةَ مَن رأى فتلعثمَتْ = شفتاهُ من هولٍ رأى وهوانِ
والمترفُ الختَّارُ قد ينسى ولا = ينسى الحفيُّ مقالةَ الركبانِ
واسمعْ . ولا تسمعْ لصوتِ مغفَّلٍ = صوتِ الفحيحِ أتى من الثعبانِ
أيُحاربون اللهَ جلَّ جلالُه = يابؤسَ هذا الرأيِ في الأذهانِ
لن يُغلبَ الديَّانُ حاشا إنه = نادى لرحمتِه بني الإنسانِ
لكنَّ بعضَ الناسِ أغراهم هوى = وأضلَّهم شرُّ العمى الشيطاني
فالدِّينُ فيءُ سعادةٍ أبديةٍ = أزليَّةٍ والصِّدقُ في الإيمانِ
بالدِّينِ تبتهجُ القلوبُ وتنتشي = ويطيبُ بوحُ الزهرِ في الأفنانِ
وبه يعيشُ الناسُ يرعى بعضُهم = بعضًا فنعمَ الدِّينُ في البلدانِ
قيمٌ لنا في ديننا لاتنطوي = آثارُها بمناهجِ التحنانِ
يُرجى بها الخيرُ الوفيرُ لِمَنْ سعى = واختارَ مغنى شذوِ ظلٍّ حانِ
إنَّا لنسألُ ربَّنا ألاَّ نرى = سوءَ المآلِ و وحشةَ الأوطانِ
إنَّ المكانةَ للشريعةِ خيرُها = لما يزلْ في بيئةِ الرضوانِ
مَن لاذَ بالرحمنِ لم يدركْهُ ما = قد يدركُ الإنسانَ في الحدثانِ
فلها التألُّقُ في مداراتِ العلى = ولها النِّداءُ العَذْبُ في الآذانِ
وبها لأهلِ الأرضِ ما لم يعلموا = من جودِ خيرٍ غامرٍ ريَّانِ
ولنهضةٍ ميمونةٍ ما شابها = من بغيِ طاغيةٍ وجَورِ جبانِ
تسقي الربوعَ الخاوياتِ فتزدهي = بركاتُها بأطايبِ البستانِ
وكأنها للأرضِ غيدقُها الذي = لم يرضَ للفلواتِ بالحرمانِ
إسلامُنا لطريقِ عزَّتِنا أتى = ما ضاقَ أرحبُه على الفرسانِ
وبه نرى حقلَ المآثرِ مثمرًا = في روضةٍ لشعوبِنا وجِنانِ
واللهُ باركه وبارك أهلَه = أهلَ النَّدى والفضلِ والإحسانِ
وهي المسراتُ الأثيرةُ للورى = إنْ شاءَ بارئُنا مدى الأعنانِ
بالدِّينِ يأتينا الهناءُ : رخيُّه = يُزجَى فعشْ للهِ بالشُّكرانِ
ولَّى الظلامُ وأشرقتْ أرجاؤُها = بضياءِ وجهِ نهارِها المزدانِ
وهي الليالي المقمراتُ فلا أسىً = يكوي قلوبَ الناسِ بالأشجانِ
بشرى لأُمتنا وإن طالَ المدى = فالفتحُ هلَّ ففُكَّ قيدَ العاني
والحقُّ بالتمكينِ ليس لظالمٍ = أو مجرمٍ أو حاقدٍ أو جانِ
لكنَّه للركبِ حفَّزَه التُّقَى = وأثارَه ما جاءَ في القرآنِ
حُفِظَتْ مناقبُه لدى أهلِ النُّهى = بالرغمِ من شجوٍ على سُلوانِ
وهي العهودُ المؤثَراتُ فلم أجدْ = إلا وثيقةَ فضلِها المرنانِ
قد جاءَ بالبشرى الحديثُ فرَدَّ لي = ما كان من نورٍ على أجفاني
وهي المشاعرُ أيقظتْها نفحةٌ = مَدَنِيَّةٌ من روضةِ العدناني
فتبددتْ سحبُ الأسى وتناثرتْ = بينَ الهباءِ وساوسُ الشيطانِ
صلَّى عليه اللهُ في عليائه = وحبا أهالي التَّوْبِ بالرضوانِ
ووجدتُ نفسي في مغاني حبِّه = بربيعيَ المخضوضرِ الفينانِ
ولأُمَّتي في الأرضِ عاقبةُ التُّقى = ولها تكونُ رعايةُ الرحمنِ
فيها رجالٌ مؤمنون بربِّهم = وذواتُ ما للطُّهرِ في الديوانِ
هُنَّ اعتنقْنَ شريعةَ الهادي وقد = آثرْنَ ما في الدِّينِ من ريعانِ
مهما ادلهمَ الخطبُ في دنياهم = وعلا ضجيجُ الشَّرِّ والعدوانِ
فبضائعُ الشيطانِ في أوكارِها = كسدتْ وباءَ السُّوقُ بالخسرانِ
واليأسُ باتَ مقيَّدًا ما عاثَ في = قيمِ اليقينِ بمُنزلِ القرآنِ
فالملك كان ولم يزلْ للهِ لا = لقُوى الهوى المفلوتةِ الأرسانِ
للهِ كيف وجدتها فمآلُها = أبدًا لربِّ العرشِ في الأزمانِ
هَبْنِي أرى طغيانَهم في أمتي = وأرى النكالَ بأُمَّةِ الفرقانِ
لا أنثني وأعودُ قيْدَ القهقرى = مستسلمًا لمذلَّةٍ و هوانِ
فعُتُوُّهم طلبًا لنصرٍ يُرتَجَى = يحتاجُ ياهذا إلى برهانِ
وعقولُهم رحلتْ لطيشٍ غرَّهم = كرحيلِ مَن رحلوا بلا أظعانِ
أعمتْهُمُ الدنيا وزخرُفُها طغى = وجرى الهُراءُ بريبِ كلِّ لسانِ
مَن حاربَ الدينَ الحنيفَ فإنَّه = خسرَ الرهانَ وباءَ بالحرمانِ