*إضاءة :
تضايق وقد بشروه بمولودته الثالثة ، واكفهر وجهُه وثقُل لسانُه ، فلم يحمد الله على سلامة زوجته ومولودتها الجديدة ، وكأنه ... بل إنه خرج عن محيط عقيدته كمسلم إذا رُزق ببنات ، وقد ذكَّره الحاضرون بفضل تربية البنات على القيم الإسلامية ، ورعايتهن والقيام بحقوقهن التي أوجبها الله عليه وعلى كل مسلم . ليكُنَّ مثالا للسمو والعفاف والحشمة ، ويبعدهن عن السفور وأسباب الفجور والتبرج الذي هو صناعة شياطين الإنس والجن . ورعاية البنات ليست في قضايا الطعام واللباس وإنما في التربية الصالحة وخصوصا في مثل هذا الزمن الذي يزخرُ فيه طوفانُ الخلاعة والميوعة والاستهتار بقيم الدين الحنيف . وتناول الإخوة أطراف الحديث مع صاحبنا هذا ، فمن قائل له : إن نبينا صلى الله عليه وسلم أعلى من قيمة تربية البنات ومنزلتها ، وحسب مَن رزفه الله البنات فأحسن تربيتهن أن يدخل الجنة بجانبه صلى الله عليه وسلم ، ومن الجالسين أخ آخر ذكَّره بالحديث الذي رواه أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَنْ عال جارتين (بنتين) حتى تبلغا، جاء يوم القيامة أنا وهو وضم أصابعه) رواه مسلم. وإذا بأخ ثالث يذكر ماورد عن الصِّديقة بنت الصديق رضي الله عنها حيث قالت : (دخلتْ امرأةٌ فقيرة معها ابنتانِ، فلم تجدْ عندي شيئًا غيرَ تمرةٍ، فأَعطيتُهَا إيَّاها، فَقَسَمَتْهَا بينَ ابنتيْها ولم تأكُلْ منها، ثم قامتْ فخرجتْ، وبعدها دخلَ النبي صل الله عليه وسلم علينا فأخبرته، فقال: من ابْتُلِي من هذهِ البناتِ بشيٍء كُنَّ لهُ سِترًا من النار) رواه البخاري. فقال أخ رابع ابنتك هذه سترد عنك عذاب النار . فتبسم صاحبُنا والد المولودة ابتسامة تُنبئ عن نفس اطمأنت لِمـا رزق الله ، فأتبع الأخ الخامس القول بحديث عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: (مَن عال ابنتينِ أو ثلاثًا، أو أختينِ أو ثلاثًا، حتَّى يَبِنَّ (ومعناها حتى يبتعدان عن والديهم إما بالتزويج أو الموت)، كُنْتُ أنا وهو في الجنَّةِ كهاتينِ وأشار بأُصبُعِه الوسطى والَّتي تليها) رواه ابن ماجه . ثم قال هذا الأخ : وجبت عليك ( العقيقة ) ، وشهادة هذا الأخ إجازة في علم الحديث من جامعة الأزهر الشريف . حيث تابع كلامه في تلك الجلسة المباركة حول رواية الحديث النبوي وعمق البحث ، والجهود التي بُذلت للحفاظ على سُنة رسول الله صلى الله عليه وسلم . وختم حديثه بحديث نبوي عن عقبة بن عامر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (مَنْ كان له ثلاث بنات فصبَرَ علَيْهِنَّ، وأطعَمَهُنَّ وسقاهُنّ، وكساهُنَّ مِنْ جِدَتِهِ (أي يعني من ماله وطاقته بما قدر الله سبحانه وتعالى له)، كُنَّ لَهُ حجاباً مِن النارِ يومَ القيامة). وفي حديث آخر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (مَن عال ابنتينِ أو ثلاثًا، أو أختينِ أو ثلاثًا حتَّى يَبِنَّ أو يموتَ عنهنَّ كُنْتُ أنا وهو في الجنَّةِ كهاتينِ وأشار بأُصبُعِه الوسطى والَّتي تليها) . وقام الإخوة بتهنئة الأخ والد المولودة ، والدعاء له بما ورد في مثل هذه المناسبة .
ولا يرضى الحضارةَ ألبسوها ثيابَ الفُحشِ كُفرًا بالشِّياتِ :
حذاري فالرجولةُ في الثباتِ = إذا رجعتْ لتربيةِ البناتِ !
