عقيدتُنا بوجهِ ضحى النهارِ = تباركُ سعيَ كوكبةِ النِّجارِ
ويأنسُ والليالي مقمراتٌ = بمربعِها الجميلِ أولو الفخارِ
لهـا ماكان من حقبٍ تولَّتْ = وما سيكونُ من قبلِ اندثارِ
هي الماءُ الفراتُ لكلِّ ظامٍ = إذا ماخافَ من وهجِ التَّبارِ
وكانت للصدورِ نسيمَ أنسٍ = إذا ضاقتْ بأيامِ البوارِ
وحاولَ ذلك الإبليسُ غدرًا = بآدمَ إذْ حَمَتْـهُ من الإسارِ
ومنها نالَ آدمُ فضلَ تَوْبٍٍ = ولم يجعلْ له أيَّ اعتبارِ
فخابَ هوى اللعينِ بها رجيما = ليوم الحشرِ مذمومَ القرارِ
تصيَّدَ في الليالي مَن تولَّى = عن النهجِ القويمِ مع الصَّغارِ
وفاز بهـا الأفاضلُ أكرمتْهم = عقيدتُنا على طولِ المـدارِ
وعاشوا في سُمُوٍّ لايُجارى = بمأوى الخُلدِ في أبهى ديارِ
وما لجنودِ إبليس التجاءٌ = سوى المأفونِ في نَتَنِ المجاري
وتلك عقيدةٌ لله تأبى = قبولَ مساوئِ القومِ الضَّواري
وقد كفروا ببارئِهم جهارا = وماروا الأنبياءَ بلا اعتذارِ
عقيدتُنـا عقيدةُ أنبياءٍ = على التوحيدِ جاءتْ والفخـارِ
مآثرُها تزيِّنُها المثاني = وشانئُها يغيبُ ولا يُماري
فكم من ظالمٍ أخزاهُ ربي = وكم من مجرمٍ وافى لِنـارِ
وللأعداءِ غاراتٌ وحقدٌ = وإجرامٌ يقومُ على ابتكارِ
وظلَّتْ دعوةُ الإسلامِ أعلى = ولم يلحقْ هُداها من شنارِ
بنضرةِ وجهِها في كلِّ عصرٍ = لأُمتِنا كنفحِ الجُلَّنـارِ
ويطوي في مدارات الليالي = صداها سوءَ ناعقةِ الصَّغارِ
وتبقى والأكاذيبُ استدارت = مهشَّمةً على قاعِ التبارِ
ويعلو صوتُها القدسيُّ ليلا = نهارا شدوَ جمهورِ انتصارِ
ويركلُ ضيمَهم منها عُلاها = ويُلبسُه الثيابَ على ازورارِ
عقيدتُنا الخلودُ لها امتدادٌ = وللحرمانِ فلسفةُ البوارِ
وليس لغيرِها في الأرضِ ذكرٌ = سوى ماكان من خبثٍ وعـارِ
ومن إيذاءِ طاغوتٍ تردَّى = بأطباقِ المهانةِ لاندثارِ
وكم من أرعنِ الآراءِ ولَّى = على الأيامِ ينبحُ باحتقارِ
وجرَّتْهُ المنايا مثل كلبٍ = تمرغَ بالتَّبابِ والانكسارِ
فبئس الوجهُ مذمومًا بدنيا = وملعونا بأخرى قيدَ نــارِ
وهاهم فتيةُ الإسلامِ هبُّوا = على متن العقيدةِ باقتدارِ
شبابٌ يفتدون الدينَ ليسوا = كأذنابِ الثعالبِ في البراري
تعالَ تــرِ المنابرَ مرعداتٍ = بصوتِ الحـقِّ في وضح النهارِ
ولم يخشوا أذى أهلِ المخازي = ومذهبَ ذا اليمينِ أو اليسارِ
غثاءُ المفلسين يزولُ لمَّـا = تهبُّ رياحُ أصحاب النِّجـارِ
فللقرآنِ أنوارٌ تجلَّتْ = فما أبقتْ أباطيلَ الغبارِ
وجاءتْ سُنَّةُ الهادي بيانًا = يبعثرُ وهمَ قانونِ ازورارِ
ففيها للأئمةِ فضلُ جهدٍ = كمسلمِ ــ في التَّمكُنِ ــ والبخاري
عليهم رحمةُ المولى جزاءً = وللسفهاءِ في وادي استعارِ
كرامٌ مُجْتَنَاهـم لايُجارى = ومَن ذا للأكابرِ قد يُجاري !
وباءَ المفلسون بسوءِ قَدْرٍ = ومَن أثنى على ذيل الحمارِ
وباتُ عدوُّهم يحثو خبالا = وأقسمَ ذئبُهم ألاَّ يُمـاري
فتلك عقيدتي يحمي حِماها = إلهُ العرشِ من نابِ الضَّواري
وهاهم جندُه في كلِّ ثَغرٍ = على أرضِ الرباطِ على انتظارِ
ويومئُ للفدا الحادي فتعلو = بتلبيةِ الصريخِ يــدُ القرارِ
وييقى للجهادِ حديثُ وُدِّ = لأهلِ الزحفِ من بعدِ اصطبارِ
صلاحُ الدين أزجاها حديثا = يطيبُ لركبِ أفذاذِ انتصارِ
فما نامت له إذ ذاك عينٌ = وعيناه على ظهرِ البِكارِ
يناغي ساعةَ الأقدارِ حانت = لجني الفتحِ من طيبِ الثمارِ
ويسقي جندَه بعد انتصارٍ = من الشَّهدِ المصفَّى في الجِرارِ
فهل بخلَ الزمانُ بمثلِ صيدٍ = جناهُم كان من طيبِ الثمارِ !
ويأتي غوثُ ربي في انجلاءٍ = لسوءٍ عاثَ في أغلى الديارِ
وتبتهجُ الحواضرُ والبوادي = فَمَن ذا للشريعةِ قد يُجاري !
كفاكم يابني إبليس بغيًا = فلم يطــوِ الدجى وجهَ النهارِ