بناتُك هـنَّ للجنَّاتِ بابٌ = إذا أحسنت تربيةَ اللواتي
فهُـنَّ الوفدُ للرحمن يُرجَى = بهنَّ الأجرُ من بعـدِ المماتِ
فأكرمْهُنَّ بالخُلُقِ المصفَّى = يعشْنَ مـع البناتِ الفاضلاتِ
ولا تضجرْ فإنَّ الله يوفي = ثواب المتَّقي في الصَّالحاتِ
ولا تقعدْ لهُنَّ بسوءِ فعـلٍ = ولا تُهْمِلْ فيومُ اللهِ آتِ
فبيتُك بالمودةِ لا التَّجافي = ترفُّ عليه أجنحةُ الأناةِ
وتنعمُ بالمآثرِ طيباتٍ = وعطفٍ في الأُبُوةِ والصِّلاتِ
ومَن هذا الذي يرضى هوانا = لبنتٍ من شقاءٍ أو أذاةِ !
أبوها والرجولةُ أن تراهـا = بأثواب الكرامةِ والهباتِ
فإن كبرت وجاءك خاطبوها = فأكرمْها بأصحاب الصَّلاةِ
ولا تطمعْ بمال أو بجاهٍ = إذا ما كان من قومٍ عُصاةِ
فربُك لايبارك بالدنايا = إذا بيعتْ بسوقِ الفاسداتِ
ويسِّرْ أمرَهُنَّ إلى زواجٍ = يجدْنَ به أمانَ المؤمناتِ
فللفتياتِ ياهذا شعورٌ = فلا تصرمْ سبيلَ الآملاتِ
وما في المهرِ خيرٌ إن تناءى = عن القَدْرِ المناسبِ للحياةِ
فسُنَّةُ خيرِ خلقِ الله فيهـا = وربِّك كلُّ أسبابِ النجاةِ
وفي التأخير للفتياتِ هَــمٌّ = ومدخلُ فتنةٍ للعابثاتِ
وفي صمتِ العنوسةِ شرُّ داءٍ = وليس يردُّه طولُ الشكاةِ
أترضى أن ترى في سوءِ حالٍ = بناتَكَ في دروبٍ مظلماتِ
فكنْ أسمى ، ولا تمنعْ فتاةً = لأجلِ الجاهِ أو قذرِ الفُتاتِ
فبنتُك سوف تقضي ماتبقَّى = من الأيامِ في وادي الشَّتاتِ
ستبكي أو تئنُ مدى الليالي = على ما فاتهـا كالخيِّراتِ
فأين هي الأُبُوةُ في فؤادٍ = أتبقى في دياجيرِ السُّباتِ
وأين هي الحقوق وقد طواهـا = تجاهُلُكَ المقيتُ لطُهـرِ ذاتِ
لدين الجاهلية عُدْتَ تبًّـا = وعفتَ النُّصحَ من قومٍ هُــداةِ !
حذاري فالرجولةُ ماتعدَّتْ = جميلَ الوعيِ نورَ البيِّناتِ
بناتُك يا أخا الإسلامِ فاعلمْ = أمانتُك النفيسةُ في الحيـاةِ
فَصُنْها من نوازل مهلكاتٍ = ومن عبثِ الأسافلِ والجناةِ
ألم تعلمْ بأنَّ الجيلَ يسمو = بتربيةٍ زَكَتْ للأُمهـاتِ
وأنَّ الجيلَ تُكسبُه المعالي = حكاياتِ العهودِ الفاضلاتِ
وخلَّدَ قولَ خنساءٍ فأهدتْ = لفلذةِ كبْدِها حُلوَ الصفاتِ
أتخشى السَّلخَ بعدَ الذَّبحِ لا. لا = فَخُضْها دون تأديبِ الجناةِ
وللخنساءِ موقفُها تجلَّى = بنهجٍ في البطولةِ للحُـماةِ
وسائِلْ صفحةَ التاريخِ تُخْبِرْ = مآثرُها عن المتفقهـاتِ
شكَرْنَ اللهَ أنْ جاوزنَ قَدْرًا = من القيمِ الرفيعةِ مُنجَزاتِ
نساءُ المسلمين ينَلْنَ منهـا = من الدرجاتِ في كتبِ الثقاتِ
وعِشْنَ الرُّشْدَ في أغلى السَّجايا = وكُـنَّ العابداتِ القانتاتِ
ألا فانْظرْ إلى عصرٍ بغيضٍ = لِمــا فيهِ من النَّتَنِ المواتي !
ألم تُبصِرْ نساءَ العصر عطلا = ولكنْ من نفيسِ المكرماتِ !
و واأسفي على دنيا نساءٍ = يراهُـنَّ المُغَرَّرُ عارياتِ !
ويعشقْنَ الدعارةَ والمخازي = بهذا الفنِّ شُغْل الراقصاتِ
وتزدحـم الملاهي والمقاهي = بهنَّ فليس من مُتَخَفِّرَاتِ
وزاولْنَ الرياضةَ عابثاتٍ = رخيصاتٍ وكُـنَّ الغالياتِ
هتكْنَ السِّترَ أعطاهُنَّ ربِّي = ومِلْنَ عن الهُدى والبيِّناتِ
وإنَّـك إنْ نصحتَ سمعتَ قولا = يذيبُ القلبِ من بعضِ البناتِ
وأما السِّينَما والشَّرُّ فيهـا = يفوقُ تَوَقُّعَ القومِ الجُناةِ
رياضتُهم تصولُ وسينماهم = فقد صنعوهما للمنكراتِ
وأصبحت المكانةُ للَّـواتي = يَجُلْنَ اليومَ في سوق العُـراةِ
زعيمٌ في المفاسد لايُجارَى = وأخرى حـوله في العربداتِ
وأخرى كوكبٌ للشرق تشدو = وثالثةٌ تَـبزُّ اللاعبـاتِ
ألم تسمعْ أخي عنهُنَّ مـا لا = يجولُ بخاطِـر المتأدباتِ
ففتنةُ عصرِنا هذا نساءٌ = ومـالٌ تحت أيدي المسرفاتِ
وأخبرنا النَّبيُّ بكلِّ هـذا = بأسفارِ البخاري والرواةِ
فهـلا عُدْت ياهذا لـوعيٍ = يزيلُ غشاوةً للمبصراتِ
فعينٌ لاترى شرًّا مباحًـا = فقد عميتْ بزيفِ التُّرهاتِ
فجَدِّدْ مـا بقلبك من يقينٍ = بربِّ الخَلْقِ تظفَرْ بالنَّجاةِ
وَعُــدْ للهِ عبدًا لا يُماري = ولا يرضى صنوفَ المنكراتِ
فإنَّ علامةَ التوحيدِ بانتْ = بمـا قـد جاءنا من معجزاتِ
وإنَّ رسالةَ الإسلامِ حــقٌّ = لإنقاذِ الأنامِ من الشتاتِ
ومن أهوالِ يوم البعثِ غابتْ = على أهلِ التَّبجُحِ والبغاةِ
ففي نورِ المثاني ما نُرَجِّـي = زوالَ يّدَيْ ليالٍ داجياتِ
وزَهْوُ السُّنَّةِ الغراءِ زادٌ = لأصحابِ القلوبِ الطاهراتِ
فما احتاجَ التَّقيُّ إلى عقولٍ = لأهـل الغـيِّ أبناءِ الغُـزاةِ
فهم مَن في مثالبِهم هلاكٌ = وقد فعلت كفعلِ المرهفاتِ
وساموا أمسِ أمتنا وداسوا = على قيمِ العفيفاتِ البناتِ
وراموهُنَّ للإفسادِ بابًـا = ولكنْ ردَّهم أهلُ الصَّلاةِ
فردُّوا الكيدَ في نحْرِ الأعادي = فَبَارِكْهُمْ إلهي من حُمــاةِ
فلنْ نخشى على الإسلامِ منهم = فليسوا غيرَ أشباحٍ عُصاةِ
ولن نخشى على الفتياتِ منهم = فهُـنَّ اليومَ قُمْـنَ من السُّباتِ
فلم يسمعْنَ قولا من زنيمٍ = ولم يسلكْنَ نهجَ الفاجراتِ
لهُنَّ حجابُ عـزَّتِهِنَ يبقى = وسامًا للبناتِ الخيِّراتِ
به يرفضْنَ مَن يبغي سفورًا = فَـرُدَّ الزيفُ للمسْتَنقعاتِ
نبذْنَ فجورَهـم ما كان يحظى = بمَـنْ تُصغي لوسوسةِ العصاةِ
فباركَ سعيَهُنَّ اللهُ أوصى = بهنَّ الصَّالحين من الولاةِ
فيارباهُ أهلِكْ شانئينا = وبـدِّدْ شملَهم والشَّانئاتِ